صحافة دولية

واشنطن بوست: هكذا يتجلى نفاق واشنطن تجاه الرياض

الصحيفة قالت إن الإدارة الأمريكية تنافق السعودية في انتهاك الأخيرة لحقوق الإنسان- جيتي
الصحيفة قالت إن الإدارة الأمريكية تنافق السعودية في انتهاك الأخيرة لحقوق الإنسان- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن الازدواجية التي يتميز بها الموقف السياسي للحكومة الأمريكية فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها المملكة العربية السعودية.


وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه على الرغم من مرور أكثر من شهر على مقتل جمال خاشقجي، إلا أن هذه الحادثة لا تزال تثير قلق الولايات المتحدة والكثير من الدول حول العالم. وعلى الرغم من التفاصيل غير المؤكدة، اتهمت تركيا السلطات السعودية، وزعماء العائلة المالكة بالتحديد، بالتورط في هذه المؤامرة.


وذكرت الصحيفة أنه ردا على هذه الحادثة، تعمل العديد من الشركات، بدءا من المالية إلى التكنولوجية، على إعادة التفكير في علاقاتها مع السعودية. وكان العديد من السياسيين وكبار المدراء التنفيذيين قد انسحبوا من مؤتمر الاستثمار السعودي الذي عقد خلال الشهر الماضي.

 

اقرأ أيضا: واشنطن تستبعد فرض عقوبات على السعودية بسبب خاشقجي

من جهة أخرى، أصبحت المنظمات العالمية تعمل على الحد من ارتباطها بالحكومة السعودية. وتعد مؤسسة بيل وميلندا غيتس، المثال الأبرز على ذلك، حيث تخلت عن علاقاتها مع السعودية، بعد أن قررت تعليق العمل مع مؤسسة محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وهي المنظمة الخيرية التي يرأسها ولي العهد السعودي.


وأشارت الصحيفة إلى أن الاستنكار الأمريكي العنيف حول قضية اغتيال خاشقجي يمتزج بالنفاق خاصة وأن هناك العديد من الأمور الأخرى في هذه القضية التي تم تجاهلها من الولايات المتحدة. 


وعلى مدار عقود، انتهكت الحكومة السعودية بشكل روتيني حقوق الإنسان، على غرار منع "اليهود" من دخول البلاد، وحظر ممارسة الشعائر الدينية للمسيحيين، والسماح بالعبودية، واستعباد النساء، فضلا عن اضطهاد الصحفيين، واعتقال رجال الدين والأمراء، وحبس الناشطات في مجال حقوق الإنسان بتهم "الخيانة" دون أدنى اعتراض من الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب "واشنطن بوست".


وتطرقت الصحيفة إلى أن الوجود الأمريكي في السعودية بدأ خلال سنة 1933، بعد سنة فقط من تأسيس المملكة. وبعد الحرب العالمية الثانية، ومع ازدهار قطاع النفط، بدأ كل من رجال الأعمال والدبلوماسيين الأمريكيين غض الطرف عن الممارسات وانتهاكات حقوق الإنسان التي تقوم بها السعودية، التي كانت غير مقبولة في كل من الولايات المتحدة وأوروبا.


وذكرت أنه بعد إعلان قيام إسرائيل، حظرت السعودية "اليهود" من دخول أراضيها، وهو ما يعني أن الحكومة الأمريكية لم يُسمح لها بنشر جنود يهود في القاعدة الجوية الأمريكية في مدينة الظهران، كما لا يمكن لليهود العمل مع شركة أرامكو النفطية.

 

وقد تم، على ما يبدو، إعلام القائمين على "أرامكو" أن الشركة سوف تفقد امتيازاتها لإنتاج النفط إذا لم تلتزم بسياسة التمييز. فضلا عن ذلك، حظرت السعودية ممارسة الشعائر الدينية المسيحية، وإقامة حفلات الزفاف المسيحية وعرض الصور الدينية.


الجدير بالذكر أنه بعد فترة وجيزة من فرض الحظر على اليهود، تم منع اثنين من الدبلوماسيين الأمريكيين اليهود من دخول المملكة العربية السعودية أثناء أدائهم لمهمة رسمية، لكن وزارة الخارجية الأمريكية لم تعترض على مثل هذا التصرف مطلقا.


وذكرت الصحيفة أن سياسة التمييز التي تنتهجها السعودية ضد الأجانب لا يمكن مقارنتها بالمشاكل التي يواجهها السعوديون ذوو التفكير المتحرر. وقد يواجه السعوديون، الذين يشككون في السلطات الدينية أو الذين يعتنقون ديانة أخرى أو يتبنون توجها كالإلحاد، السجن والجلد وحتى الموت. وقد برز هذا النوع من الاضطهاد منذ سنوات، لكن نادرا ما أعرب المسؤولون الأمريكيون عن قلقهم تجاهه.

 

اقرأ أيضا: فايننشال تايمز: حملة شرسة لتبرئة ابن سلمان من دم خاشقجي

وأكدت أن انتهاكات حقوق الإنسان ضد السعوديين والزوار الغربيين لا تزال مستمرة إلى حد اليوم. وتعد عملية إيقاف امرأة في طريقها إلى اجتماع عمل من مسؤول ومطالبتها بوضع عباءة لتغطية بضع بوصات من ساقيها شكل خاص من أشكال الانحطاط التي لا تزال مستمرة خلال سنة 2018. في هذه الأثناء، يرتدي الرجال ما يحلو لهم ويتصرفون بالطريقة التي يحبذونها. في المقابل، لا تتخذ الشركات أو الحكومة الأمريكية موقفا ضد هذا النوع من الممارسات.


وحتى في الوقت الذي تسعى فيه السعودية بقوة إلى كسب شركاء تجاريين من الغرب، عززت الرياض قمعها السياسي وهو ما يظهر من خلال القبض على رائف بدوي، أشهر المعارضين السعوديين، سنة 2012. وقد حُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات، وألف جلدة، وغرامة مالية كبيرة، كما وقع حظره من مغادرة البلاد لمدة 10 سنوات بسبب تشكيكه في السلطات الدينية وانتقاده لها.


وفي الختام، أوضحت الصحيفة أن صدمة مقتل خاشقجي ليست سوى علامة على جهل وتواطؤ تاريخي. ولن يكون لنداءات التغيير الحالية أي معنى إلا في حال تم الأخذ بعين الاعتبار للسياق الأوسع لانتهاكات حقوق الإنسان في السعودية.

التعليقات (0)