ملفات وتقارير

ما حجم التأثر الفلسطيني من قلب "بولسونارو" لسياسة البرازيل؟

احتجت منظمة التحرير الفلسطينية على قرار بولسونارو في ما يتعلق بنقل السفارة إلى القدس- جيتي
احتجت منظمة التحرير الفلسطينية على قرار بولسونارو في ما يتعلق بنقل السفارة إلى القدس- جيتي

منذ اللحظة الأولى لإعلان فوز الرئيس البرازيلي الجديد جاير بولسونارو (63 عاما) في انتخابات بلاده التي جرت الشهر الماضي؛ عاد لتأكيد ما وعد به في الحملة الانتخابية بعزمه نقل سفارة برازيليا من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة في وقت قريب، ما أثار ردودا إسرائيلية مرحبة وأخرى فلسطينية وعربية منددة ورافضة لهذه السياسة البرازيلية الجديدة تجاه القضية الفلسطينية.


وتأتي سياسة بولسونارو الموالية للاحتلال الإسرائيلي مختلفة تماما عن السياسة البرازيلية على مدار السنوات السابقة، والتي تدعم جهود إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية، وهو ما ظهر بشكل واضح حينما صوتت البرازيل في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، لصالح قرار يدعو واشنطن لسحب قرارها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.


وتطرح السياسة البرازيلية الجديدة، تساؤلات مهمة حول حجم التأثر الفلسطيني من هذا التغيير، وما أشكال هذا التأثر في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية على الساحات الدولية، وهل هذه السياسات العدائية ستتحول إلى أرض الواقع أم إنها ستصطدم بعوامل بعيدة عن السياسة؟

 

نكبة للقضية


الناشط السياسي والأكاديمي الفلسطيني البريطاني الدكتور عزام التميمي، وصف فوز الرئيس البرازيلي الجديد بولسونارو بأنه "نكبة للقضية الفلسطينية"، معللا ذلك بأن "النظام السابق في البرازيل كان متعاطفا ومؤيدا للفلسطينيين".


وقال التميمي في حديث خاص لـ"عربي21" إننا "أمام انتخاب بولسونارو أمام نظام صهيوني لا يخفي ذلك عن نفسه"، في إشارة إلى مواقف الرئيس البرازيلي الجديد المعلنة تجاه مناصرة الاحتلال الإسرائيلي على حساب الفلسطينيين، الذين هم أصحاب القضية والأرض.


وأوضح التميمي أن النظام الرئاسي في البرازيل يمنح الرئيس صلاحية اتخاذ قرارات واسعة، من ضمنها نقل سفارة البلاد من تل أبيب إلى القدس المحتلة، بحسب ما أعلن بولسونارو منذ اللحظات الأولى لفوزه بمنصب الرئيس.

 

اقرأ أيضا: ترحيب إسرائيلي بالرئيس البرازيلي المنتخب لمواقفه الداعمة لها


وحول أشكال التأثر الفلسطيني من التغير السياسي في البرازيل، توقع التميمي أن "يلقي ذلك بالأثر السلبي على النشاطات الداعمة للقضية الفلسطينية".


من جهته، قال الصحفي الفلسطيني المقيم بالبرازيل أمجد أبو سيدو إن "صعود الحزب اليميني المعروف دائما بالولاء لإسرائيل، إلى سدة الحكم قلب السياسات السابقة الداعمة للقضية الفلسطينية"، مشيرا إلى أن "اليسار البرازيلي الحاكم منذ عام 2003 جعل العلاقة مع فلسطين جيدة".


وأضاف أبو سيدو في حديث خاص لـ"عربي21" أن "الحكم البرازيلي السابق كان يصوت دائما لصالح فلسطين في المحافل الدولية"، منوها إلى عدة قرارات برازيلية سابقة داعمة للقضية الفلسطينية على مدار السنوات الماضية.

 

عوامل اقتصادية


ولفت أبو سيدو إلى أن "قرار بولسونارو بنقل سفارة البرازيل من تل أبيب إلى القدس، جاء ضمن الحملة الانتخابية التي طرحها، والتي تضمنت أيضا وعودا كثيرة منها التهديد بإغلاق السفارة الفلسطينية في البرازيل إلى حين إقامة دولة فلسطينية".


وتوقع أن "يكون التضييق على الفلسطينيين نتيجة السياسات الجديدة؛ مقتصرا على السلك الدبلوماسي"، مؤكدا أن "البرازيل دولة مؤسسات، وهناك عوامل اقتصادية ربما تقف أمام تنفيذ بولسونارو لوعوده الانتخابية العدائية ضد القضية الفلسطينية".


وحول الآراء التي تقول إن البرازيل ليست مؤثرة في الساحة السياسية الدولية، شدد أبو سيدو على أن "البرازيل تعد أكبر دولة في قارة أمريكا اللاتينية، وثاني أكبر دولة في العالم ستعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبالتالي فإن قرارها نقل السفارة إلى القدس، قد يشجع دولا أخرى في القارة للحذو حذوها، وهنا تكمن الخطورة"، وفق تقديره.


وأشار الصحفي المقيم في البرازيل، إلى أن البرازيليين تحكمهم علاقة جيدة مع الشعب الفلسطيني، مستدركا بقوله: "الآن هم مشغولون بترتيبات تولي الرئيس الجديد لمنصبه في كانون الثاني/ يناير المقبل، إلى جانب ملفات داخلية".

 

اقرأ أيضا: الكنيست: الرئيس البرازيلي الجديد حليف حقيقي لإسرائيل


وذكر أبو سيدو أن البرازيل ستشهد احتجاجات شعبية على السياسة الجديدة التي يتخذها الرئيس بولسونارو، موضحا أن "هناك 40 مليون برازيلي من أتباع حزب العمال المعروف بمناصرته للقضية الفلسطينية، وبالتأكيد سيكون لهم دور ضد هذه السياسات المتطرفة".


وتابع قائلا: "الجالية العربية أيضا تمتلك علاقات دبلوماسية تمكنها من الضغط على الرئيس البرازيلي الجديد للتراجع عن سياساته العدائية تجاه القضية الفلسطينية"، مشيرا إلى أن الاستثمارات البرازيلية الكبيرة في منطقة الشرق الأوسط، ربما تدفع بولسونارو لعدم التسرع في اتخاذ قرارات سياسية كهذه".


وفي حال نفذت البرازيل قرارها بشأن نقل السفارة إلى القدس، فستكون ضمن دول أمريكا اللاتينية التي تسير نحو خطى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أعلن نقل سفارة واشنطن إلى المدينة المحتلة، والاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل، متجاهلا القرارات الدولية والتفاهمات التي توصلت لها  السلطة الفلسطينية والاحتلال بعد مفاوضات شاقة في مراحل تاريخية متفاوتة.


رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سارع إلى الترحيب بسياسة الرئيس اليميني المتطرف بولسونارو، مؤكدا أنه "من المرجح أنه سيحضر حفل تنصيب رئيس البرازيل الجديد في الأول من كانون الثاني/ يناير المقبل، وأنه واثق من أن انتخابه سوف يجلب صداقة كبيرة بين الشعبين وسيقوي الروابط بين البرازيل وإسرائيل"، جاء ذلك خلال اتصال تهنئة بينهما.


في المقابل، عبرت منظمة التحرير الفلسطينية عن احتجاجها من قرار الرئيس البرازيلي الجديد في ما يتعلق بنقل السفارة إلى القدس، مشددة على أنها "خطوة استفزازية غير قانونية، وتأتي ضمن خرق القانون الدولي، ولن تؤدي إلا لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة".

التعليقات (0)