بورتريه

عبدالملك.. رئيس وزراء يمني بنكهة سعودية (بورتريه)

معين عبد الملك- عربي21
معين عبد الملك- عربي21

سجله الوظيفي والشخصي لا يحتوى على إنجازات كبيرة لافتة، وهو أصغر شخصية من حيث السن تتولى رئاسة الحكومة في بلاده.


يصنف بوصفه من التكنوقراط، إذ إنه لا ينتمي إلى أي حزب سياسي، ويغيب عن سيرته الذاتية النشاط السياسي اللافت.


كان من أكثر الوزراء في حكومة أحمد بن دغر المقالة الذين يعملون بصمت، بل إنه كان حاضرا بشكل مستمر في اليمن، ويشرف على بناء وهندسة الطرقات، خلافا لبقية الوزراء الذين يقيمون بالعاصمة السعودية الرياض.


معين عبد الملك سعيد، ابن محافظة تعز، المولود في منطقة صبر المطلة على المدينة جنوب غرب اليمن في عام 1976 ابن سفير يمني سابق في قطر. حصل على البكالوريوس في الهندسة المعمارية والتخطيط في 1998، من كلية الهندسة في جامعة القاهرة، قبل أن يحصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه في عامي 2002 و2010، من الجامعة نفسها.


عمل في "المجموعة الاستشارية" في القاهرة بمجال التخطيط والعمران، ثم عمل أستاذا مساعدا بكلية الهندسة في "جامعة ذمار" اليمنية وفي الفترة بين عامي 2004 و2005 حيث عين بعدها استشاريا مع "هيئة تنمية وتطوير الجزر اليمنية".


شارك في "مؤتمر الحوار الوطني" عن الشباب المستقل، ثم انتخب رئيسا لفريق "استقلالية الهيئات الوطنية والقضايا الخاصة".


كان له دور كبير في عام 2011، في المشاركة في صياغة "وثيقة مطالب الثورة"، التي عممت على كل ساحات التغيير، والتي أطاحت بنظام حكم الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، وكان له حضور لافت في صياغة وثيقة مطالب "شباب الثورة اليمنية".


كما شارك مع عدد من الأكاديميين اليمنيين في الداخل والخارج في تأليف "رؤية الشباب المستقل لليمن عام 2030" كرؤية شاملة، تم نشرها في نفس العام.


وحتى ما قبل "مؤتمر الحوار الوطني" في اليمن، عام 2013 وحتى عام 2014، لم يكن اسما معروفا على مستوى واسع، لكنه حضر في التعيينات واللجان الحكومية بعد ذلك، أكثر من مرة، وبرز في الشهور الأخيرة، بأنشطة مرتبطة بمشاريع تنموية تدعمها السعودية.


في عام 2016، انخرط للمرة الأولى في العمل الرسمي، كنائب لوزير الأشغال العامة والطرق، قبل أن يتقلد حقيبة الوزارة في عام 2017، حين قرر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي تعيينه وزيرا للأشغال العامة والطرق.


أما النشاط الأبرز الذي ارتبط باسمه في الشهور الأخيرة، فهو حضوره مع السفير السعودي محمد آل جابر، خلال تدشين مشاريع تنموية تمولها السعودية في اليمن، وتوقيعه عن الجانب اليمني اتفاقيات تعاون، في السياق نفسه.


ويصفه بعض النشطاء اليمنيين بأنه "ظل للسفير السعودي" فمعظم تحركات الرجل داخل اليمن وخارجه دائما ما تكون إلى جانب السفير السعودي.


توجت مسيرته في العمل الرسمي بتعيينه رئيسا جديدا للحكومة، خلفا لأحمد بن دغر المُقال "نتيجة للإهمال الذي رافق أداء الحكومة خلال الفترة الماضية في المجالات الاقتصادية والخدمية، وتعثر الأداء الحكومي في تخفيف معاناة أبناء شعبنا وحلحلة مشكلاته وتوفير احتياجاته". بحسب بيان الرئاسة اليمنية.


واعتبر البيان، أن الأداء الحكومي لحكومة بن دغر، فشل في "التخفيف عن معاناة اليمنيين وحلحلة المشكلات"، فضلا عن "عدم قدرتها على اتخاذ إجراءات حقيقية لوقف التدهور الاقتصادي في البلد، وخصوصا انهيار العملة المحلية".


وأضاف أن حكومة بن دغر "فشلت في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة كارثة إعصار لبان بمحافظة المهرة، وما أصاب أبناء المهرة، جراء هذه الكارثة دون تحرك فعلي من الحكومة، ولتحقيق ما يصبوا إليه شعبنا من استعادة الدولة واستتباب الأمن والاستقرار، وللمصلحة الوطنية العليا للبلاد".


سياسيا يتمتع معين عبد الملك بعلاقات متوازنة مع مختلف الأطراف السياسية اليمنية. ويمثل تعيينه بداية مرحلة جديدة لتعزيز جبهة "الحكومة الشرعية" في مواجهة "الانقلابيين الحوثيين" ومعالجة التحديات الاقتصادية.


كما أنه يرتبط بعلاقة وطيدة مع حزب "التجمع اليمني للإصلاح" المرتبط بـ"الإخوان المسلمين" وترجمت هذه العلاقة بشكل واضح إبان الاحتجاجات التي شهدها اليمن في 2011، على الرغم من تقديمه كشاب مستقل، وبقائه ممثلا عن الشباب المستقل في الثورة اليمنية، على الرغم من معلومات تشير إلى انتمائه لـ"حزب التنظيم الوحدوي الناصري".


وتقول مصادر يمنية إن رئيس الوزراء الجديد مقرب من جلال هادي نجل الرئيس اليمني.

 

ويقول محللون سياسيون في اليمن إن قرار تعيينه في رئاسة الحكومة كان جزءا من مطالب القوى المحسوبة على المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، لكنه أبقى الباب موصدا بشأن شراكة هذه القوى في القرار التنفيذي، عندما طلب من أعضاء الحكومة الاستمرار في مهامهم السابقة.


ورغم أن قرار إقالة ابن دغر جاء بضغط إماراتي إلا أن رئيس الحكومة الجديد غير محسوب على الجانب الإماراتي بل ينتمي للفريق السعودي بحكومة هادي الموالية لـ"التحالف العربي".


وفي أول تصريح له عقب تعيينه في هذا المنصب تعهد عبد الملك بدحر ما وصفه "بالانقلاب واستعادة الوطن وإعادة شرعية الشعب المنتخبة".


جماعة الحوثيين في صنعاء وصفت قرار تعيين رئيس وزراء جديد، بـ"غير الشرعي وصادر عن رئيس منتهية ولايته" كما جاء على لسان رئيس اللجنة الثورية للجماعة محمد الحوثي.


فيما رحب مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيتش بتعيين عبد الملك، واصفا إياه بأنه "شخصية عامة من الطراز الرفيع"، على حد تعبيره.


من جانبه قال القيادي في "حزب الإصلاح اليمني" حميد الأحمر تعليقا على إقالة بن داغر إنها "تخالف المبادرة الخليجية، أحد أهم المرجعيات التي يستمد منها هادي شرعيته، والتي لم تعطه حق تسمية رئيس الحكومة أو تغييره"، مستغربا "تجاهل الأخير لبنود المبادرة".


وأضاف الأحمر "لا يليق بنا في معركة استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب أن نرضى بالانقلاب على المبادئ والمرجعيات من أيٍّ كان، وهذه ليست الدولة المؤسسية التي بشرت بها مخرجات الحوار وأكدت القرارات الدولية على احترامها".


وفي الوقت الذي يرى فيه كثير من الناشطين أن بعده عن دائرة السياسة سيساعده كثيرا على تجنب الكثير من حقول الألغام التي يعج بها الواقع السياسي اليمني المعقد، يرى منتقدوه أن سيرته العملية حتى الآن ليس فيها ما يمكن أن يجعله الشخص المناسب لإدارة الملف اليمني في واحدة من أسوأ اللحظات التي تمر بها بلاده، عدا شخصيته التي تتميز بالطموح، وتتوق إلى التغيير بروح الشباب.


و يعول الشارع اليمني على العلاقة الجيدة لرئيس الحكومة الجديد بالدوائر الدبلوماسية الإقليمية والدولية، وهو الأمر الذي سيمكنه من الإبلاء الحسن في متابعة المنح المالية الدولية، وإدارة ملف الإعمار، وانهاء الانقسام وإعادة الروح إلى الدولة اليمنية، والتغلب على الفقر والجوع الذي أصاب أكثر من 70% من اليمنيين.


لكن كل ذلك رهين تحركات بعض الأطراف العربية في الساحة اليمينة والتي تثير نواياه وخططها الشكوك دائما، وهي التي سبق لها أن أفشلت ثلاثة رؤساء وزراء قبل الرئيس الجديد عبدالملك.

التعليقات (0)