صحافة إسرائيلية

تحقيق أمني يكشف تاريخ العلاقة بين الأردن والاحتلال

قال ميلمان إننا "أمام تحالف استراتيجي بين عمان وتل أبيب عمره قرابة خمسين عاما"- جيتي
قال ميلمان إننا "أمام تحالف استراتيجي بين عمان وتل أبيب عمره قرابة خمسين عاما"- جيتي

قال خبير أمني إسرائيلي في صحيفة "معاريف" إن "التوتر القائم في العلاقات الإسرائيلية الأردنية، لا يلغي حقيقة مفادها أن العائلة الهاشمية في عمان تعتقد أن الضامن الأهم لبقائها في الحكم هو إسرائيل، في حين تنظر الأخيرة للمملكة على أنها دولة حدودية حيوية تمنع الاقتراب من الاحتكاك مع أعداء أقوياء في المنطقة".


وأضاف يوسي ميلمان في تحقيقه المطول، الذي ترجمته "عربي21" أن "عودة الأراضي الأردنية لملكية أصحابها أمر طبيعي وغير مفاجئ، لكن عدم وجود سابق إنذار أو تنبيه لتل أبيب هو ما فاجأها، حيث لم تصل من عمان أي إشارة لوجود نوايا من هذا النوع لدى المستويين الإسرائيليين السياسي والأمني، خاصة السياسي، رغم أن القنوات مفتوحة بين تل أبيب وعمان".


وكشف النقاب أن "الأشهر الأخيرة أرسلت عمان إلى تل أبيب عبر هذه القنوات -لاسيما جهاز الموساد والجيش الإسرائيلي ووزارة الخارجية ووقنوات أخرى غير رسمية- رسائل مفادها أن الملك موجود في أزمة جادة تأخذ بالتنامي مع مرور الوقت، في كل ما يتعلق باتصالاته بإسرائيل، حيث جاءت هذه الضغوط من البرلمان والنقابات المهنية واتحادات الأطباء والمحامين الذين يبدون معارضة لأي تطبيع في العلاقات مع إسرائيل".


وأكد أن "الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو لم تقم بأي خطوة من شأنها إرضاء الملك، ومنحه أدوات يعرضها كإنجازات أمام الرأي العام في بلاده، خاصة بعد حادثتي السفارة الإسرائيلية في عمان في يوليو 2017، وما تخللها من قتل حارسها لمواطنين أردنيين، ثم أزمة الكاميرات والبوابات الإلكترونية في الحرم القدسي بأوامر إسرائيلية، دون التشاور مع عمان".


وأوضح أن "نتنياهو حاول خلال لقائه العلني مع الملك عبد الله الثاني في يونيو الماضي تحسين الأجواء الثنائية، رغم أن لقاءات عديدة تجمعهما بعيدا عن الإعلام، لكن قرار الملك الأخير يشير أن المياه لم تعد إلى مجاريها بعد".

 

تحالف


واستدرك ميلمان بالقول إننا "أمام تحالف استراتيجي بين عمان وتل أبيب عمره قرابة خمسين عاما، وتحديدا منذ عام 1970، حين ساعدت إسرائيل الملك حسين الذي واجه خطرا جديا بسبب الحرب مع الفلسطينيين، واجتاح الجيش السوري شمال المملكة".


وأضاف أنه "بعد مشاورات إسرائيلية آنذاك مع الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون ومستشاره للأمن القومي هنري كيسنجر، نشرت إسرائيل قواتها في مثلث الحدود السوري-الأردني-الإسرائيلي، وهددت بالعمل ضد أي اجتياح سوري داخل الأراضي الأردنية".


وأوضح أن "إسرائيل هي المدافعة الأساسية عن الأردن في الولايات المتحدة، حيث يحث الساسة الإسرائيليون دوائر صنع القرار داخل واشنطن عبر إيباك والرابطة مناصري إسرائيل والكونغرس على استمرار الدعم والمساعدة الأمريكية الاقتصادية للأردن".


وأكد أننا "أمام تحالف يستفيد منه الطرفان، خاصة في الجوانب الأمنية والاستخبارية والعسكرية، فرؤساء الموساد جميعهم وفي مختلف مراحل عملهم، يلتقون مع الملك الأردني، ورؤساء أجهزته الأمنية، كما أن جنرالات الجيش الإسرائيلي ورؤساء أركانه، بما فيهم القائد الحالي غادي آيزنكوت، يجتمعون بصورة دورية مع نظرائهم الأردنيين".

 

اقرأ أيضا: هكذا قرأ محللون دلالات زيارة نتنياهو المفاجئة للأردن


وأضاف أن "كلا الدولتين تتعاونان في تبادل المعلومات الأمنية ضد الأعداء المشتركين، خاصة المنظمات المسلحة التي تهددهما معا، والكثير من المعلومات الأمنية الإسرائيلية أنقذت الملك حسين وابنه الملك عبد الله من محاولات اغتيال محققة".


ميلمان، وثيق الصلة بالأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، يعود بنا إلى التاريخ قائلا إن "الملك حسين وصل في زيارة سرية خاصة لإسرائيل عام 1973، واجتمع في مقر الموساد لتحذير رئيسة الحكومة السابقة غولدا مائير ووزير حربها موشيه ديان من هجوم مصري سوري ضد إسرائيل، لكنهما لم يأخذا تحذيره بجدية، وبعد وقت قصير فقط فوجئت إسرائيل بحرب يوم الغفران".


وأوضح أن "التعاون الأمني في تبادل المعلومات بين تل أبيب وعمان وتنسيق العمليات تجلى في ما يتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية ثم ضد حركة حماس، التي كان لها تواجد في المملكة، حتى تم طردها بضغط إسرائيلي، وضد عناصر منظمات الجهاد العالمي".


وأشار إلى أن "التنسيق الأمني الأردني الإسرائيلي يستهدف أيضا حزب الله، عدو إسرائيل الأول مع إيران، ويعتبر تهديدا على الأردن، حيث أرسل "وزير دفاع" الحزب عماد مغنية أوائل القرن الجديد خلية مسلحة لتنفيذ عملية مسلحة في الأردن، حيث تم منع وقوعها بفعل معلومات أمنية وفرتها "جهة معلومة" للمخابرات الأردنية".


وأكد أن "التعاون الأمني بين عمان وتل أبيب وجد طريقه مؤخرا ضد تنظيم الدولة، وآخرها لقاء ممثلين عن الجيش الإسرائيلي مع نظرائهم من 21 دولة في الأردن، حيث أقيمت غرفة عمليات مشتركة ضمن التحالف الدولي ضد التنظيم، أو ما تبقى منه اليوم".

 

توتر العلاقات


وختم بالقول إنه "يمكن القول إن الأردن هي الشريكة الأمنية الثانية لإسرائيل بعد الولايات المتحدة، ولذلك لا يمكن لعمان وتل أبيب أن تسمحا بامتداد هذا التوتر الناشب حول قضية الأراضي المستأجرة حتى إشعار آخر".


وأوضح أن "الأردن هو الدولة الضعيفة في هذا الثنائي، واقتصادها يتدهور بصورة واضحة، وميزانها الديموغرافي غير مستقر في ظل توافد ملايين اللاجئين من العراق وسوريا، ولذلك فهو محتاج لإسرائيل أكثر من حاجة الأخيرة له".


وأشار ميلمان إلى أن "توتر العلاقات الأردنية الإسرائيلية لعله مرتبط بعدة عوامل منها غياب الكيمياء الشخصية بين الزعيمين الحاليين نتنياهو وعبد الله، في حين كانت حاضرة ومتوفرة بين الملك حسين وإسحاق رابين، ما يتطلب من نتنياهو أن يبدي حساسية أكثر تجاه أزمة حليفه في عمان، وعدم التعامل باستهتار كما دأب في الأزمتين السابقتين".


وختم بالقول إنه "يجب على إسرائيل عدم الحديث عن الأزمة مع الأردن في الإعلام، وإنما إرسال مبعوثين سريين إلى عمان لمقابلة نظرائهم الأردنيين، من بينهم أفرايم هاليفي رئيس الموساد الأسبق، وإلياكيم روبنشتاين قاضي المحكمة العليا الأسبق، والمستشار القانوني الأسبق لوزارة الحرب، ومن صاغ ملاحق اتفاق السلام مع الأردن، والجنرال عاموس غلعاد الرئيس السابق للدائرة السياسية والأمنية بوزارة الحرب".

التعليقات (0)