صحافة دولية

فورين بوليسي: كيف حول ابن سلمان السعودية لأرض استثمارية قاحلة؟

إذا تراجعت أسعار النفط من المرجح أن يواجه ابن سلمان أزمة سيولة ويخسر العديد من الأصدقاء والحلفاء الذين اشترى دعمهم- فورين بوليسي
إذا تراجعت أسعار النفط من المرجح أن يواجه ابن سلمان أزمة سيولة ويخسر العديد من الأصدقاء والحلفاء الذين اشترى دعمهم- فورين بوليسي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية تقريرا، تحدثت فيه عن تحويل ولي العهد، محمد بن سلمان، للمملكة العربية السعودية إلى أرض قاحلة، ومكان ينفر منه المستثمرون الأجانب؛ بسبب سياسته المتهورة.

وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن إحصائيات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أشارت إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة العربية السعودية تراجع بنسبة 80 بالمئة، بين سنتي 2016 و2017، أي من 7.5 مليار دولار إلى 1.4 مليار دولار.

 

في هذا الصدد، أكد فيليب كورنيل، الخبير في الاقتصاد السعودي في المجلس الأطلسي، أن "ارتفاع تدفقات رأس المال الخارجة إلى حد كبير يعود بالأساس إلى تحويل السعوديين الأثرياء لأموالهم إلى الخارج".

وأوضح كورنيل أن "هناك الكثير من الأسباب المختلفة التي تقف وراء هذا الأمر، من بينها أن العديد من المستثمرين وغيرهم من رجال الأعمال السعوديين لم يعد لديهم ثقة في المملكة، خاصة في ظل منهج ولي العهد السلطوي وخيارات السياسة الاقتصادية المتقلبة".

وبينت المجلة أن مقتل خاشقجي على يد مسؤولين سعوديين وشخصيات على علاقة مقربة من محمد بن سلمان كشفت عن مشكلة كان المراقبون القريبون من السعودية على علم بها منذ أكثر من سنة. وتكمن هذه المشكلة بالأساس في أن ولي العهد لا يحسن اتخاذ القرارات الحاسمة، ويسعى إلى ترهيب الكثير من السعوديين الأثرياء، فضلا عن ذوي النفوذ في المملكة.

وأفادت المجلة بأن من بين القرارات السيئة التي اتخذها ابن سلمان نذكر حملة القمع التي انتهجها لإسكات معارضيه، وسوء الإدارة الاقتصادية للبلاد. وقد أجبر التدفق السريع للأموال حكومة محمد بن سلمان على فرض ضوابط غير رسمية على رأس المال. كما وضعت الحكومة السعودية مصداقيتها في خطر، بعد التعهد بخلق فائض في الميزانية، وتقليل نسبة البطالة إلى 9 بالمئة.

وأضافت المجلة أنه في مقابلة حديثة لولي العهد السعودي مع وكالة بلومبرغ، سئل محمد بن سلمان عن مدى التزامه بوعوده فيما يتعلق بالميزانية. وأجاب ابن سلمان قائلا: "أعتقد أننا وعدنا بتحقيق فائض في الميزانية في سنة 2023". لكن الصحفي أشار إلى أن الموعد الأصلي كان سنة 2019، ليتدارك بعدها ابن سلمان قائلا: "هذا صحيح، لكننا تلقينا العديد من النصائح من الكثير من البنوك، بما في ذلك البنك المركزي والبنك الدولي، أنه يمكننا إنفاق المزيد من المال من أجل تحسين اقتصاد السعودية، فلماذا نؤجل ذلك؟". كما ادعى ابن سلمان، في المقابلة ذاتها، أن "الاستثمار الأجنبي المباشر سيرتفع  بنسبة 90 بالمئة مقارنة بسنة 2017".

والجدير بالذكر أن مقتل خاشقجي قد لا يكون له تداعيات سياسية كبيرة على ابن سلمان في الوقت الحالي. لكن السبيل الوحيد الذي قد يخرج ولي العهد من مأزقه بعد أن تسبب في تنفير العديد من المستثمرين الأجانب، يتمثل في مضاعفة استثماراته في أفضل شركات وادي السيليكون، وتلك التي تعمل على تطوير التكنولوجيا، على أمل تحقيق أرباح مجزية. ويعزى ذلك بالأساس إلى أن الكثير من المستثمرين، على الأغلب، لا يفكرون في الاستثمار في مشاريعه في الوقت الراهن.

وأكدت المجلة أنه ووفقا لمسؤولين سعوديين، حققت مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض لهذه السنة استثمارات قدرت بأكثر من 50 مليار دولار، لكن معظمها جاء في إطار صفقات تقليدية مع شركة أرامكو.

وحتى قبل موجة الاستياء الكبيرة، على خلفية مقتل خاشقجي، التي دفعت العشرات من كبار رجال الأعمال الأمريكيين وغيرهم لإلغاء مشاركتهم في مؤتمر "دافوس الصحراء"، لم ينجح محمد بن سلمان في تحقيق خططه التي تنطوي تحت "رؤية 2030"، والتي تهدف لجعل اقتصاد المملكة العربية السعودية ينأى بنفسه عن الاعتماد الكامل على النفط والتحول إلى اقتصاد متنوع.

وشددت المجلة على أن ولي العهد السعودي استثمر الكثير من الأموال في العديد من الشركات العالمية في السنوات الأخيرة، التي رحبت بذلك بشكل كبير. في الأثناء، يستثمر صندوق الثروة السيادي السعودي في مجموعة كبيرة من الشركات الأمريكية والأوروبية واليابانية، على غرار أوبر وسناب وصندوق رؤية سوفت بنك. وللأسف، فشل ابن سلمان أيضا في البروز على أنه مستثمر دولي ذو مكانة بارزة.

وفي الختام، ذكرت المجلة أنه في حال استمرت أسعار النفط في التراجع إلى حدود سنة 2019، من المرجح أن يواجه محمد بن سلمان أزمة سيولة، ويخسر العديد من الأصدقاء والحلفاء الذين اشترى دعمهم من خلال ثروته.

 

للاطلاع على نص التقرير الأصلي اضغط هنا
التعليقات (0)