صحافة دولية

"لوموند": أزمة خاشقجي تشكك بوصول ابن سلمان للحكم

الصحيفة قالت إن الأمير الشاب أظهر "وحشية" حين قام بتحييد كل مراكز النفوذ التي يخشاها بالداخل- جيتي
الصحيفة قالت إن الأمير الشاب أظهر "وحشية" حين قام بتحييد كل مراكز النفوذ التي يخشاها بالداخل- جيتي

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، قالت فيه إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بعد أن نجح في تسلق سلم ولاية العهد، وحظي بدعم الأمريكيين، يواجه الآن إعصارا إعلاميا، وقد باتت جريمة قتل جمال خاشقجي تلقي بظلالها على حظوظه في الوصول إلى سدة الحكم.


وقالت في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن محمد بن سلمان، خلال لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في يوم الثلاثاء 16 تشرين الأول/أكتوبر، حاول أن يبدو مبتسما ومرتاحا.


وأكدت الصحيفة أن ولي العهد رغم ذلك، يخوض الآن أزمة يدور رهانها حول مستقبله السياسي، في مواجهة الإعصار الإعلامي الذي خلفته قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.


وأشارت إلى أن العارفين بدواليب اتخاذ القرار في المملكة، يستبعدون تماما فرضية قيام عملاء سعوديين بقتل الصحفي المعارض، دون إيعاز وتعليمات من محمد بن سلمان.


ونقلت الصحيفة في هذا السياق عن الباحث نبيل مولين قوله: "إن هذه العملية تحمل بكل تأكيد بصمات محمد بن سلمان، وبالنظر إلى تركيبة نظام الحكم الحالي في السعودية، فإن ولي العهد هو من يصدر القرارات".


وذكرت أن الأزمة الحادة التي سببتها التسريبات الصادمة في الإعلام التركي، خاصة فيما يتعلق بمنشار العظام، وتحول طبيب جنائي ضمن فريق الاغتيال، واستماعه للموسيقى أثناء تقطيع جسد خاشقجي، اكتسحت صفوف الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، بعد أن كان الحزب في الماضي يعتبر أكبر داعم لولي العهد محمد بن سلمان.


ونقلت الصحيفة في هذا السياق تصريح السيناتور ليندسي غراهام، الذي قال: "إن ولي العهد يمثل قوة هدم، ولا شيء يحدث في المملكة دون علم منه، وهو شخص سام، ولا يمكن أن يصبح زعيما على الصعيد الدولي".


وأوردت "لوموند" أن عديد الأطراف أعلنت انسحابها من القمة الاقتصادية المسماة "دافوس الصحراء"، التي من المنتظر أن تحتضنها الرياض بين 23 و25 من الشهر الحالي، حيث قررت عديد الشخصيات من مديري كبرى الشركات، والوزراء، ورؤساء المؤسسات الدولية، عن إلغاء مشاركتهم في هذا الحدث.


وأوضحت الصحيفة بأن النسخة الأولى من هذه القمة، التي جرت في السنة الماضية، كانت قد شهدت إقبالا كبيرا من المستثمرين، بشكل استفاد منه ولي العهد الذي رسم لنفسه صورة إيجابية أمام الأجانب، ووعدهم بعصر جديد للمملكة السعودية المعتدلة والمتطورة تقنيا.


وتساءلت حول ما إذا كانت النسخة الثانية من القمة سوف تكون إيذانا بتهاوي نجم ولي العهد، الذي تسلق سلم السلطة في بلاده بشكل سريع، مستفيدا من حماية والده الملك سلمان، ونجح في أخذ موقع ابن عمه محمد بن نايف، وفرض نفسه كحاكم فعلي للبلاد.

وأكدت الصحيفة أن صورة محمد بن سلمان كمصلح، التي رسمها لنفسه من خلال بعض الإجراءات الاستعراضية، مثل السماح بقيادة المرأة للسيارة، وفتح قاعات السينما، تلطخت بسبب المبادرات المتهورة، مثل التدخل العسكري في اليمن، وحصار قطر، وإجبار رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على الاستقالة.


كما ذكرت أنه على الصعيد الداخلي، أظهر الأمير الشاب وحشية مماثلة، حيث أنه قام بتحييد كل مراكز النفوذ التي يخشاها، وقام بسلسلة اعتقالات في صفوف أعضاء العائلة المالكة، ورجال الأعمال، والدعاة الإسلاميين، وناشطين في مجال حقوق الإنسان، وكل صوت قادر على تقديم خطاب بديل.


وحسب الصحيفة، فإن كل هذه الإجراءات أدت لظهور سلطة جديدة في السعودية، متركزة بين يدي الثنائي الملك سلمان وابنه محمد، الذي تصدر المشهد في ظل تقدم والده في السن وتدهور صحته.


وأوضحت أن الملك سلمان قدم الحماية لابنه في كل ما فعله، باستثناء مسألة القدس، حيث تدخل الوالد، في تموز/يوليو الماضي لإثناء ابنه، الذي كان ينوي الاعتراف بضم إسرائيل للجزء الشرقي من القدس.


واعتبرت الصحيفة أنه حتى لو فرضنا أن الولايات المتحدة وتركيا سوف تقدمان للسعودية مخرجا من هذه الأزمة، من خلال القبول برواية "التحقيق الذي خرج عن السيطرة"، التي تبدو فاقدة للمصداقية، فإن محمد بن سلمان لن يخرج من هذه الورطة.


وأضافت الصحيفة أن ولي العهد حتى في هذه الحالة، سوف يتحمل دائما مسؤولية العملية الساذجة والقذرة التي تم تنفيذها، إلى جانب أسبوعين من التصريحات الكاذبة، والقرارات الخاطئة، التي ألقت بالمملكة في أسوأ أزمة تعرفها منذ هجمات 11 أيلول/ سبتمبر.


وقالت إنه من غير المؤكد أن هذه الفوضى العارمة التي تسبب بها بن سلمان، سوف تؤدي لإبعاده عن ولاية العهد. إذ أن الشخص الوحيد القادر على قطع الطريق أمامه هو الملك، الذي هو والده.


ونقلت الصحيفة في هذا السياق عن جوزيف باهو، المحلل في مركز كارنيغي، قوله: "إن هذه لن تكون المرة الأولى التي يتم فيها عزل ولي عهد، كما أن والده كان قد وبخه في مناسبة سابقة، ولكن هذه المرة من المستحيل توقع ما سيحدث، لأن ما يدور في العائلة المالكة السعودية لا يتعلق بالعلوم السياسية، بقدر ما هو متعلق بمسرحيات شكسبير".


وبينت أنه وسط لعبة البوكر التي تدور في القصر الملكي في الرياض، من الممكن أن تستغل العائلة المالكة خطأ محمد بن سلمان، لتطالب بتصويب الأمور وإعادة ترتيب آلية الوصول للحكم.


وفي الختام، أوضحت الصحيفة أنه على الورق، يتمتع أمراء كثيرون بالشرعية الكافية لتقديم أنفسهم كبدلاء، ومن بينهم محمد بن نايف، ولي العهد المعزول سابقا، ومتعب بن عبد الله، ابن الملك الراحل عبد الله، وأحمد بن عبد العزيز شقيق سلمان.

التعليقات (0)