صحافة دولية

فورين بوليسي: هل علاقة أمريكا بالسعودية شيطانية صعبة التفكك؟

فورين بوليسي: قضية خاشقجي قد تجعل ابن سلمان عرضة لإعادة التفكير في صلاحيته لاعتلاء العرش- جيتي
فورين بوليسي: قضية خاشقجي قد تجعل ابن سلمان عرضة لإعادة التفكير في صلاحيته لاعتلاء العرش- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للكاتب مايكل هيرش، يقول فيه إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد يكون الشريك المثالي لإدارة ترامب في الشرق الأوسط، فهو يقود تحالفا استراتيجيا ضد إيران، وله علاقات صامتة مع إسرائيل، ويشتري ما تقدر قيمته بمليارات الدولارات من الأسلحة.

 

ويقول الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إنه "بالنسبة لمحمد بن سلمان فإن ترامب أيضا حليف ملائم، فالرئيس الأمريكي لا تهمه الديمقراطية ولا حقوق الإنسان كثيرا، ولا مصير صحافي سعودي واحد اختفى في تركيا".

 

ويشير هيرش إلى أنه بحسب عدد من الخبراء السعوديين، في السنة ونصف منذ أن أصبح محمد بن سلمان الحاكم الفعلي، فإن الأمير البالغ من العمر 33 عاما أصبح يظن أن لديه صكا مفتوحا من إدارة ترامب، بأن يكون وحشيا ودمويا بالقدر الذي يشاء، في كل من الحرب في اليمن، وفي قتل معارضيه السياسيين مثل جمال خاشقجي".

 

ويلفت الكاتب إلى أنه "كان وحشيا ودمويا بحسب العديد من الروايات، واختفى خاشقجي، الذي انتقد ميول محمد بن سلمان الاستبدادية المتنامية، في عموده في (واشنطن بوست)، قبل أسبوع بعد دخوله القنصلية السعودية في اسطنبول، وتراكمت الأدلة منذ ذلك الحين على أنه قتل من عملاء مخابرات سعوديين، وقد يكون فريق الاغتيال أخذ أوامره من ولي العهد". 

 

وتنقل المجلة عن المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية، الذي عمل مستشارا لآخر أربعة رؤساء في الشأن السعودي والشرق الأوسط، بروس ريدل، إن "هذا جزء من حملة سعودية تزداد وقاحة -وفي الواقع غير مسبوقة- لإسكات المعارضين الذين قد يشككون في شرعية محمد بن سلمان؛ لأنه تم اختياره بدلا من ولي العهد محمد بن نايف (الذي وضعه ولي العهد تحت الإقامة الجبرية)". 

 

ويستدرك هيرش بأنه بالرغم من ذلك، فإن إدارة ترامب تستمر في الرد على الأسئلة المتعلقة بمصير خاشقجي بحذر شديد، وفي معظم الوقت تردد ما يقوله السعوديون بأنهم لا يعرفون ما حصل له.

 

وتذكر المجلة أن المسؤولين من مجلس الأمن القومي ووكالة الاستخبارات المركزية رفضوا التعليق لهذا المقال، فيما قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، هيذر نويرت إن أي طلب من المعلومات من الحكومة التركية يجب أن يكون عن طريق مركز التحقيقات الفيدرالي، إلا أنه دون طلب خاص من البلد المضيف فإن مكتب التحقيقات الفيدرالية لا يقوم في التحقيق في جرائم ارتكبت في الخارج، ما لم تكن أعمالا إرهابية أو ضد مواطنين أمريكيين، وبناء على تصريحات المسؤولين الأمريكيين فإنه لا يبدو أن تركيا قدمت مثل هذا الطلب.

 

ويورد الكاتب نقلا عن المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة هاكوبي ساندرز، قولها للصحافيين، بأن كلا من مستشار الأمن القومي جون بولتون، وصهر ترامب جاريد كوشنر قاما بالاتصال بمحمد بن سلمان للاستفسار عما حصل مع خاشقجي، كما اتصل وزير الخارجية، مايك بومبيو بولي العهد.

 

وتنقل المجلة عن ترامب، قوله للمراسلين يوم الأربعاء بأنه يريد أن يدعو خطيبة خاشقجي التركية للبيت الأبيض، "فخاشقجي ذهب للقنصلية لاستصدار وثيقة حتى يمكنه الزواج"، مشيرا إلى أنه سيصل إلى حقيقة اختفاء خاشقجي، وأضاف: "لا نستطيع أن نسمح لهذا بأن يحدث للمراسلين ولا لأي شخص"، لكنه قال إنه لا يدري ما حصل لخاشقجي، أما عن محمد بن سلمان، فقال: "دائما ما وجدت أنه رجل جيد".

 

ويؤكد هيرش أن نقد ترامب للسعودية يتعلق بأسعار النفط، فقال في الجمعية العمومية للأمم المتحدة الشهر الماضي بأن منظمة "أوبك"، التي تقودها السعودية "كالعادة تسرق بقية العالم.. ونحن ندافع عن كثير من هذه الدول دون مقابل، ثم يقومون باستغلالنا ببيعنا النفط بأسعار عالية، أمر غير جيد".

 

وتشير المجلة إلى أن ترامب قام خلال تجمع انتخابي هذا الشهر في ميسسيبي بانتقاد والد محمد بن سلمان، الملك سلمان، قائلا: "أحب الملك.. لكني قلت: أيها الملك نحن نحميك، ولن تستطيع أن تبقى في مكانك لمدة أسبوعين دوننا، يجب أن تدفع تكاليف الجيش .. يجب أن تدفع"، لافتا إلى أن ابن سلمان سارع للتصالح مع شريكه الأمريكي، وقال لـ"بلومبيرغ نيوز" في اليوم التالي: "إن نظرت للصورة كاملة، فإن هناك 99% إيجابيات وقضية واحدة سيئة.. أحب أن أعمل مع ترامب، أحب أن أعمل معه، وقد حققنا الكثير في الشرق الأوسط".

 

ويعلق الكاتب قائلا: "يبدو أن أجندة ترامب التي تسعى لدعم كل من السعودية وإسرائيل لاحتواء إيران هي السبب الرئيس لصمته تجاه سجل محمد بن سلمان في مجال حقوق الإنسان، وفي حالة خاشقجي فكان الرئيس الأمريكي قد فتح الباب للهجمات الجسدية على الصحافيين لكثرة ما ردد بأن الإعلام هو (عدو الشعب)".

 

وتورد المجلة نقلا عن ريدل، قوله: "أنا متآكد أن نهاية صحافي من (واشنطن بوست) لا تشكل أولوية بالنسبة لرئيس (الأخبار الكاذبة)، ولا أظن أن إدارة ترامب ستفعل شيئا بخصوص خاشقجي".

 

ويجد هيرش أنه علاوة على هذا كله، فإن هناك الصفقات، فإن كوشنر توصل إلى صفقة أسلحة قيمتها 110 مليارات دولار مع محمد بن سلمان، الذي وعد بصفقات كثيرة قادمة، وقال محمد بن سلمان لـ"بلومبيرغ" إنه بعد أن أصبح ترامب رئيسا "غيرنا استراتيجية تسلحنا مرة أخرى، وعلى مدى العشر سنوات القادمة، لنشتري أكثر من 60% من أمريكا".

 

وتنقل المجلة عن ريدل وغيره من الخبراء في الشأن السعودي، قولهم بأن محمد بن سلمان مع قيامه بعمل صداقات مع أشخاص غربيين يشغلون مناصب رفيعة فإنه زاد تهوره في حملته الوحشية "ضد المعارضة"، وأرضى ذوي السلطة في الغرب بحديثه عن العلاقات مع إسرائيل، وتقليل الدعم للوهابية. 

ويورد الكاتب نقلا عن المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط سارة لي ويتسون، قولها عن محمد بن سلمان: "قد يكون ذكاؤه (هو ما خدع الغربيين بأنه إصلاحي).. إنه بلطجي جبان وسفاح.. لكن من وجهة نظر ميكافيلية فلم يحصل أن جمع أحد من العائلة المالكة السعودية ذلك الكم من السلطة في يده".

وينقل الكاتب عن ريدل قوله إن هذا تحول عما كانت عليه الأمور سابقا من توافق داخل العائلة المالكة، وأضاف: "نظام الحكم في السعودية نظام ملكية مطلقة، لكن النظام تصرف في حدود الأعراف الدولية معظم الوقت.. لم يكن يختطف ويقتل الناقدين له بهذه الطريقة، ولم يسجن المئات من مواطنيه في فندق الريتز ليسلبهم أموالهم، ولم يضع ولي عهد سابقا تحت الإقامة الجبرية، وهذا يعكس شيئا من الطبيعة الخطرة لموقع محمد بن سلمان، فشرعيته مفتوحة وتقديره متهور". 

 

وتلفت المجلة إلى أنه من المعتقد أن الحرب ضد الحوثيين في اليمن هي من فعل محمد بن سلمان، الذي كان وزير الدفاع الجديد عندما تم إطلاقها عام 2015، أما وزير الخارجية السعودي لفترة طويلة الذي كان معارضا للحرب، سعود الفيصل، كان مريضا ومات قبل أن تبدأ، ويقول ريدل إنه منذ ذلك الحين "حاول أعضاء العائلة المالكة بالطرق كلها القول بأن القرار لم يكن قرارا عائليا".

 

ويجد هيرش أن "احتمال قتل خاشقجي لم يكن مفاجئا من حاكم يظن أنه محصن من أي انتقام، (وينكر المسؤولون السعوديون بأن خاشقجي تعرض لأي ضرر في القنصلية، ويقولون إنه غادرها بإرادته)".

 

وبحسب المجلة، فإن ريدل أشار إلى أن العاملين في حقل المخابرات يعتبرون عملية إخفاء خاشقجي كانت تمتاز باللامبالاة وسوء التخطيط والإخراج، وهو ما جعل السلطات التركية تكشفها بسرعة.

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول إنه "مع ترنح جهود محمد بن سلمان في تحديث الاقتصاد السعودي، فإن قضية خاشقجي قد تجعل ولي العهد عرضة لإعادة التفكير من والده وغيره من شخصيات العائلة المالكة البارزة في صلاحيته لاعتلاء العرش".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا

التعليقات (0)