صحافة دولية

كيف ازدهرت الحياة الثقافية بالموصل بعد خروج تنظيم الدولة؟

بادر الأهالي بتنظيم معرض للكتاب في موقع كانت ميليشيات التنظيم تتخذه معسكرا تدريبيا لأطفال الخلافة- دويتشه فيله
بادر الأهالي بتنظيم معرض للكتاب في موقع كانت ميليشيات التنظيم تتخذه معسكرا تدريبيا لأطفال الخلافة- دويتشه فيله

نشر موقع "دويتشه فيله" الألماني تقريرا سلط من خلاله الضوء على عودة الحياة الثقافية في مدينة الموصل بعد خروج تنظيم الدولة منها، حيث بادر بعض الأهالي بترميم المعالم الثقافية التي دمرت خلال الحرب.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الثقافة عادت من جديد إلى مدينة الموصل، التي تعتبر ثاني أكبر مدينة في العراق.

 

وقد بادر الأهالي بتنظيم معرض للكتاب في موقع كانت ميليشيات التنظيم تتخذه معسكرا تدريبيا لأطفال الخلافة.

وحيال هذا الشأن، أفاد أستاذ إنجليزية في جامعة الموصل، يدعى علي البارودي، بأن "الحياة عادت لتدب مرة أخرى في ثاني أكبر مدينة عراقية، وقد كان معرض الكتاب من بين إحدى التظاهرات الثقافية التي لطالما اشتهر بها العراق".

وذكر الموقع أن البارودي مؤرخ غير رسمي في المدينة، ودائما ما يقوم بجولات بين أنحاء المدينة على متن دراجته ليوثق الدمار وعمليات إعادة الإعمار. في هذا الصدد، أورد البارودي: "نحن لا ندرك قيمة الأشياء إلا بعد فقدانها"، وأضاف قائلا: "إن عملية تحرير شرق الموصل من قبضة تنظيم الدولة أحيتني من جديد".

وأوضح الموقع أن تنظيم الدولة دمر كل المعالم الثقافية والفنية، حيث أقدمت ميليشياته على تدمير كل تماثيل الشعراء والأدباء والأعمال الفنية والآلات الموسيقية. بالإضافة إلى ذلك، أضرمت هذه الميليشيات النار في مكتبة جامعة الموصل لتتحول العديد من المراجع القيمة إلى كومة من الرماد. كما قام التنظيم بحظر تداول الكتب وطالت عمليات الاغتيال الموسيقيين والفنانين.

وأفاد الموقع بأنه بعد الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003، احتلت الميليشيات المتطرفة جزءا من الأراضي العراقية. وفي هذا الإطار، أورد البارودي أن "تنظيم الدولة شبيه بالعقل، إذ أننا لا نراه على الرغم من أنه موجود بيننا ليقوم بتجميع معطيات حولنا بشكل سري".

وفي سياق متصل، تابع أستاذ الإنجليزية لدى جامعة الموصل أن "تنظيم الدولة يسير دواليب الحكم في الموصل منذ سنة 2005 بشكل سري وبشكل علني منذ سنة 2014. وفي الواقع، لا يعتبر القضاء على تنظيم الدولة أمرا سهلا.

 

اقرا أيضا : أنجلينا جولي تذرف الدموع على الموصل من هول ما رأت (شاهد)

 

فخلال فترة حكم تنظيم الدولة، كنت أشاهد الموت ألف مرة في اليوم، أما في الوقت الحالي فيجب أن تتخلص المدينة من الخوف".

وأضاف الموقع أن البارودي يرى أن توثيق عملية إعادة إعمار مدينة الموصل مهمة ضرورية على الرغم من أن والده أوصاه بملازمة الحذر.

 

ومن وجهة نظر هذا الشاب العراقي، تعيش مدينة الموصل وضعا شبيها بالوضع الذي مرت به المدينة خلال السنوات الأولى بعد سقوط نظام الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين. وفي ذلك الوقت، ظهرت ميليشيات تنظيم الدولة لتكافح الأمريكيين.

وذكر الموقع أن الأستاذ لدى جامعة الموصل، مروان طارق، اعترف بأن مدينة الموصل تطورت بعد سقوط تنظيم الدولة.

 

كما أكد طارق أن "الوضع في الموصل بعد انسحاب تنظيم الدولة أصبح أفضل. فقد أتلف تنظيم الدولة كل الآلات الموسيقية على غرار البيانو والعود والقيثار".

وأورد الموقع أن طارق بادر رفقة طلبته بترميم ما تبقى من مبنى الجامعة دون الحصول على دعم حكومي.

 

وفي الوقت الراهن، لا يزال الأهالي متخوفين من أفراد الميليشيات المختفين تحت الأرض. وقد صرح طارق بأن "الأهالي أصبحوا يرون أن الفن أمر يذكرهم بزمن الاحتلال".

وأضاف الموقع أن الفنانين في مدينة الموصل وجدوا طريقة جديدة لتفجير مواهبهم. ففي شهر أيار/ مايو من سنة 2017، قام طارق والبارودي بتنظيم معرض فني شرقي الموصل على ركام الجامعة.

 

وبعد أن أكلت النيران المكتبة، تمكن البارودي وبعض الطلبة المتطوعين من إنقاذ حوالي 6000 كتاب. ومن جهته، أطلق المؤرخ عمر محمود دعوة لاستيراد بعض الكتب من الخارج لتحل محل الكتب التي التهمتها النيران.

وأورد الموقع أن الموسيقى عادت إلى الموصل، حيث ارتفعت أصوات العود في المعرض الفني وفي مسجد النوري المدمر، فضلا عن مقهى "ملتقى الكتاب"، الذي يديره كل من فهد صباح وحارث ياسين.

 

وتجدر الإشارة إلى أن صباح وياسين افتتحا هذا النادي ليكون فضاء لقراءة الكتب واحتساء القهوة وتنظيم حفلات موسيقية وملتقيات أدبية.

وأشار الموقع إلى أن هذا المقهى يحتوي على العديد من الكتب وصور الفنانين والكتاب والموسيقيين. وقال صباح إنه "قبل ظهور تنظيم الدولة، كان الحوار المفتوح أمرا مستحيلا نتيجة الخوف من الميليشيات المتطرفة، أما الآن فأصبح المجتمع أكثر انفتاحا". وأكد صباح أن "هذا المقهى يعتبر الفضاء الوحيد الذي يلتقي فيه الرجال والنساء".

وفي الختام، نقل الموقع عن صباح قوله إنه "إلى حدود الثمانينات، كانت دور السينما مختلطة، وبعد ذلك الوقت أصبح المجتمع متطرفا لتتراجع قيمة الثقافة".

 

وأوضح صباح أن "أول خطوة في اتجاه حل المشاكل تتمثل في فهمها. ولن يكون الأمر سهلا، لذلك علينا أن نعمل بجد".

0
التعليقات (0)