سياسة عربية

قصة أب يمني ودع أبناءه الثلاثة قبل قصف الحافلة بصعدة

يقول التحالف العسكري إنه استهدف حافلة للحوثيين في موقع الضربة- جيتي
يقول التحالف العسكري إنه استهدف حافلة للحوثيين في موقع الضربة- جيتي

وافق والد أطفال ثلاثة، يوسف وأحمد وعلي، الذين تتراوح أعماره بين 13 و 9 أعوام، بإلحاقهم للرحلة المدرسية، بعد رفضه قبل أسبوع لمشاركتهم في رحلة سابقة كانت المدرسة قد نظمتها، خوفا على حياتهم.

 

ونظمت المدرسة الرحلة التي وافق عليها الأب لأبنائه للمشاركة فيها دون أن يعلم أنه يودعهم للمرة الأخيرة.

 

افترق الأب عن أبنائه موقع التجمع في السوق صباح يوم 9 آب/أغسطس، وصعد الإخوة الثلاثة إلى الحافلة التي قبيل تحركها، تعرّضت لضربة جوية، فقتل فيها الأبناء الثلاثة، ومعهم كثير من زملائهم.

وقال طيّب والد الأطفال الذي يقطن في ضحيان بمحافظة صعدة على بعد نحو 20 كلم شمال صنعاء: "لوّحوا لي، وقلت لهم: في أمان الله".

وعلّقت صور الأشقاء الثلاثة على جدار كبير في غرفة الجلوس، إلى جانب صور قتلى آخرين قضوا في الحرب المتواصلة منذ 2014.

 

اقرأ أيضا: تحالف السعودية والإمارات يؤكد مشروعية قصف صعدة

وكتب تحت كل صورة "تاريخ الاستشهاد 9 / 8/ 2018 مجزرة الطفولة بضحيان"، وإلى يمينها "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل"، وهو شعار يردده الحوثيون في مظاهراتهم.

وأمام المنزل الحجري القديم، تنّقل محمد (5 أعوام) الذي أصبح الابن الوحيد بعد مقتل أشقائه، فوق دراجته وقد ارتدى بزة عسكرية باللونين الأسود والابيض.

وأعادت هذه الضربة الدامية تسليط الضوء على الثمن الباهظ الذي يدفعه المدنيون في أفقر دول شبه الجزيرة العربية، جراء أربع سنوات من حرب مدمّرة بين قوات الحكومة المعترف بها دوليا والحوثيين المدعومين من إيران.

ويشن تحالف عسكري بقيادة السعودية ضربات جوية وحملات برية دعما للقوات الحكومية منذ آذار/مارس 2015. وقتل في اليمن منذ بدء الحملة العسكرية، نحو عشرة آلاف شخص معظمهم من المدنيين (نحو 6600) بينهم أكثر من 2200 طفل، وفقا للأمم المتحدة.

وبعد نحو شهر من وقوعها، لا تزال الغارة في ضحيان قيد الدراسة والتحقيق من قبل التحالف الذي اتهمه الحوثيون بالوقوف خلفها.

وذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن أكثر من 50 شخصا بينهم 40 طفلا قتلوا جراء قصف طائرات التحالف للمكان.

 

اقرأ أيضا: التحالف العربي يقر بقتل أطفال صعدة متحدثا عن "أخطاء"

ويقول التحالف العسكري بقيادة السعودية إنه استهدف حافلة للحوثيين في موقع الضربة، لكن "أخطاء" في التوقيت رافقتها، أدت إلى "أضرار جانبية"، بينما يصرّ الحوثيون على أن الحافلة كانت تقل أطفالا.

وتعهد التحالف بمحاسبة المسؤولين على "الأخطاء"، مشددا على أن الهدف كان "مشروعا".

المؤمن لا يكذب

 

أما والد الأطفال، فإن كل ما يعنيه أن أبناءه الثلاثة قتلوا في صباح لا تُمحى تفاصيله من ذهنه.

ويروي الأب بهدوء: "استيقظت في الصباح فرأيتهم وقد ارتدوا ملابس العيد، ومازحتهم وقلت لهم إنهم لن يذهبوا، فقالوا لي: المؤمن لا يكذب، وأنت وعدتنا".

في المكان، سار طيّب لنحو 150 مترا بعدما لوح لأبنائه مودعا، "ثم وقعت الضربة. بين الغبار، رأيت أشلاء، وكل ما تبقى من الحافلة كان حديدها".

وتابع: "أول جثة رفعتها كانت لولدي أحمد، قلت في نفسي: بلى، هذا ابني أحمد، وشعرت بأن هذه اللحظة لن أنساها أبدا".

 

اقرأ أيضا: بعد حادثة صعدة.. التحالف يتهم الحوثيين بتجنيد الأطفال

وذكر طيّب أن أبناءه كانوا يتابعون دروسا في مدرسة لحفظ ودراسة القرآن، مشيرا إلى أن الرحلة المدرسية التي نظّمت على مرحلتين، كانت للاحتفال بعدما أنجز الطلاب اختبارهم الأخير.

وقال: "أحمد حصل على المركز الثاني، وعلي على المركز الثالث. كانوا أذكياء ومهذبين وهادئين". 

وغالبا ما يجد المدنيون في اليمن أنفسهم عالقين بين أطراف النزاع، فبينما ينفذ التحالف غارات جوية، وتشن القوات الحكومية حملات برية، يقصف الحوثيون مواقع بصواريخ أصابت في مناسبات عدة، مواقع مدنية وأدت إلى سقوط ضحايا، بينهم أطفال.

وفي 28 آب/ أغسطس الماضي، أعلنت بعثة خبراء مفوضة من قبل مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أن كل أطراف النزاع في اليمن يحتمل أن يكونوا ارتكبوا "جرائم حرب".

وصدر التقرير بعد أيام على مقتل 26 طفلا في أعمال عنف قرب مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر، وقبل أسبوع من مشاورات سلام بين المتنازعين تستضيفها جنيف برعاية الأمم المتحدة بدءا من الخميس.

وفي وقت يشكك الحوثيون والحكومة في أن تؤدي هذه المشاورات وهي الأولى منذ عام 2016 إلى حل للنزاع الدامي، يزور طيّب مقبرة دفن فيها أطفاله الثلاثة كلّما تذكر صباح الغارة.

 

اقرأ أيضا: قناة للحوثي تعرض لقطات أطفال صعدة قبل استهدافهم (شاهد)

ووضع الأهالي زهورا اصطناعية فوق مجموعة من القبور التي دفن فيها أحبتهم، محاذية لقبور مفتوحة بانتظار قتلى آخرين.

ونقلت بقايا الحافلة التي استهدفت في ضحيان إلى منطقة قريبة من المقبرة، ووضعت في مربع تحيطه الحجارة من كل جانب.

ودخل طيّب بين بقايا الحافلة، ورفع حذاء وسترة وقال "هذه أغراض الأطفال".

التعليقات (0)