مقالات مختارة

تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية

حسن البراري
1300x600
1300x600

لا يترك رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فرصة إلا ويتباهى بأن بلاده وصلت إلى مرحلة متقدمة من تطبيع العلاقات مع دول عربية مركزية، في إشارة واضحة للمملكة العربية السعودية، وتشير مصادر مقربة من نتنياهو إلى أن المراقبين لم يرصدوا بعد سوى قمة جبل الجليد، في إشارة إلى عمق العلاقات الثنائية بين تل أبيب والرياض.

وعلى نحو لافت، لا تنفي الرياض تأكيدات الجانب الإسرائيلي على تطبيع العلاقات مع السعودية، فالعلاقات مع إسرائيل لا تعبر عن خطة استراتيجية سعودية واضحة المعالم والأهداف، بقدر ما تعبر عن فقر الخيارات في السياسة الخارجية، بمعنى أن التقارب السعودي الإسرائيلي إنما يعكس حاجة الرياض لحليف بحجم وتأثير تل أبيب في وقت تتلقى فيه السعودية الهزائم المتتالية في الإقليم وتعجز عن كبح جماح إيران والحد من اتساع دائرة نفوذها وتأثيرها على حساب السعودية في الإقليم بشكل عام.

من دون شك، تربح إسرائيل من هذا التقارب مع السعودية، فمحاولات قادة السعودية في إيجاد أرضية مشتركة مع إسرائيل تعني من جملة ما تعني أن إسرائيل أصبحت جزءا من الحل، وهو اعتراف لم تحصل عليه إسرائيل من أي طرف عربي طيلة سنوات الصراع على فلسطين.

ويعتقد قادة السعودية أن من شأن التقارب مع إسرائيل أن يردع إيران، على اعتبار أن إسرائيل ستحارب إيران نيابة عن السعودية إن لزم الأمر! لكن هذا بتقديري لن يحدث، فمصالح إسرائيل في الصراع مع إيران هي واضحة وليس من بينها الدفاع عن السعودية أو مساعدة السعودية على استعادة زمام المبادرة مع إيران، فهناك خطوط حمراء رسمتها إسرائيل وهي على استعداد لاستخدام القوة العسكرية في حال تجاوز إيران خطوط إسرائيل الحمراء، وهو ما حدث في سوريا طيلة السنوات السبع الماضية.

وفضلا عن حصول إسرائيل على اعتراف ضروري من قبل هذه الدولة العربية المركزية، فإن العلاقة مع إسرائيل تساعدها على بث اليأس في قلوب الفلسطينيين الذين تحاول إسرائيل الإمعان في انكشافهم عن طريق الالتفاف على حقوقهم من خلال التفاهم مع السعودية. وتقرأ إسرائيل المشهد الإقليمي جيدا، فقادتها توصلوا إلى نتيجة مفادها أن القضية الفلسطينية أصبحت على ذيل قائمة الأولويات لبعض الأنظمة العربية، وفي مقدمتها السعودية، وعليه فإن التقارب مع السعودية قد يدفع الأخيرة على ممارسة نفوذها المالي للضغط على الفلسطينيين لتقديم تنازلات مجانية لإسرائيل.

قبل فترة بسيطة كتب رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي الأسبق ووزير الدفاع الأسبق موشيه يعلون مقالا هاما نشر في مركز الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب يتحدث فيه عن دوافع السعودية للتقارب مع إسرائيل، وهو يرى بأن لا خيار أمام السعودية سوى الاعتراف بضعفها في مواجهة إيران، وبالتالي التفاهم مع إسرائيل على استراتيجية مشتركة للتصدي لإيران. فوفقا لهذا التفكير، يمكن للسعودية أيضا أن تساهم في تحقيق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل لكنه لم يقل لنا كيف! فإسرائيل ترفض مبادرة السلام العربية، وهي ترفض أي حل يفضي إلى حل الدولتين، بمعنى أن إسرائيل تبحث عن شريك عربي يقبل بتصفية القضية الفلسطينية وتفكيكها بحيث تسمح لإسرائيل بالتوسع والحفاظ على يهودية الدولة في الوقت ذاته.

بكلمة، في حسابات الربح والخسارة ستخرج إسرائيل الكاسب الأكبر في أي علاقة تطبيعية مع دولة بحجم ومكانة السعودية، وبتقديري لن يكون في أجندات السعودية استغلال هذا التقارب لإقناع إسرائيل بضرورة حل الصراع العربي الإسرائيلي، وإنما ستمتثل الرياض لموقف تل أبيب إزاء القضية الفلسطينية، وهو أمر يعرفه الإسرائيليون جيدا وكذلك قادة السعودية.

عن صحيفة الشرق القطرية

0
التعليقات (0)