حقوق وحريات

"الباب الدوار".. معتقلو مصر يخرجون من السجن إلى السجن

عيد: مئات المعتقلين المخلى سبيلهم يخرجون من السجن إلى السجن
عيد: مئات المعتقلين المخلى سبيلهم يخرجون من السجن إلى السجن
باب دوار.. لا تكاد تخرج منه حتى تجد نفسك داخل ذات المبنى مرة أخرى.. هذا هو الوضع الذي يفرضه نظام عبد الفتاح السيسي على مئات المعتقلين في السجون المصرية، حيث يتم إدراجهم في قضية جديدة بعد قرار المحكمة بإخلاء سبيل أحدهم في القضية الرئيسية المحبوس على ذمتها.

ويحدث هذا الأمر في أثناء إنهاء إجراءات إخلاء سبيل المعتقل وبعد نقله من السجن إلى قسم الشرطة التابع له، حتى يتم الكشف على سجله الجنائي لمعرفة ما إذا كان مطلوبا على ذمة قضية أخرى أم لا، وانتظار موافقة الأمن الوطني على إخلاء سبيله أو رفض الإفراج عنه، باعتباره يمثل خطورة على أمن البلاد، وعلى الرغم من أن هذه الخطوة لا تتم بصورة رسمية لأنها غير قانونية، إلا أنها حالت دون الإفراج عن كثير من المعتقلين.

دائرة مفرغة

وفي هذا السياق قال مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد، إن العديد من الناشطين والمعارضين يتم إلقاء القبض عليهم ظلما ويستمر حبسهم أشهرا طويلة، وربما سنوات، وعندما تقرر المحكمة إطلاق سراحهم لتصحيح هذا الخطأ، يأتي دور أجهزة الأمن التي تعادي الحرية وتقرر ضم أسمائهم لقضايا أخرى، ومن بينها القضية 441 التي يطلق عليها المحامون والمدافعون عن حقوق الإنسان اسم "الثلاجة".

وأضاف عيد، في تصريحات صحفية،: نتيجة لهذه الممارسات غير القانونية، فإن مئات المعتقلين المخلى سبيلهم بدلا من مغادرة السجن إلى بيوتهم، نجدهم يخرجون من السجن إلى السجن ليبدؤوا رحلة معاناة جديدة، ولا يعلم أحد إلى متى ستستمر.

من جانبه قال مختار منير المحامي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، إن النيابة حققت مع إسلام الرفاعي في القضية 441 المدرج على ذمتها عشرات الإعلاميين والصحفيين المعتقلين بعد إخلاء سبيله في القضية المعروفة باسم "مكملين 2" وقررت النيابة حبسه 15 يوما على ذمة التحقيقات.

وأضاف أنه في أيار/ مايو الماضي اتبع الأمن الطريقة ذاتها مع الناشط السياسي شادي الغزالي حرب، حيث تم القبض عليه وأحيل للتحقيق في بلاغ ضده تقدم به المحامي سمير صبري، اتهمه فيه بإهانة رئيس الجمهورية والتحريض ضده، وبعد حبسه لعدة أشهر أصدرت النيابة قرارا بإخلاء سبيله بكفالة 50 ألف جنيه، وبعد سداد الكفالة وانتظار موافقة الأمن الوطني على إخلاء سبيله، اكتشف المحامون أنه متهم في قضية جديدة بالانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف القانون، الغرض منها تعطيل الدستور ونشر أخبار كاذبة عن الأوضاع السياسية والاقتصادية بالبلاد؛ لزعزعة الثقة فى الدولة ومؤسساتها.

وحدث الشيء نفسه مع الصحفي عادل صبري الذي تم إلقاء القبض عليه في نيسان/ أبريل الماضي، ونسبت له النيابة تهم الانضمام لجماعة إرهابية، ومناهضة نظام الحكم والترويج إلى تغيير مبادئ الدستور، وإذاعة بيانات وأخبار كاذبة عمدا عبر موقع مصر العربية، الذي يرأس تحريره ومجلس إدارته، والتحريض على التظاهر بقصد الإخلال بالأمن والنظام العام.

وبعد أكثر من ثلاثة أشهر من الحبس الاحتياطي في القضية، صدر قرار من محكمة الجنايات قبل أسبوعين بإخلاء سبيله بكفالة قدرها 10 آلاف جنيها، قبل أن يفاجأ المحامون بعد دفع الكفالة تمهيدا للإفراج عنه بالتحقيق معه في قضية جديدة وهي القضية رقم 441 لسنة 2018 بتهمة الانضمام لجماعة محظورة ونشر أخبار كاذبة، وبعدها قررت النيابة حبسه 15 يوما على ذمة القضية الجديدة.

من السجن إلى السجن مجددا

وفي هذا السياق، قال والد المهندس أحمد حسن المعتقل منذ شباط/ فبراير 2017 إنه حصل على إخلاء سبيل في شهر حزيران/ يونيو الماضي، لكنه فوجئ بإدراجه في قضية أخرى لا يعلم عنها شيئا، وتم عرضه على النيابة التي قررت حبسه على ذمة القضية الجديدة.

وأضاف حسن، لـ"عربي21"، أن "الغريب في الأمر أن القضية التي تم اتهام نجلي فيها، جرت وقائعها بينما كان ابني في المعتقل"، مؤكدا أن الأمر لا يعدو كونه إجراء انتقاميا من الأمن حتى لا ينعم المعتقلون بالحرية.

أما زوجة المعتقل محمد السيد، فقالت إن زوجها حصل على إخلاء سبيل في القضية المتهم فيها بعد حبس دام نحو عامين، وفي أثناء إنهاء إجراءات سبيله في قسم الشرطة، "فوجئنا بأن الشرطة تخبرنا أنه غير موجود في القسم وأنه تم الإفراج عنه، وبعد دفع رشاوى مالية لأمناء الشرطة، عرفنا أنه تم إخلاء سبيله بشكل صوري في المستندات الرسمية فقط، وتم ترحيله إلى أحد مقرات الأمن الوطني".

وأوضحت لـ"عربي21" أن زوجها ظل مختفا قسريا في الأمن الوطني لمدة أسبوعين قبل أن يتم اتهامه في قضية جديدة، وتم عرضه على النيابة التي قررت حبسه على ذمتها وتم إعادته إلى السجن مرة أخرى، بعد أن كان على وشك الخروج إلى بيته، مضيفة أنها لا تعرف كيفية الخروج من هذه الدائرة المفرغة التي تدور فيها منذ عام ونصف.
0
التعليقات (0)