قضايا وآراء

الكنيسة المصرية وصمت العلمانيين عن ممارساتها

عصام تليمة
1300x600
1300x600

هذا قرار صدر منذ ما يقرب من أسبوعين، عن لجنة الرهبنة والأديرة، بالمجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذوكسية، وقد جاء فيه ما يلي:


(قررت لجنة الرهبنة والأديرة تجريد كل من:

1ـ الراهب القس يعقوب المكاري، قررت اللجنة تجريده من الرهبنة والكهنوت ورجوعه إلى اسمه العلماني/ شنودة وهبة عطا الله جورجيوس.

وذلك بسبب عدم الخضوع لقرارات لجنة الرهبنة والأديرة، وعدم الطاعة للآباء الأساقفة المنتدبين من قبل قداسة البابا، وقيامه بأعمال أخرى مهينة للرهبنة.

2ـ الراهب/ أشعياء المقاري، قررت اللجنة تجريده من الرهبنة ورجوعه إلى اسمه العلماني/ وائل سعد تواضروس ميخائيل وذلك بسبب مخالفات بلغ عنها رئيس الدير والربيته تعارض قوانين الرهبنة. ونناشد جموع الأقباط بعدم التعامل مع هذين الشخصين على الإطلاق.
وابن الطاعة تحل عليه البركة).

لنا أن نتخيل لو أن هذا القرار والمرسوم صادر عن جماعة الإخوان المسلمين مثلا بفصل عضوين لمخالفة لوائح ونظم الجماعة، أو عن مشيخة الأزهر عن شيخين من مشايخها خالفا قواعد التدريس فيها، أو النظم الإدارية والعلمية، ما رد فعل كتاب لا يتركون شاردة ولا واردة عن الجماعات الإسلامية، ولا المؤسسة الدينية دون كيل الاتهامات لها في معظم ما يصدر عنها.

فمثلا كنا سنرى كتابا بعينهم لا يتركون خبرا صغيرا أم كبيرا عن الإخوان، إلا وستجد التعليقات على أنها جماعات دينية متطرفة، تستغل الدين في السياسة، وأنها دولة داخل الدولة، وأنها جماعة غامضة لا تخضع لمحاسبة الدولة، كنت ستجد حلمي النمنم، وضياء رشوان، ومكرم محمد أحمد وغيرهم يتحدثون عن هذا الكيان الذي لا نعرف من أين مصادره المالية، ولا كيف ينفقها؟ وما هذه اللوائح التي تتحدى الدولة.

ولو كان هذا القرار صادرا من الأزهر، لرأيت إبراهيم عيسى وخالد منتصر، وإسلام البحيري وغيرهم صرخوا بأعلى صوتهم: أنقذوا مصر من الدولة الدينية، إنه الكهنوت في أقبح صوره، انظروا للقرار وما فيه من تكريس لدولة الحكم الإلهي، وكيف أنها تسمي الشخص بأنه يعود لاسمه العلماني، في غمز ولمز للعلمانية، وتحريض عليها، وحط من شأنها، واحتقار لمن يؤمنون بأفكارها، إن الأزهر جعل من نفسه شعب الله المختار، فمن ينضم إليه فهو ابن الدين والكهنوت، ومن يطرد منه فقد طرد من رحمة الله، ويعود لاسمه العلماني قبل المشيخة الكهنوتية!! هذه ستكون عبارتهم في الهجوم والتقريع.

في آخر القرار جملة تختبر كل من يتشدقون بحرية الفكر وإعمال العقل، من مدعي العلمانية والاستنارة في مصر، تقول العبارة: (وابن الطاعة تحل عليه البركة)، أليست هذه عبارة (السمع والطاعة) عند جماعة الإخوان، والتي أطلقوا على من يؤمنون بها أنهم: خرفان. وجماعة المرشد والسمع والطاعة له، ما الفرق بين العبارتين؟ الفرق أنها مستنكرة من الإخوان، سواء اتفقنا في طريقة تطبيقها أم لم نتفق، ولكنها مقدسة ومعتبرة عندما تصدر من الكنيسة، ويلوذ العلمانيون بالصمت عند استعمالها من (دولة الكنيسة).

عندما قال الشيخ محمد حسين يعقوب: (غزوة الصناديق)، كتب إبراهيم عيسى وضياء رشوان، عن هذه العبارة، ورموا بها التيار الإسلامي كله، رغم الفروق الكبيرة بين فصائل الإسلاميين، ولكن عندما قال البابا تواضروس عن دستور الانقلاب سنة 2014م: قول نعم تجلب النعم. خرسوا جميعا، ولم ينكر عليه أحد.

إن الدين الوحيد الذي يتجرأ عليه كل من هب ودب في مصر والعالم العربي، بالحديث عن ثوابته، ومهاجمة علمائه، هو الإسلام، فيصرح إعلامي لا علاقة له بالعلم الشرعي، ولا بالفتوى، وهو محمد الباز، بتغيير نصيب المرأة في الميراث لتتساوى بالرجل، رغم أننا لم نقرأ له ولا لغيره أي حديث عن الطلاق في الكنيسة ومنعها له دينيا، ولو كان هو وغيره من علمانيي ويساري مصر يمتلكون الجرأة في الحديث، لفعلوها، ولكن الجرأة والحديث عن الثوابت الدينية الإسلامية، والمؤسسات الدينية الإسلامية، أما الكنيسة وأفكارها، فالاقتراب منها نوع من التهلكة التي يبتعدون عنها!! 

 

[email protected] 

0
التعليقات (0)

خبر عاجل