صحافة دولية

تحقيق لـ"إندبندنت" عن الإمارات والقاعدة في اليمن (فيديو)

تحقيق الصحيفة البريطانية يتناول ما أثير عن صفقات بين الإمارات والقاعدة في اليمن- جيتي
تحقيق الصحيفة البريطانية يتناول ما أثير عن صفقات بين الإمارات والقاعدة في اليمن- جيتي

نشرت صحيفة "الإندبندنت" تحقيقا مفصّلا عن نشاط دولة الإمارات في اليمن وما قالت إنه "تعاملها مع تنظيم القاعدة هناك".


وكشف التحقيق الذي ترجمته "عربي21" عن انتقادات للجهود الإماراتية التي تفاهمت في بعض الأحيان مع مقاتلي تنظيم القاعدة من أجل الخروج من المناطق والهروب بالأموال التي غنموها، فيما أكد ضباط إماراتيون أن قوات بلادهم ستبقى في اليمن حتى تتم هزيمة التنظيم وتنظيف اليمن منه.


وبدأت الصحيفة تحقيقها من حي سعد في ميناء عدن، والذي كان الحي الذي دخل منه الحوثيون إلى الميناء عندما توسعوا جنوبا بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء. وقالت: "لم نقض سوى ربع ساعة في دار سعد، أحد الأحياء التي تعرضت للضرب في الحرب المستمرة"، مشيرة إلى أن الجنود الإماراتيين شعروا بالعصبية عندما أحسوا أن خللا أمنيا قد حدث. وقالوا إن عليهم العودة من طريق آخر خوفا من ألغام أو قنابل بدائية زرعت في الطريق. وتعلق قائلة إن الإماراتيين حذرون بدرجة شديدة رغم تحول عدن لمركز قوات التحالف والقوات الإماراتية.


وأشارت إلى محاولة قتل محافظ تعز أمين محمود عندما انفجر لغم في موكبه وجرح حرسه. وتضيف أن التحالف الخليجي يعترف بسيطرة الحكومة اليمنية على الميناء، لكنه يواجه تهديدات خفية من الحوثيين المدعومين من إيران وتنظيم القاعدة الذي سيطر مرة على المنطقة الغربية من الميناء. وتخشى الإمارات من استهداف قواتها بعدما قادت عملية مكافحة الإرهاب في اليمن، والتي أعلنت عنها في نيسان (إبريل) 2015، إلى جانب العملية ضد الحوثيين.


ومنذ ذلك الوقت تركت الإمارات على خلاف السعوديين آثارها في اليمن من خلال تدريب قوات موالية لها وسيطرتها على قواعد عسكرية وقواعد جوية وموانئ على طول الساحل الجنوبي- الغربي لأفقر بلد في الخليج. ويقول القادة العسكريون الإماراتيون إن أهم أولوية لهم هي سحق تنظيم القاعدة.

 

وتشير إلى لقاءات وصفتها بالنادرة مع القادة الإماراتيين في أبو ظبي واليمن قالوا فيها إن الإمارات ستواصل الحرب ضد القاعدة إلى حين هزيمة القيادة المركزية للتنظيم. وحتى لو أدى ذلك إلى استمرار تورطهم في اليمن بعد هزيمة الحوثيين.


ودربت أبو ظبي 60.000 مقاتل من أبناء العشائر وقوات الأمن السابقين والفصائل المسلحة، ونصفهم يشاركون في العمليات ضد القاعدة في اليمن. ويقولون إنه وبناء على دعم من الإمارات استطاعت هذه القوات تقليص سيطرة القاعدة إلى عدد من القرى الصغيرة، فيما انخفضت القدرات القتالية له إلى حوالي 200 مقاتلا، لا يفعلون أي شيء سوى "محاولة النجاة من غارات التحالف".

 

وبحسب مسؤول عسكري إماراتي بارز: "القاعدة في حالة هروب واختفاء. وقد حرمناهم من ملاجئهم الآمنة وتدفق الأموال ومجمعات التجنيد. ولاحق التحالف التنظيم بدون رحمة، والفضل يعود إلى 30.000 يمني قمنا بتدريبهم وتسليحهم".


وقال إن "عملية مكافحة القاعدة ستستمر وسنظل في اليمن حتى نكسر القاعدة، وسنبقى حتى النهاية". وقال الجنرال علي من قوات المهام الخاصة الإماراتية إن بلاده ستظل في اليمن  لقتال "العدو الدولي" حتى بعد هزيمة الحوثيين.


وتشير الصحيفة إلى أن التنظيم قبل بدء العملية ضدهم والحوثيين كان يسيطر على مناطق واسعة على طول الساحل الغربي لليمن وفي المناطق الداخلية. واستطاع استغلال انقلاب الحوثيين على الرئيس عبد ربه منصور هادي وتوسيع مناطق نفوذه. ورفع التنظيم علمه فوق المكلا، كبرى المدن اليمنية وزنجبار وجعار؛ عاصمة محافظة أبين. وبحسب الإماراتيين فقد سيطرت القاعدة على هذه المدن وتعدادها سكانها 850.000 نسمة بحيث وفر لها مصادر مالية كبيرة. وصنفت الولايات المتحدة تنظيم القاعدة في اليمن كمنظمة إرهابية.

 

ومنذ عام 2009 هاجم التنظيم السفارات الأمريكية والإيطالية والبريطانية، كما واستهدف سياحا بلجيكيين وحاملة نفط يابانية وقتل 90 جنديا في صنعاء. وفي نفس العام أرسل عمر فاروق عبدالمطلب لتفجير طائرة كانت في طريقها إلى مطار ديترويت.

 

وفي عام 2015 قتل أتباع له 15 عاملا في المجلة الساخرة تشارلي إيبدو. ويقول الإماراتيون إن جهودهم أثمرت عن تراجع التنظيم وتأثيره. ولا يتعدى حضوره سوى جيوب في مأرب وسط اليمن والبيضا في الشرق بوادي حضرموت، وتم تدمير قدراته لتنفيذ هجمات من اليمن.


وتعلق الكاتبة أن النجاح الإماراتي لم يأت بدون انتقادات حيث قال البعض إن التحالف لم ينتصر عسكريا، بل ومن خلال عقد صفقات مع مقاتلي القاعدة ودفع أموال لبعضهم، وسمح للآخرين بالهروب بالأموال التي نهبوها. وكانت معركة المكلا هي الأكثر جدلية، فقد سيطر التنظيم على المدينة لمدة عام قبل أن يقوم المسلحون الذين دربتهم الإمارات بطردهم.

 

ففي تحقيق أجرته وكالة أنباء أسوشتيدبرس، أشار إلى أن القاعدة سُمح لها بممر آمن واحتفاظ المقاتلين بسلاحهم و100 مليون دولار نهبت من البنك الرئيسي في المدينة. واستند التقرير إلى شهادات رجال قبائل وجنود ومسؤولين أمنيين. ويرفض القادة الإماراتيون الاتهامات، ويقولون إنها غير صحيحة وغير منطقية.

 

واعترفوا بوجود حالات استسلام لمجموعات صغيرة، لكن لا صفقات عقدت. وأضافوا أن السماح للقاعدة بالهروب بما نهبوه يتناقض مع هدفهم الرئيسي وهو حرمان التنظيم من المصادر المالية. وقال الجنرال فرج البشاني، محافظ حضرموت حيث تقع المكلا إن التقارير غير صحيحة وإن 360 مقاتلا من صفوفه قتلوا في أثناء تحرير المدينة. وكانت معركة شرسة "وخضنا معركة استمرت أربع ساعات للسيطرة على قواعد عسكرية على رأس الجبل، وكان القتال في القاعدة الجوية شديدا".

 

ورفض بشاني كل الاتهامات التي قالت إن عملية مكافحة الإرهاب استوعبت المقاتلين الأشداء في قيادة القاعدة ضمن صفوف اليمنيين، قائلا إن أمرا كهذا سيكون بمثابة انتحار: "لو كانوا في الداخل لكنت أول القتلى وسيكونون بمثابة خلايا نائمة".

 

ويقول سكان المكلا إنهم لم يسمعوا أصوات القنابل ولم يشاهدوا قتالا للسيطرة على مدينتهم التي استمرت 24 ساعة. وبحسب أحمد الذي اختطفه تنظيم القاعدة: "لم نسمع إلا قتالا قليلا، وكان عنيفا في بعض المناطق خاصة خارج المدينة" و"نفهم حدوث نوع من الوساطة لتجنب خسائر بين المدنيين. وفوجئنا بخروج القاعدة سريعا". ويقول المحللون إن الصفقات تم عقدها داخل المدينة "في بداية المعركة".

 

وتنقل عن بيتر سالزبري قوله: "تم وضع القاعدة أمام خيار بسيط: إما قتال التحالف أو الخروج بأسلحتكم وأموالكم ورجالكم". وأضاف أن القاعدة في شبه الجزيرة العربية اتخذت قرارا استراتيجيا، وبعد ضغوط وبعد غارات بالدرون ضد قادتهم فقد كان قرارا منطقيا على المدى الطويل لأنه لا مصلحة لهم في احتلال مناطق بحيث يكونون عرضة للهجمات.

التعليقات (0)