ملفات وتقارير

لماذا فشل برلمان تونس في إرساء "المحكمة الدستورية"؟

ينص الفصل 118 من الدستور التونسي، على أنّ "المحكمة الدستورية، هي هيئة قضائية مستقلة"- جيتي
ينص الفصل 118 من الدستور التونسي، على أنّ "المحكمة الدستورية، هي هيئة قضائية مستقلة"- جيتي

أثار فشل البرلمان التونسي في انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية –هيئة قضائية رقابية مستقلة-  للمرة الرابعة على التوالي، موجة اتهامات متبادلة بين الكتل الحزبية، ومخاوف الأوساط القانونية، من إخلال  ممنهج للمنظومة الدستورية وتداعيات ذلك على المسار الديمقراطي في البلاد.


وينص الدستور، على إرساء المحكمة الدستورية في غضون سنة من تاريخ الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 26 تشرين الأول/ أكتوبر 2014، إلا أنه تم تجاوز هذه المدة، بسبب خلافات حادة بين الكتل البرلمانية حول الأعضاء المرشحين للمحكمة وغياب التوافق حولهم.


وحذر خبراء دستوريون من تعطل إرساء المحكمة الدستورية للسنة الرابعة على التوالي، وسط اتهامات للأحزاب بالمحاصصة الحزبية، والخرق الفاضح للدستور وبعدم رغبة بعضهم في إرساء هذه الهيئة الرقابية القضائية.


واعتبر الخبير في القانون الدستوري قيس سعيد في تصريح لـ"عربي21" أن المحكمة الدستورية تكتسي أهميتها من كونها هيئة قضائية مستقلة، مكلفة بمراقبة مدى احترام القوانين التشريعية الصادرة عن البرلمان لأحكام الدستور ومقاصده.


وأضاف أن "مهمتها ليست بالهينة، فهي ستقوم بتأويل أحكام دستورية، وهي بمثابة سلطة تشريعية عليا، والخوف أن تنحرف عن هذه المهمة لتخدم مقاصد السياسيين ومصالحهم الحزبية الضيقة"، مشددا على أن "القضية تتمثل أساسا في تركيبة الهيئة الدستورية وأعضائها، وبمدى حياديتهم ونأيهم عن التجاذبات الحزبية".

 

اقرأ أيضا: الشاهد ينقل معركته ضد السبسي ونجله للبرلمان.. من يغلب؟


وأوضح أن "الأمر يكتسي خطورة بسبب رغبة كل حزب في فرض أسماء بعينها، بمنطق الولاءات الحزبية، في ضرب واضح لحيادية هذه الهيئة على خلاف ما يمليه الدستور".


وينص الفصل 118 من الدستور التونسي، على أنّ "المحكمة الدستورية، هي هيئة قضائية مستقلة، تتكون من اثنى عشر عضوا من ذوي الكفاءة، ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون، الذين لا تقل خبرتهم عن عشرين سنة".


"ويعيّن كل من رئيس الجمهورية، ومجلس نواب الشعب، والمجلس الأعلى للقضاء، أربعة أعضاء، على أن يكون ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون ويكون التعيين لفترة واحدة مدّتها تسع سنوات".


من جانبه، أرجع النائب عن حزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي في حديثه لـ"عربي21" فشل البرلمان في التصويت على إرساء أعضاء المحكمة الدستورية، "بانعدام الرغبة السياسية من قبل أحزاب بعينها".


وتابع: "هناك مماطلة مقصودة من حزبي نداء تونس ومشروع تونس في تركيز المحكمة الدستورية، وتتجلى أساسا برفضهم أي توافق على أسماء مرشحة لعضوية المحكمة والتي تتطلب تصويت 145 صوتا، أي إجماع أغلب الكتل وهو ما لم يتم للمرة الرابعة على التوالي".

 

اقرأ أيضا: 50 محاميا يرفعون قضية ضد الشاهد.. والتهمة تصل للإعدام


الشواشي وصف اعتراض حزب نداء تونس على أسماء مرشحة لعضوية المحكمة الدستورية ومشهود لها بالكفاءة والنضال ضد بن علي ونظامه  "بالفضيحة"، مضيفا أنه "من سخرية القدر، نحن أبناء الثورة قدمنا تنازلات في سبيل إرساء المحكمة الدستورية، بينما رفض فلول النظام البائد ذلك".


وأعرب عن خشيته أن "لا تكون محكمة دستورية بتاتا في ظل حكم السبسي والنداء"، محذرا في الوقت ذاته من "اختلال المنظومة الدستورية في حال تواصل عدم إرساء هذه المحكمة الدستورية إلى ما بعد سنة 2019".


مقابل ذلك، رفض النائب عن الكتلة البرلمانية لنداء تونس حسن العماري تحميل حزبه مسؤولية تعطيل إرساء المحكمة الدستورية، موضحا أن "تحفظ حزبه على أسماء مقترحة من كتل حزبية أخرى لعضوية المحكمة الدستورية، ناتج عن رغبة في احترام حيادية الهيئة وتجنيبها الصراعات السياسية".


وشدد في حديثه لـ"عربي21" على أن "التوافق أصبح شماعة تستعملها بعض الأحزاب، لخدمة أجنداتها السياسية، وتتخلى عنها حين لا تجد فيها مصلحتها"، على حد قوله.

التعليقات (0)