صحافة دولية

هكذا قرأت الصحافة الغربية لقاء ترامب وبوتين في هلسنكي

أجمعت الصحف الغربية على أن ترامب منح انتصارا لبوتين- جيتي
أجمعت الصحف الغربية على أن ترامب منح انتصارا لبوتين- جيتي

تباينت الصحف البريطانية والأمريكية في تغطيتها بشأن قمة هلنسكي في فنلندا، التي جمعت كلا من الرئيس دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.

 

وأجمعت التعليقات وافتتاحيات الصحف على خروج بوتين منتصرا من القمة، وفشل ترامب في فرض أي شروط على الرئيس الروسي، بل على خلاف ذلك، فإنه أسدى هدية سخية لبوتين عندما حلله من مسؤولية التدخل في الانتخابات الأمريكية عام 2016. 

 

وقالت صحيفة "ديلي تلغراف" إن ترامب يعد التوافق مع روسيا أمرا إيجابيا وليس سلبيا، وهو موقف لا يعترض عليه أحد، مشيرة إلى قلق الدول الغربية من محاولة ترامب أداء دور في الاتفاقات الدولية، "يمنح من خلاله الشرعية" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسياسته "الخارجية العدوانية".

 

وترى الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، أن "ما يريده بوتين هو أن تعامله الدول الغربية بالندية، فالروس يعتبرون أنفسهم محتقرين من الدول الغربية، كما وصف بوتين سقوط الاتحاد السوفيتي بأنه أكبر (كارثة جيوسياسية في القرن العشرين)، ويرى أن من واجبه استرجاع هيبة روسيا وعظمتها، ويفهم ترامب معنى هذا الشعار، لأنه يستعمله مع أمريكا".

 

وتشير الصحيفة إلى أن "روسيا تحتفظ بمركزها بصفتها قوة عظمى؛ بفضل ترسانتها النووية ومصادر الطاقة التي لديها، وليس بفضل قوة اقتصادها، الذي يتساوى مع الاقتصاد الإسباني". 

 

وتجد الافتتاحية أن ترامب منح بوتين ما كان يبحث عنه، وهو الاحترام والتقدير، على الرغم من الاختلافات بينهما، لافتة إلى أن "تحفيز بوتين لن يروق بالضرورة للدول الدائرة في فلك موسكو، لكن، لا أحد يعلم ما الذي قاله الرئيسان في جلستهما المغلقة، التي أبعد عنها أقرب المستشارين، بمن فيهم رئيس موظفي البيت الأبيض جون كيلي".

 

وتستدرك الصحيفة بأنه "على الرغم من اجتياح بوتين جورجيا، وضم شبه جزيرة القرم، وإسقاط الطائرة الماليزية، والتدخل في سياسات الاتحاد الأوروبي والسياسات الأمريكية، والهجوم بمادة نوفوتشيك السامة، فإنه حصل على التقارب الذي كان يبحث عنه بشروطه، ولم تعد روسيا دولة منبوذة".

 

وخصصت صحيفة "التايمز" مقالا افتتاحيا لهذه القمة، تقول فيه إن قمة هلسنكي تعطي الأمل في التوقيع على اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا، بشأن مراقبة الأسلحة مستقبلا، لكنها حذرت من حدود التعاون مع فلاديمير بوتين. 

 

وتشير الصحيفة في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ترامب وبوتين بحثا عن المجالات التي يمكن فيها للطرفين العمل معا، لافتة إلى أن خطورة التعامل مع بوتين تكمن في التفاصيل، وتطبيق ما يتم الاتفاق عليه. 

 

وتعتقد "التايمز" أن مصافحة ترامب جائزة تكتيكية لبوتين، توجه موسكو من خلالها رسالة للعالم كله بأنه ليس من الممكن الدخول في مباحثات أو اتفاقات مهما كان نوعها دون إشراك روسيا.

 

وتلفت الصحيفة إلى أن ترامب شجع بوتين في الأشهر الأخيرة على الاعتقاد بأن روسيا قادرة على استعادة مجدها، وربما سمح لها بالعودة إلى مجموعة الدول الثمانية، وترى أن الرئيس الأمريكي بهذا التصرف يكافئ الكرملين على سلوكه السيئ.

 

وتدعو "التايمز" ترامب لتوخي الحذر، فـ"لا مانع من الاستماع إلى ما يقوله بوتين، لكنه لم يظهر حسن النية في التعاون، فهو يحسب كل صغيرة وكبيرة، وينفق أغلب وقته وطاقته لإيجاد السبل لمباغتة الغرب".

 

وانشغلت الصحف الأمريكية بالتساؤل عن السبب الذي منع الرئيس دونالد ترامب من الدفاع عن أمريكا، ولماذا وضع نفسه تحت أقدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن ترامب قام يوم الاثنين مرة أخرى بمقاربة لا أخلاقية، وهذه المرة أثناء مؤتمره الصحافي "المثير للعجب"، بعد لقائه في العاصمة الفنلندية هلسنكي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعندما سأله أحد الصحافيين عن توجيه المحقق الخاص في التدخل الروسي في انتخابات عام 2016 تهما لـ 1 روسيا، رد ترامب قائلا: "أحمل البلدين المسؤولية". 

وترى الصحيفة أن "رئاسة ترامب حافلة بلحظات الهزيمة الذاتية للولايات المتحدة، إلا أن تصريحاته يوم الاثنين، التي بثت حول العالم، كانت الأوضح، فكان من الصعب فهم المشهد، ترامب يقف على بعد بوصات قليلة من ديكتاتور بلطجي سرق الأرض وطلب قتل أعدائه، وقام (ترامب) بتقويض النتيجة التي أجمعت عليها الأجهزة الأمنية ووكالات فرض النظام، وهي تدخل الحكومة الروسية في انتخابات عام 2016؛ بهدف مساعدته على الانتصار". 

وتنقل الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، عن ترامب، قوله إن مساعديه، مثل مدير الأمن القومي دانيال كوست، جاؤوا إليه وقالوا إنهم يعتقدون أن الروس هم الذين يقفون وراء التدخل، مشيرة إلى أن بوتين كان سعيدا للقول إنه كان يريد فوز ترامب؛ لأنه تحدث عن استئناف العلاقات الأمريكية الروسية.

وتشير الصحيفة إلى أن بوتين نفى أن تكون لديه معلومات عن تورط ترامب، مع أن كلام الأخير كان إشارة إلى تورطه دون أدلة، واعتبر الرئيس عرض بوتين التعاون الأمني والتحقيق في الموضوع بشرط تحقيق المخابرات الروسية مع المسؤولين الأمنيين الأمريكيين "رائعا".

وفي الوقت الذي ترى فيه الصحيفة أن دعوة ترامب إلى الحوار الدبلوماسي مع روسيا بعد تردي العلاقات معها في عهد باراك أوباما معقولة، لكنها ترى أنه "يبدو ساذجا في فهمه، أو يتجاهل عمدا السبب الذي دعا مستشارو الأمن القومي لاعتبار روسيا واحدة من الأعداء الجيوسياسيين للولايات المتحدة إلى جانب الصين". 

وتقول "نيويورك تايمز" إن قادة الولايات المتحدة كانوا في العادة يدافعون عن مصالح بلادهم والتحالف الديمقراطي الذي قادوه، وفعل هذا رونالد ريغان عام 1987، عندما ألح على الزعيم السوفيتي ميخائيل غورباتشوف "بهدم" جدار برلين، وكذلك جورج بوش الأب، الذي أخبر غورباتشوف أن ألمانيا ستظل في حلف الناتو بعد الوحدة عام 1990، وفعل هذا أوباما عام 2016، قبل الانتخابات، عندما طلب من بوتين وقف القرصنة. 

وتتساءل الافتتاحية عما حققته القمة غير حقيقة عقدها، التي تعلم خروجا لبوتين من حالة النبذ التي عانى منها بعد غزو أوكرانيا، حيث ناقش الاثنان فكرة معاهدة جديدة، تحل محل معاهدة "ستارت"، للحد من السلاح النووي، وناقشا الموضوع السوري والتعاون فيه دون خطة عملية حول كيفية التعاون. 

وتجد الصحيفة أن الولايات المتحدة لم تحصل على أي شيء من تذلل ترامب أمام بوتين، مع أن الرئيس حصل على كرة قدم جديدة ولامعة، وتقول إن اللغز سيظل قائما عن السبب الذي منع ترامب، مثل بقية أسلافه من الرؤساء، من مواجهة روسيا وخيانتها، فـ"لم يتردد أبدا في مهاجمة حلفاء أمريكا الأوروبيين، ووصف الاتحاد الأوروبي بـ(الخصم)، وعندما يقف إلى جانب بوتين وبقية الديكتاتوريين فإنه يبدو ذليلا".

بدورها اتهمت صحيفة "واشنطن بوست" ترامب بالتواطؤ، بالإضافة إلى قيامه بهجوم لا أساس له على مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي آي"، بالإضافة إلى موافقته على اقتراح من بوتين، للتحقيق في عمل المحقق الخاص روبرت مولر. 

 

وتعلق الصحيفة قائلة إنه "على ما يبدو فإن ترامب اصطف إلى جانب الكرملين ضد قوى فرض النظام الأمريكية، وأمام الحاكم الروسي والمشاهدين حول العالم، مع أنه وعد بفتح موضوع التدخل الروسي في الانتخابات أثناء حديثه مع بوتين، وكانت النتيجة سلسلة من التصريحات التي بدت وكأنها من كتابة موسكو". 

 

وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إلى أنه في الوقت الذي قال فيه ترامب إن مدير وكالة الأمن القومي دانيال كوتس أخبره أن الروس هم الذين يقفون وراء القرصنة على اللجنة القومية للحزب الديمقراطي، لكنه لا يرى أي سبب يدعو الروس لعمل هذا، مشيرا إلى عدد من نظريات المؤامرة التي ثبت زيفها، في وقت هاجم فيه الـ"أف بي آي". 

وتلفت الصحيفة إلى أنه عندما عرضت عليه الفرصة لتقديم مثال عن تصرف روسي سيئ أسهم في تدهور العلاقات، فإنه تجنب الإجابة، قائلا "أحمل البلدين المسؤولية". 

 

وتعلق الافتتاحية قائلة: "كما يرى الرئيس، فالغزوات الروسية لأوكرانيا وجورجيا، وجرائم الحرب في سوريا، والهجوم السام في بريطانيا، وإسقاط الطائرة الماليزية فوق أوكرانيا، هي مساوية من الناحية الاخلاقية للسياسات التي اتبعتها الإدارات السابقة".

 

وتنوه الصحيفة إلى أنه من غير المعلوم ماذا تحدث ترامب مع بوتين في اللقاء الخاص، أو أنهما توصلا إلى اتفاقيات ملموسة، حيث أن كليهما تحدث عن اتفاقيات لتوفير الأمن للحدود الإسرائيلية مع سوريا، وتوفير المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين، دون الكشف عن تفاصيل. 

 

وتقول الافتتاحية: "حتى لو لم يحصل بوتين على أي شيء ملموس من ترامب، فإنه أحرز نصرا رمزيا عندما وقف على قدم المساواة إلى جانب الرئيس الأمريكي في علاقة تقتضي (مسؤوليات خاصة لحماية الامن الدولي) كما قال الرئيس". 

وتجد الصحيفة أنه "في الوقت الذي يعد هذا الكلام في غير محله، إلا أنه يبدو صغيرا أمام (خيانته) لـ(أف بي آي) والمسؤولين الأمنيين". 

 

وتختم "واشنطن بوست" افتتاحيتها بالقول إن "ترامب أكد في هلنسكي أن لا تواطأ مع روسيا، إلا أنه من خلال رفضه الاعتراف بالحقائق الواضحة عن التصرف الروسي، واحتقار نظام بلده القضائي، فإنه كان يتواطأ وبشكل علني مع مجرم، زعيم دولة معادية". 

التعليقات (0)