اقتصاد عربي

ما هي سيناريوهات الأردن لمواجهة ضغوط صندوق النقد الدولي؟

نائب أردني: صندوق النقد ما دخل بلدا إلا أفلسه والأردن بات مزارا لهذا الصندوق- جيتي
نائب أردني: صندوق النقد ما دخل بلدا إلا أفلسه والأردن بات مزارا لهذا الصندوق- جيتي

يترقب الشعب الأردني، النتائج والقرارات الحكومية التي ستتمخض عن زيارة بعثة صندوق النقد الدولي إلى عمان، والتي تستهدف إجراء مراجعة ثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، واستكمال المفاوضات حول موعد تطبيق مشروع قانون ضريبة الدخل.


وفي 14 يونيو/ حزيران الماضي، أعلنت الحكومة الأردنية في أول اجتماع لها بعد تشكيلها برئاسة عمر الرزاز، سحب مشروع قانون ضريبة الدخل، الذي أثار غضب الشارع الأردني، وأدى إلى اندلاع احتجاجات شعبية، نتج عنها إقالة حكومة هاني الملقي، وتكليف الرزاز بتشكيل حكومة جديدة.


وتدخلت أربع دول خليجية لدعم الأردن، على خلفية الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البلاد، وأقرت كل من السعودية والكويت والإمارات حزمة من المساعدات الاقتصادية للأردن تصل إلى 2.5 مليار دولار للخروج من أزمته الاقتصادية، كما قدمت له قطر حزمة مساعدات بقيمة 500 مليون دولار وتعهدت بتوفير 10 آلاف فرصة عمل للأردنيين.


ووفقا لبرنامج تمويلي تم الاتفاق عليه بين الأردن وصندوق النقد الدولي، في 24 أغسطس/ آب 2016، وافق المجلس التنفيذي للصندوق على برنامج تسهيل ائتماني لمدة ثلاثة أعوام بقيمة 723 مليون دولار، بغرض زيادة معدلات النمو وتخفيض التضخم ومعالجة الاختلالات الهيكلية، مقابل مجموعة من الأهداف أو الشروط التي وافقت الحكومة الأردنية على تحقيقها.


وفي إطار تحقيق أهداف برنامج الصندوق، اتخذت الحكومة الأردنية، مع بداية العام الجاري، حزمة قرارات فاقمت من صعوبة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد، أبرزها زيادة ضريبة المبيعات إلى 10% على 164 سلعة، ورفع الدعم عن الخبز، وزيادة أسعار الوقود والكهرباء، إلى جانب فرض ضرائب نوعية ورسوم مقطوعة على مواد أخرى.

 

اقرأ أيضا: الأردن يعلن جملة من القرارات "الإصلاحية" ووعود بالشفافية

وقال النائب الأردني راشد الشوحة، خلال كلمته في مناقشات بيان منح الثقة للحكومة، الأحد، إن "صندوق النقد ما دخل بلدا إلا أفلسه، والأردن بات مزارا لهذا الصندوق"، مستطردا: "أصبحنا أكثر الدول فقرا بسبب سياسات الصندوق، وازدادت المديونية أضعافا مضاعفة".


وفيما يتعلق بمدى قدرة الأردن على الموازنة بين تحقيق شروط صندوق النقد الدولي وفقا للبرنامج التمويلي المتفق عليه، وبين تمسكه بالانحياز لمطالب الشعب الأردني، قال المحلل الاقتصادي أحمد عبد الظاهر، إن "الشروط التي وضعها صندوق النقد مازالت فى عين الاعتبار ولكن الأمر ربما سيتطلب مزيدا من الوقت في تطبيقها بشكل تدريجي تفاديا لغضب الشارع الأردني".


وأضاف عبد الظاهر في تصريحات لـ "عربي21": "من غير المرجح أن تتخلى الحكومة عن برنامج الصندوق، لكن مسؤولين يعتقدون أن تسرعها في التنفيذ أطلق شرارة الاحتجاجات".


وتابع: "الأردن يواجه تحديات كبيرة. فالنمو الاقتصادي لا يزال دون المستوى الممكن، والبطالة مرتفعة، ولا سيما بين الشباب والنساء، وأزمة اللاجئين تشكل عبئا على الاقتصاد والموارد العامة، وإجمالي الدين العام مرتفع (حيث يبلغ حوالي 94% من إجمالي الناتج المحلي)، والآفاق الإقليمية لا تزال محفوفة بالتحديات".

 

وأوضح أن "الرزاز يعارض منذ وقت طويل إصلاحات تحرير السوق التي تنتهجها المملكة منذ حوالي ثلاثة عقود، وأنه من المتوقع أن يبتعد رئيس الوزراء الأردني عن الاعتناق الحماسي للإجراءات التي يوصي بها صندوق النقد الدولي ولا تحظى بقبول شعبي".

 

اقرأ أيضا: أول تعليق للرزاز على قانون الضريبة الذي أدى لاحتجاجات الأردن


وأشار عبد الظاهر إلى أن "صندوق النقد الدولي لا يوجد أمامه خيارات تذكر سوى الحث على زيادة الضرائب بهدف خفض الدين العام المتنامي وكذلك ممارسة ضغوط على الحكومة للمضي فى تنفيذ البرنامج المتفق عليه".


وأكد المحلل الاقتصادي أنه "رغم هذا الوضع المتأزم والمعقد مازال هناك نافذة مفتوحة تمكن الحكومة الأردنية التفكير خارج الصندوق وأهمها الظهير الشعبي الذى لابد من مشاركته فى صنع القرار والاطلاع على الوضع المتأزم للبلاد واستخدام الاستمالات العاطفية من قبل وسائل الإعلام الأردنية لدعم الشعور الوطني لدى الشعب الأردني، وكذلك تشجيع الأردنيين المقيمين بالخارج على تحويل أموالهم بالعملة الصعبة داخل البلاد بعد ما شهدت الأردن تراجعا ملحوظا فى التحويلات الخارجية".


وأردف: "كذلك يجب على الحكومة الأردنية تنفيذ برامج تحفيزية للسياحة في الأردن خاصة بعد تراجع كبير في أعداد السياح الأجانب مما أثر في الدخل العام".


وكان نائب رئيس الوزراء الأردني، ووزير الدولة رجائي المعشر، أعلن خلال لقائه بعدد من الصحفيين الاقتصاديين، في دار رئاسة الوزراء، قبل نحو أسبوعين، أن الحكومة ستطلب مفاوضات جديدة مع الصندوق، وستقدم خلال زيارته إلى الأردن رؤية تتناسب مع احتياجات البلاد والمتغيرات المحلية.


وأوضح أن الحكومة بدأت حوارات موسعة حول مشروع قانون ضريبة الدخل للوصول إلى صيغة توافقية بخصوصه، مؤكدا أن منهج الحكومة سيكون "الحوار بقصد التوافق وليس لمجرد الحوار".

التعليقات (0)