سياسة عربية

"رويترز" تكشف: هذه "خفايا" حملة قطر لاستمالة واشنطن

وزير الخارجية القطري أقام عشاء لأعضاء في الكونغرس ومسؤولين في الإدارة الأمريكية- جيتي
وزير الخارجية القطري أقام عشاء لأعضاء في الكونغرس ومسؤولين في الإدارة الأمريكية- جيتي

في جو من الألفة الشديدة تجمع بضع عشرات من بينهم أعضاء في الكونغرس ومسؤولون في الإدارة الأمريكية الأسبوع الماضي على عشاء في أحد الأحياء الراقية في واشنطن على شرف وزير الخارجية القطري.


وجلس وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين بجوار الوزير القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. وقال منوتشين للوزير: "لقد كنت صديقا عظيما للولايات المتحدة".


كان هذا المشهد يختلف كل الاختلاف عن ما كان عليه الحال قبل عام.


فقد قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر في حزيران/ يونيو 2017 واتهمتها بإذكاء نيران الاضطرابات الإقليمية ودعم الإرهاب والتقارب مع إيران. ونفت الدوحة هذه الاتهامات كلها.


وفي ذلك الوقت مر عشاء مع مسؤولين قطريين في مطعم بواشنطن لكسب تأييد أعضاء في الكونغرس في هدوء دون أن يشارك فيه أي فرد من أصحاب النفوذ في إدارة ترامب على حد قول واحد من المشاركين فيه.

 

اقرأ أيضا: غنيمات: لا شروط أردنية على تحسين العلاقة مع قطر

وفي أعقاب المقاطعة نشر الرئيس دونالد ترامب تغريدات تشير إلى أن قطر تمول الإرهاب وذلك رغم أن مسؤولين أمريكيين آخرين شددوا على كونها حليفا للولايات المتحدة.


وقال جوي ألاهام المستشار السابق لقطر الذي تقاضى 1.45 مليون دولار، بما فيها المصروفات، نظير عمله في مناصرة قضيتها: "عندما حدث الحصار لم تكون قطر موجودة في الكونغرس".


ومر عام ولا تزال المقاطعة قائمة إذ فشل الطرفان في تسوية نزاعهما. غير أن مقابلات مع مستشارين من الجانبين كشفت أن قطر تمكنت من إقناع بعض أعضاء الكونغرس والأمريكيين من أصحاب النفوذ بأنها حليف للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب وضحية لمقاطعة ظالمة.


وقال عدد من أعضاء جماعات الضغط القطرية إن هذه الاستراتيجية التي كلفت قطر العضو الصغير في منظمة أوبك عشرات ملايين الدولارات تركزت على الوصول للمقربين من ترامب وعلى الضغط لاستمالة أعضاء الكونغرس.


وأوضح مستشارون وبيانات نشرت على الملأ أن قطر استعانت ببعض الشخصيات المقربة من ترامب وتعهدت بضخ مليارات الدولارات في استثمارات أمريكية وتكفلت بمصروفات زيارات للدوحة.


توترات تحت السطح


جاءت مقاطعة قطر في أعقاب توترات طويلة تحت السطح في منطقة الخليج، إذ غضبت دول مثل السعودية والإمارات من لعب الدوحة دورا أكبر من حجمها في الشؤون الإقليمية ومن دعمها لفئات بعينها في انتفاضات وحروب أهلية، وكذلك انخراطها في الوساطة في اتفاقات سلام في منطقة الشرق الأوسط.


ووجدت الولايات المتحدة التي تربطها علاقات تحالف وثيقة بدول الجانبين نفسها بين شقي الرحى وحاولت الوساطة دون طائل. وقال مسؤول في الإدارة الأمريكية إن بلاده تخشى أن يسمح هذا الخلاف لإيران بتعزيز وضعها في منطقة الخليج إذا ما أيدت طهران القطريين.


وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن ترامب يريد "تهدئة الخلاف وتسويته في نهاية المطاف لأنه لا يفيد إلا إيران".


وفي واقع الأمر تحسنت العلاقات بين إيران وقطر منذ المقاطعة. ففتحت طهران مجالها الجوي أمام الخطوط الجوية القطرية عندما أغلقت السعودية والدول الأخرى مجالها أمام الطائرات القطرية وأعادت قطر العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع إيران.


وقال مسؤول إيراني كان يشغل في السابق منصب سفير بلاده لدى الإمارات إن هذه المقاطعة تنتهك "حق دولة مستقلة مثل قطر في اختيار حلفائها".


وامتنعت وزارة الخارجية الإيرانية عن التعقيب.


وقال يوسف العتيبة سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة: "بدلا من الأمل في أن تفرض واشنطن حلا للأزمة يجب على قطر أن تقيم حوارات مباشرة مع الإمارات وجيرانها".


ولم ترد السفارة السعودية في واشنطن على طلب للتعليق على الأمر.


معركة جماعات الضغط


تتمتع قطر بثروة هائلة بفضل احتياطياتها من الغاز الطبيعي وقد أنفقت ما لا يقل عن 24 مليون دولار على الاستفادة من جماعات الضغط في واشنطن منذ بداية العام 2017.


وتبين وثائق مقدمة لوزارة العدل أن ما أنفقته قطر على جماعات الضغط بلغ 8.5 مليون دولار في عامي 2015 و2016.


وقد استعانت قطر ببعض المقربين من ترامب. فقد قال رئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني إنه عمل لحساب القطريين في تحقيق وزار الدوحة قبل أسابيع من اختياره محاميا شخصيا لترامب في نيسان/ أبريل.


وامتنع جولياني عن الخوض في التفاصيل وقال لـ"رويترز" إنه لم يتحدث مع ترامب في أمر عمله لحساب قطر.


أما خصوم قطر فقد شنوا حملة هائلة من جانبهم. وأنفقت كل من الإمارات والسعودية نحو 25 مليون دولار في الفترة نفسها واستعانتا بشخصيات مثل إليوت برويدي الجمهوري المتخصص في جمع التبرعات والمقرب من ترامب.


وفي أيار/ مايو من العام الماضي مول برويدي مؤتمرا عن قطر وجماعة الإخوان المسلمين التي اتهمتها مصر وغيرها من خصوم قطر بالإرهاب، بحسب ما قاله مارك دوبويتز رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة بحثية تولت تنظيم المؤتمر.


وفي ذلك المؤتمر كشف إد رويس رئيس لجنة الشؤون الخارجية صاحبة النفود الكبير عن مشروع قانون لاعتبار قطر من الدول الراعية للإرهاب. وقدم رويس مشروع القانون إلى الكونغرس بعد المؤتمر بيومين.
ولم يستجب مكتب رويس لطلب للتعليق.


وقال اثنان من العاملين بجماعات الضغط إن قطر "حشدت كل طاقاتها في الكونغرس" لمعارضة مشروع القانون ومنها أنها وجهت في هذا الإطار نداء إلى مكتب بول رايان رئيس مجلس النواب. وتعطل مشروع القانون في الكونغرس.


وأحال مكتب رايان الأسئلة عن مشروع القانون إلى كيفن مكارثي زعيم الأغلبية في مجلس النواب الذي لم يرد على طلب للتعليق.


وقال برويدي الذي رفع دعوى على قطر يتهمها فيها باختراق رسائل بريده الإلكتروني: "من المفهوم أن القطريين استدعوا كل العاملين لحسابهم في جماعات الضغط وأنصارهم لمحاولة تعطيل مشروع القانون لكن الفصل الأخير في هذه المسائل لم يكتب بعد".


وتنفي قطر اتهاماته لها باختراق بريده الإلكتروني.


تحالفات غير متوقعة


سعت قطر للتواصل مع حلفاء مستبعدين. ففي كانون الثاني/ يناير رتبت جماعات الضغط القطرية سفر مورتون كلاين رئيس المنظمة الصهيونية في أمريكا في الدرجة الأولى على الخطوط الجوية القطرية وحجزت له الإقامة في منتجع فندق شيراتون غراند الدوحة لحضور لقاءات مع قادة البلاد.


ومن تلك اللقاءات اجتماع منفرد استمر ساعتين مع أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.


وقال كلاين إن المسؤولين القطريين وعدوه بمنع عرض فيلم وثائقي لقناة الجزيرة ينتقد أنصار إسرائيل في الولايات المتحدة وباستبعاد الكتب المناهضة للسامية في معرض للكتاب بالدوحة والعمل من أجل إطلاق سراح إسرائيليين مخطوفين.


ولا يزال كلاين ينتقد قطر لكنه قال في مقابلة الأسبوع الماضي إنه تشجع ببعض الخطوات التي اتخذت لمعالجة مخاوفه. وقال إن قناة الجزيرة لم تبث الفيلم الوثائقي وإنه يواصل العمل مع المسؤولين في المسائل الأخرى.


وفي الخريف الماضي التقى ترامب بالشيخ تميم على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال أحد أعضاء جماعات الضغط العاملين لحساب قطر إن رسالة الدوحة للولايات المتحدة تمثلت في أنها ستنفق المزيد من المال على القاعدة الأمريكية في البلاد وتشتري المزيد من الطائرات من شركة بوينغ.

 

اقرأ أيضا: قطر تشتري فندقا كان يملكه "ترامب" بـ 600 مليون دولار

وفي غضون أسبوع من هذا اللقاء أعلنت شركة الخطوط الجوية القطرية أنها ستشتري ست طائرات من بوينغ، وامتنعت بوينغ عن التعقيب.

 

والتقى الشيخ تميم بترامب في البيت الأبيض في نيسان/ أبريل.


وقال جاسم آل ثاني المتحدث باسم السفارة القطرية في واشنطن: "إحلال الحقيقة محل أكاذيب دول الحصار استغرق وقتا وتطلب موارد بما في ذلك دعوة وفود لزيارة قطر والتحقيق في الحصار بنفسها".

التعليقات (1)
ممدوح حقي
الخميس، 05-07-2018 02:20 م
ليس مقبولاً ولا يوجد أي مبرر لأن تتعامل قطر مع ألد أعداء العرب والمسلمين من أمثال الصهاينة ورودي جولياني. هناك الكثير من دور العلاقات العامة والشخصيات المحترمة في أمريكا وغيرها أصدقاء العرب والمدافعين عن قضاياهم الذين من المفروض والمتوقع أن تتعامل معهم قطر. هل لنا أن نتصور أو نتوقع أن تتعامل إسرائيل أو الصهاينة مع أي عدو ضدها وصديق للعرب؟ فلماذا تذهب لأعداء العرب والعنصريين ضدهم وضد حقوقهم من أمثال جولياني، وتدير ظهرها لأصدقاء العرب؟ وكيف لقطر أن تتصور أن هؤلاء الحاقدين العنصريين الأعداء أن يخدموا مصالح قطر؟ إنها فعلاً الحماقة والغباء وفقدان الكرامة وعدم إحترام الذات. شيء معيب فعلاً!