سياسة دولية

مصر تطالب "فيسبوك" بدفع الضرائب.. قمع للحريات أم تقاسم للأرباح؟

الخطوة أثارت جدلا حول الغرض الحقيقي من ورائها- جيتي
الخطوة أثارت جدلا حول الغرض الحقيقي من ورائها- جيتي

تخطط الحكومة المصرية لفرض ضرائب على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها "فيسبوك" و"جوجل"، مقابل ممارسة نشاطها التجاري في البلاد.


وكان مجلس النواب وافق الشهر الماضي على الفصل الثاني من مشروع قانون "تنظيم الصحافة والإعلام"، الذي ينص على أنه "لا يجوز لأي موقع إلكتروني جلب إعلانات من السوق المصري ما لم يكن خاضعا لأحكام قانون الضرائب".


وبررت الحكومة هذه القانون بأن مواقع التواصل الاجتماعي العالمية تحقق أرباحا من السوق المصري تقدر بالمليارات نتيجة الإعلانات التجارية التي تحصل عليها من السوق المحلي، ولا تستفيد الدولة المصرية شيئا من تلك المبالغ الطائلة، في وقت تعمل الحكومة على زيادة حصيلة الضرائب بكافة الطرق؛ بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، كما احتجت الحكومة بأن هناك العديد من الدول التي فرضت ضرائب على إعلانات "فيسبوك" و"جوجل"، من بينها روسيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وإسبانيا وإيطاليا.


لكن هذه الخطوة أثارت جدلا حول الغرض الحقيقي من ورائها، حيث يرى البعض أن الحكومة تريد فقط تقاسم الأرباح مع تلك المواقع العالمية، كما فعلت العديد من دول العالم من قبل، في حين يرى آخرون أن النظام يسعى إلى مزيد من التضييق على الحريات، وإغلاق النافذة الوحيدة المتبقية للتعبير عن الرأي ومعارضة النظام.

 

الدفع أو الحجب

 

وتعليقا على هذا القانون، قال خبير تكنولوجيا المعلومات، أحمد مصطفى، إن المصريين دفعوا عام 2017 مليار دولار تقريبا مقابل نشر إعلاناتهم الممولة على موقعي "فيسبوك" و"جوجل"، مشيرا إلى أن "فيسبوك" في العديد من دول العالم يقوم بتحصيل الضرائب من المستخدمين، ثم يقوم بتوريدها لخزينة الدولة لاحقا.

 

وأضاف مصطفى، في تصريحات لـ"عربي21"، أن هناك مطالبات متكررة من بعض النواب بتحصيل رسوم مقابل السماح للمواطنين باستخدام "فيسبوك"، كما تفعل بعض الدول.


وحول العقبات التي ستواجه الحكومة المصرية لتحصيل الضرائب من مواقع التواصل الاجتماعي العالمية مقابل الإعلانات التي تحصل عليها من السوق المصري، قال مصطفى إن البنك المركزي المصري يمكنه معرفة تتبع التحويلات التي تتم من الحسابات البنكية المختلفة أو بطاقات الدفع الإلكتروني إلى تلك المواقع وتقدير الضرائب المستحقة عليها".

 

وأضاف أن الحكومة المصرية بعد ذلك سيكون أمامها خياران لتحصيل تلك الضرائب، الأول هو إجبار المواقع على فتح مكاتب تمثيل تجاري لها في مصر، بحيث تخضع تلك المكاتب للقوانين المصرية، ومن بينها قانون الضرائب. أما الخيار الآخر، فهو تهديد مواقع التواصل الاجتماعي بحجبها في مصر إذا رفضت دفع الضرائب المستحقة عليها للحكومة المصرية، موضحا أن بعض دول العالم، مثل الصين، تحجب "فيسبوك" عن مواطنيها، لكن الحكومة المصرية تستبعد تلك الخطوة في الوقت الحالي؛ خوفا من إثارة غضب 40 مليون مصري يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي بشكل معتاد.

 

وفي هذا الإطار، طالب النائب رياض عبد الستار الحكومة بمقاضاة شركتي "جوجل" و"فيسبوك" في المحاكم الدولية؛ حتى تتمكن مصر من تحصيل الضرائب التي تتهرب منها تلك الشركات، على حد قوله.

 

غرض سياسي

 

من جانبه، رأى الناشط الحقوقي أحمد عبد الحميد أن الهدف المعلن من هذه الخطوة يختلف تماما عن حقيقة ما يريده النظام المصري، مؤكدا أن هذه الخطوة تأتي استكمالا لما بدأه النظام منذ خمس سنوات من تكميم للأفواه وتأميم شامل لجميع وسائل الإعلام في البلاد، ولم يتبق له سوى مواقع التواصل الاجتماعي، التي ما زالت إلى الآن خارج سيطرة النظام.

 

وأوضح عبد الحميد لـ"عربي21" أن الحصيلة المتوقع من ضرائب مواقع التواصل الاجتماعي تقدر بنحو مليار جنيه، في حين أن حجم التهرب الضريبي في مصر يبلغ نحو 400 مليار جنيه سنويا، بحسب تقارير مصلحة الضرائب المصرية، وهو ما يوضح عدم جدية النظام في زيادة الموارد المالية لخزينة البلاد، وإلا لكان من الأولى به التوجه إلى مصادر التهرب الضريبي، التي تبلغ مئات الأضعاف من الأموال المتوقع تحصيلها من "فيسبوك" و"جوجل".

 

وأضاف أن مساعي النظام للسيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي لم تتوقف منذ تموز/ يوليو 2013، حيث تم الزج بعشرات المواطنين في السجون؛ بسبب تعبيرهم عن آرائهم على "فيسبوك"، أو بتهمة إدارة صفحات معارضة للنظام، وكان آخرهم المدون والناشط السياسي وائل عباس، الذي تم اعتقاله الشهر الماضي بتهمة ترويج الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وأكد أن النظام منزعج تماما؛ لأن هذه المواقع العالمية ما زالت حتى الآن مستقلة تماما عن المنظومة الإعلامية التابعة له، ويريد إدخالها تلك الدائرة بحجة تحصيل الضرائب منها، وحينها يمكنه ممارسة ضغوط سياسية على تلك المواقع، وتهديدها بحجبها في مصر، كما فعل مع مئات المواقع، حتى تستجيب لطلباته، ومن بينها تسليمه بيانات بعض الحسابات.

التعليقات (0)