سياسة دولية

هل التسهيلات الحياتية لغزة خدعة صنعها إعلام إسرائيل ومصر؟

الحالة المرورية لمعبر رفح منذ الإعلان عن فتحه تمر بشكل بطيء للغاية- جيتي
الحالة المرورية لمعبر رفح منذ الإعلان عن فتحه تمر بشكل بطيء للغاية- جيتي

في ظل حديث وسائل الإعلام الإسرائيلية والمصرية عن تسهيلات اقتصادية تقودها الدولتان لتحسين الأوضاع المعيشية في غزة، يرى مراقبون ومحللون اقتصاديون تحدثوا لـ"عربي21" أن هذه التسهيلات تم تضخيمها عبر وسائل الإعلام، دون أن تحقق تقدما ملموسا على صعيد تحسن الأوضاع المعيشية في غزة.


وعلى الصعيد الإسرائيلي، أعلنت إسرائيل موافقتها على تقديم رزمة من الإجراءات لتحسين الأوضاع في غزة، من بينها توسيع مساحة الصيد لـ9 أميال، وزيادة كمية البضائع المصدرة من القطاع، بالإضافة لإعطاء الموافقة لنحو 400 رجل أعمال من فلسطيني الداخل لدخول القطاع لتنفيذ مشاريع إغاثية.

 

خدعة التسهيلات


ما يثير الانتباه في هذه القضية أن إسرائيل لم تف بأي من تعهداتها السابقة، بل زادت إجراءاتها العقابية لتشمل تقييد حركة سفر المرضى والجرحى للعلاج في مستشفيات الداخل؛ بحجة انتمائهم لحركة حماس، كما زادت إسرائيل من إجراءاتها عبر منع دخول أصناف كثيرة من السلع؛ بحجة (الاستخدام المزدوج)، أي استخدامها من قبل الفصائل المسلحة، ولعل من أبرزها حظر دخول غاز (الهيليوم، والتخدير) العنصر الأساسي في غرف العمليات داخل المستشفيات.


وعلى الجانب الآخر، أعلن الجانب المصري عن فتحه معبر رفح البري منذ بداية شهر رمضان وحتى عيد الأضحى القادم، فيما رصدت "عربي21" إعاقة الجانب المصري سفر المئات من المواطنين وإرجاعهم للجانب الفلسطيني، ما دفع بالعديد منهم لبدء إجراءات التنسيق الأمني عبر المخابرات المصرية من خلال دفع مبلغ يتراوح من (2000-3000) دولار للشخص الواحد، ليتمكن المواطن من اجتياز البوابة المصرية من المعبر.


وتحدثت مصدر مسؤول في وزارة الداخلية لـ"عربي21" أن الحالة المرورية لمعبر رفح منذ الإعلان عن فتحه تمر بشكل بطيء للغاية، حيث لا يتجاوز متوسط حركة المسافرين اليومية 250 شخصا، أي بمتوسط 3 حافلات يوميا، ويتم إرجاع ما لا يقل عن 100 مسافر يوميا؛ بحجة المنع الأمني، ما يضطره لتحمل تكاليف التنسيق الأمني، الذي قد يتجاوز في حال قرر السفر مع أسرته (10000) دولار.


وتطرح ما يطلق عليها خدعة التسهيلات المصرية_ الإسرائيلية تساؤلات عن مدى قدرة سكان القطاع الصمود في ظل شلل تام أصاب كافة القطاعات الاقتصادية، وقطاع الموظفين في غزة، الذي تضرر بشكل كبير نتيجة اقتطاع السلطة ما يزيد على 50 بالمئة من رواتبهم.


نتائج عكسية


وقال رئيس جمعية رجال الأعمال في غزة، علي الحايك، إن "ما طُرح من تسهيلات اقتصادية لقطاع غزة خلال المرحلة الماضية لم ينعكس بأي أثر اقتصادي ملموس على القطاعات الاقتصادية في غزة، بل إن الحقيقة الصادمة للجميع هي أن هذه التسهيلات أتت أثارها بشكل عكسي من خلال هروب العشرات من رجال الأعمال من غزة للعالم الخارجي، وإيقاف كافة مشاريعهم في غزة، على أمل إيجاد فرص استثمارية أكثر جدوى في الضفة الغربية أو مصر والأردن وتركيا".


وأضاف الحايك، في حديث لـ"عربي21"، أن "هذه التسهيلات أُعلن عنها بغرض الاستهلاك الإعلامي ليس أكثر، حيث كان من المفترض أن تقوم مصر وإسرائيل بتدعيم هذه الخطوات بإجراءات اقتصادية متكاملة الأركان، وليس تسكين الأوضاع لمنع انفجارها، كما يخطط لذلك القائمون على الحصار".


مقرر اللجنة الاقتصادية والمالية في المجلس التشريعي، النائب عاطف عدوان، أوضح أن "قطاع غزة لم يعد يحتمل إبقاء الوضع بهذه الصورة التي عليها الآن، لذلك يجب اتخاذ قرارا بإزالة كل العراقيل التي تقف في وجه فك الحصار عن غزة، وليس الإعلان عن تسهيلات إعلامية لا تسمن ولا تغني من جوع".


تحقيق أهداف سياسية


وتابع عدوان في حديث لـ"عربي21" بأنه "لم يكن سيعلن عن هذه التسهيلات وتضخيمها بهذا الشكل سوى لتحقيق أهداف سياسية، وهي إبقاء قطاع غزة رهينة المواقف السياسية للدول الإقليمية عبر الضغط عليها في الجوانب الاقتصادية لتقدم تنازلا في المواقف السياسية، خصوصا مع اقتراب طرح صفقة القرن".


واتفق أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، معين رجب، مع سابقه، مضيفا أن "إعلان مصر وإسرائيل عن تسهيلات اقتصادية لغزة في هذا التوقيت يأتي في سياق رغبة الدولتين بامتصاص غضب الشارع في غزة الذي أظهر جزءا من غضبه من خلال مسيرات العودة التي أربكت الأوراق السياسية في المنطقة؛ لذلك يحاول الطرفين المصري والإسرائيلي تقليل حدة الاحتقان في الشارع عبر الإعلان عن هذه التسهيلات بصورتها الإعلامية فقط".


وأضاف المحلل الاقتصادي، في حديث لـ"عربي21"، أن "ما يجري في غزة يشبه إلى حد كبير سياسية توزيع الأدوار بين الأطراف المعنية؛ لإبقاء غزة تحت الضغط، ويمكن قراءة ذلك من خلال إعلان إسرائيل عن استعدادها لتحويل أموال الضرائب لدفع رواتب موظفي السلطة في غزة، بالمقابل ترفض إسرائيل تطبيق الحد الأدنى من الوعود التي تعهدت بتنفيذها، وهذا يدل على حجم المؤامرة التي تتعرض لها غزة بحجة تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية".

التعليقات (0)