قضايا وآراء

ليس بالشماتة تعود مصر للمسار الثوري!

محمد ثابت
1300x600
1300x600
صبيحة السبت، ثاني أيام عيد الفطر المبارك، اختار رئيس النظام المصري "عبد الفتاح السيسي" الإعلان عن رفع أسعار المحروقات أو مشتقات النفط المستخدمة في تسيير الحياة المدنية، بخاصة البنزين والسولار اللذين تُسير بهما السيارات بخاصة الحافلات (الأتوبيسات) الخاصة بالنقل العام الجماعي أو الميكروباصات (السيارات المتوسطة الحجم للنقل الجماعي)، داخل القاهرة أو بينها وبين الأقاليم وهلم جرا.

وفي تعليق لراقصة مصرية مسنة مشهورة على الأمر قالت بهدوء قاتل:

- لماذا يتضايق فقراء المصريين من ارتفاع أسعار البنزين والسولار.. وهم لا سيارات لديهم، فلن يدفعوا شيئا من جيوبهم؟

والقول الشبيه بمقولة "ماري أنطوانيت"، زوجة "لويس السادس عشر" ملك فرنسا، لما رأت نذر الثورة مخيفة وغضب الآف فقالت على البداهة:

- إن كان الشعب لا يجد رغيف الخبز فليأكل "بتي فور"!

لم تعرف "أنطوانيت" مثلما لن تعرف "فيفي عبده" أن الناس لن تقطع المسافات الطوال على أقدامها، وأنهم يعانون حينما يرتفع لتر البنزين والسولار من ارتفاع جميع أسعار الضروريات التي تتأثر بارتفاع أسعار المواصلات التي تنقلها من مكان لآخر، فضلا عن نقل أصحابها، بالإضافة إلى استغلال التجار لغلاء سلعة لمزيد من التلاعب بالشعب، في ظل سيطرة للدولة على الأسواق شبه منعدمة إن لم تكن منعدمة من الأساس.

أما الحقيقة الأكثر، فإن الرئيس الذي اغتصب حكم مصر، وخان وأطاح برئيسها الذي وثق فيه، وما يزال يسجنه وعشرات الآلاف من أنصاره، الحقيقة الأكثر من مرة هي أن "عبد الفتاح السيسي" مثله مثل كل طاغية.. يبالغ في الاستهزاء بالشعب المصري.. ومن ضمن احتقاره لمواطنيه أن يختار اليوم الثاني من عيد تلا شهر رمضان المبارك ليرفع أسعار المحروقات على نحو غير مسبوق، وسط منظومة زيادة تصاعدت منذ حكم، وهذه هي المرة الرابعة خلال 20 شهرا فحسب، وطالت المنظومة أيضا أنبوبة الغاز التي لا يستغني عنها بيت في مصر، اللهم إلا النزر اليسير المستخدمين للغاز الطبيعي؛ وهم لن يسلموا من مضاعفة أسعار الاستهلاك أيضا!

والمصريون الذين صاموا في ظل أجواء بالغة الصعوبة، حتى أنه لا يوجد بيت في الكنانة إلا ويعرف معتقلا أو مصابا أو شهيدا، هذا إن لم يكن يرتبط معه بقرابة.. والمصريون الذين يعانون من راتب في المتوسط يدور حول مئة دولار فحسب؛ لأسر متوسط أفرادها أربعة أشخاص، ومتطلباتها تزيد على خمسة أضعاف المئة دولار؛ راتب موظفي الحكومة لمن قضوا أكثر من 15 عاما من أعمارهم وأكثر في الوظيفة..

المصريون صحوا ثاني أيام العيد على أعباء معيشية جديدة تكاد تحول دون مجرد استمرار حياتهم إن لم تكن تحول بالفعل دون ذلك، بخاصة في انتظار الإعلان أو الصمت أمام زيادة في أسعار سلع أخرى على قمتها "رغيف الخبز"، وهذا بعد أسعار تذاكر المترو التي زادت على نحو غير مسبوق هي الأخرى.

قال "السيسي" قبيل الانقلاب العسكري الذي "مكّن" له وأقره على رؤس البلاد والعباد:

- الشعب المصري لم يجد من يحنو عليه!

وفي مساء 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2013م، وفيما دماء أكثر من 60 شهيدا في القاهرة وحدها لم تجف، كان "السيسي" يقول للمطربين والمطربات والممثلين والممثلات:

- وبكرة تشوفوا مصر!

أي أن الأمر لن يستلزم منه سوى 24 ساعة ليغير وجه الاستبداد الذي حل بمصر من حكم أمثاله لعشرات السنوات.. ثم أثناء حملة "السيسي" الانتخابية المفترضة بعد أقل من عام قال في حوار تلفزيوني:

- لقد حددتُ جميع مشاكل مصر وعرفتُها جيدا، أمهلوني لعامين فحسب أحلها جميعا!

ولاحقا، أعلن "السيسي" بوضوح أن مصر ليست دولة من الأساس، بل هي ليست إلا شبه دولة وأن أهلها بالغو الفقر، وأنه لا يملك حلا لهم من الأساس سوى الصبر إلى ما لا حدود له من فترات زمنية، وإن كانت لسنوات غير محدودة ولا حتى معروفة.

وفي المقابل، هناك مناوئون مفترضون لـ"السيسي"، وليس مجرد معارضين، حيث إن المعارضة تقر بوجود وشرعية النظام السياسي، لكنها لا توافقه وتعمل حتى تحل محله، سواء استطاعت أم لم تستطع. أما المناوئة، فتختص بمواجهة نظام لا يقر المواجهون له بالشرعية أو استحقاق السيادة من الأساس.. لكن مناوئي "السيسي"، بخاصة من الثوار الذين تصدوا للحكم بعد محاولة الثورة في كانون الثاني/ يناير 2011م، اختلفوا وتمزقت صفوفهم، وذهبتْ للأسف قواهم وجهودهم على مدار قرابة خمس سنوات من الانقلاب العسكري في 3 تموز/ يوليو 2013، حتى ليقول قائلهم، وأحد أبرز أمناء الثورة المفترضين:

- لم يعد هدفنا الحالي إسقاط الانقلاب.. بل توحيد الصف ولمّ الشمل!

وبعد تمزق واختلاف لم تعد هناك وسيلة لمناوئة الانقلاب أو حتى مجرد معارضته؛ سوى الشماتة حينا من جانب كثيرين في ما وصل إليه الشعب المصري وتردي أحواله بعد الزيادة المُبالغ فيها في الأسعار، مع عدم وجود غطاء مناسب أو حتى إنساني من زيادة في الرواتب؛ بالطبع عدا الفئات المرضي عنها من النظام من الجيش والشرطة وسدنة المعبد من الإعلاميين وغيرهم.

إن الوضع غير الكريم واللاإنساني الذي يتعرض له شرفاء وبسطاء المصريين؛ يستوجب ما هو أكثر من احتفاظ المناوئين لنظامه على حالهم من الفرقة والتمزق والتشتت وتوقع المزيد منها.. مع مرور الوقت في ظل المأساة الحالية التي يصطلي بنارها المصريون في داخل وخارج مصر، ما عدا طرف من القيادات من هنا وهناك وقد استكان للوضع الحالي ولم يعد يهمهم تغييره!

إن يوم تجمع شمل المناوئين لنظام "السيسي" وعملهم الحثيث السريع على وضع خطة ورؤية واضحة وتنفيذها بروية وإحكام وصبر.. لهو يوم وشيك لوقوع نظام الانقلاب الذي تمكن من مصر حتى حين، وليس من هذا النهج والمسير الشماتة والتشفي في المصريين، أو انتظار سقوط الدولة كلها ليعود أولئك للحكم مجددا!
التعليقات (1)
مصري جدا
السبت، 23-06-2018 02:27 م
محاولة ايجاد حل عن طريق النخبة ومنصات القيادات المدنية والاسلامية والعسكرية التي اخفقت وتسببت بما نحن فيه أمر يصادم المنطق ،،، ولن يتم لانهم جميعا يفتقدون مقومات الاصلاح المنشود على مستوى الشخصيات والافكار والكيانات ،،،، قد يكون بعضهم مميزا في بعض النقاط لكنها تراجعت وتجاوزها الزمن ،،، المحاولات المستمرة والحديث المتكرر عن وحدة صف المعارضة ورؤية موحدة ومراجعة المواقف لن يتم ،،، لان ثقافة وفكر ومنهج وعقول هؤلاء ليست من هذا النمط وليسوا ابناء او رجال هذه المرحلة ،،،، مازالت لغة خطابهم لم تتغير هي هي ،،ومازالت اساليبهم ثابتة ، المربع المدني يحاول ايجاد بعض المقاعد في قطار النظام العسكري الفاشل ،،، والتيار الاسلامي مازال في سراب الشرعية ،،، و مجموعة العسكر مازالوا لا يؤمنون باحد سوى انفسهم وفقط ،،،، نحن بحاجة لجيل جديد ،، ينحي ايدلوحياته جانبا ،،، يضعها في حيبه في رآسه كما يريد ،، وتكون مصلحة مصر الضائعة ومستقبل مصر المهدد ،، هو الهدف الاسمى ،،، فكرة المسار الثوري او قيام ثورة جديدة ،، يحتاج اعادة نظر ،، لانه حتى اليوم لا توجد قيادة بحجم الثورة ،، ولو حدثت غضبة ستكون فوضى ،، الخاسر فيها بكل تاكيد ليس العسكر ولا القضاة ولا الاعلام ولا رجال المال ،، الخاسر الوحيد مصر العروبة والاسلام ،، نحتاج اعادة نظر ،، بعيدا عن حديث الذكريات و الشعارات و المقالات و الروايات