صحافة دولية

واشنطن بوست: لماذا تدعم أمريكا مسيحيي العراق والأيزيديين؟

واشنطن بوست: يضغط من بنس سرسل المساعدات مباشرة للمسيحيين العراقيين والأيزيديين- جيتي
واشنطن بوست: يضغط من بنس سرسل المساعدات مباشرة للمسيحيين العراقيين والأيزيديين- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا أعدته المحررة الدبلوماسية كارلو موريلو، تقول فيه إن وكالة المساعدات الدولية الأمريكية "يو أس إي إيد" ستقوم بإرسال المساعدات مباشرة للمسيحيين العراقيين والأيزيديين، وبضغط من نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس

ويكشف التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن أن الوكالة منحت 10 ملايين دولار لمجموعتين، بينهما واحدة تديرها "كاثوليك رليف سيرفيس/ خدمات الإغاثة الكاثوليكية"، وذلك نقلا عن الإداري في "يو أس إي إيد" مارك غرين.

وتفيد موريلو بأنه سيتم توزيع 25 مليون دولار لاحقا لمساعدة "المجتمعات المضطهدة" في العراق، وخصيصا للمسيحيين في سهول نينوى والأيزيديين، وبهذا ترتفع المساعدات الإنسانية للأقليتين خلال السنة المالية إلى 100 مليون دولار أمريكي، خصص ثلثها لجهود إعادة الاستقرار وإعادة بناء المناطق التي تم طرد منها تنظيم الدولة. 

وتعلق الصحيفة على السرعة التي تم فيها إقرار المساعدات، قائلة إنها انتصار للجماعات الدينية التي حاولت دعم الأقليتين الدينيتين، اللتين تعيشان في العراق منذ آلاف السنين، لكنهما تواجهان خطر الاختفاء، أو أن مجتمعاتهما تعرضت للدمار. 

ويجد التقرير أن الدفع باتجاه دعم المسيحيين والأيزيديين يؤكد الأولوية التي وضعتها إدارة ترامب لمساعدة المسيحيين، حتى في وقت تقوم فيه بتخفيض الأموال المخصصة للمساعدات الأجنبية، مشيرا إلى أن الإدارة تعرضت للضغوط لإرسال مساعدات للأقليتين من الجماعات المسيحية التي ضغطت على وزارة الخارجية، والإعلان عام 2016 عن ممارسة تنظيم الدولة إبادة ضد المسيحيين والأيزيديين والشيعة، وقالوا إن الوقت ينفد قبل أن "ينقرض" المسيحيون في المنطقة. 

وتشير الكاتبة إلى أن عدد المسيحيين تراجع في منطقة نينوى من مليون ونصف نسمة قبل الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ليصبح اليوم 200 ألف نسمة، فيما تراجع عدد الأيزيديين الذين يعيشون في منطقة سنجار إلى حوالي نصف مليون. 

وتلفت الصحيفة إلى أن السياسة الأمريكية تقوم على تقديم المساعدات الإنسانية دون تمييز في الدين أو العرق، إلا أن ضحايا الإبادة من الأقليات الدينية والعرقية في العراق يعدون غير محميين. 

وينقل التقرير عن نينا شيا من مركز الحريات الدينية في معهد هدسون، قولها: "ما المانع لأن نقدم الدعم بناء على العقيدة في حال كانت الإبادة قائمة على الدين؟"، وأضافت: "إنهم ناجون من الإبادة، وأبشع الانتهاكات الإنسانية والجرائم، وأقسمنا بعد الهولوكوست بألا نقف مستسلمين ونسمح بتلاشي وتعثر المجتمعات". 

وتذكر موريلو أن تحالفات الجماعات الدينية قامت بالاتصال ببنس، بعد سماعها عن بطء المساعدات الإنسانية، وقام بنس بمراقبة "يو أس إي إيد" منذ تشرين الأول/ أكتوبر، عندما أخبر منظمة "في الدفاع عن المسيحيين" أن الإدارة ستتجاوز "البرنامج  غير الفعال" الذي تديره الأمم المتحدة، وتقوم بتوجيه البرنامج للجماعات الدينية في العراق من خلال "يو أس إي إيد" والمنظمات الإغاثية الدينية، وبعدها بدأت الأموال بالتدفق، ففي كانون الأول/ ديسمبر منحت "يو أس إي إيد" 6.6 مليون دولار لثلاث منظمات غير حكومية؛ لمساعدة العائدين إلى محافظة نينوى، ومنحت الخارجية 10 ملايين للأقليات الدينية في العراق، وفي كانون الثاني/ يناير وجهت وكالة "يو أس إي إيد" 55 مليون من دفعة 75 مليون لبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة لمشاريع إعمار في العراق، وقالت إن الدفعة الثانية 75 مليون لن يفرج عنها حتى تحصل على تأكيدات بأن هذه الأموال ستنفق بطريقة جيدة.  

 

وتنوه الصحيفة إلى أنه منذ ذلك الوقت خصصت 4 ملايين دولار للاحتياجات الصحية في نينوى، وتبحث عن منظمات محلية للتعاون في منح إضافية بقيمة 35 مليون دولار، مشيرة إلى أن برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة نفى الاتهامات ببطء توصيل المساعدات الإغاثية إلى نينوى وسنجار، وقالت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مارتا رويداس، إن "يو أس إي إيد" ساعدت في تمويل 340 برنامجا في العراق، وتم الإعلان عن عشرات المشاريع، مثل المياه والمدارس والعيادات. 

ويستدرك التقرير بأن الحاجة كبيرة، والمساعدات غير كافية، حيث قدر البنك الدولي كلفة إعمار ما دمرته الحرب بـ 88 مليار دولار، فيما لا تغطي مشاريع برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة سوى 1% فقط. 

وتورد الكاتبة نقلا عن مسؤول من وكالة المساعدات الدولية الأمريكية، قوله: "نعلم أن هناك الكثير من العمل جار"، إلا أن بنس لم يكن راضيا عن التقدم الجاري في الميدان، ووجه قبل فترة غرين من "يو أس إي إيد" للسفر إلى العراق قبل نهاية الشهر الحالي، لإعداد تقرير له حول خطط نقل المساعدات للعراق سريعا، وقال بيان حاد صادر من مكتبه إن نائب الرئيس "لن يتسامح مع أي معوقات بيروقراطية". 

وتنقل الصحيفة عن مسؤول أمريكي مطلع على مواقف بنس، قوله إن نائب الرئيس يرى أن "يو أس إي إيد" فشلت في إعطاء الأولوية للموضوع، وانه مستعد لدعم أي تغييرات تقوم بها الوكالة، لافتة إلى أنه تم استبدال مدير مكتب الشرق الأوسط، وهو موظف في سلك الخدمات الخارجية، بآخر عين لأسباب سياسية، وعمل في مشاريع التنمية تحت إشراف غرين في المعهد الجمهوري الدولي. 

وبحسب التقرير، فإن بنس قال في خطاب أمام اجتماع للطائفة المعمدانية الجنوبية يوم الأربعاء: "لن نرتاح حتى نقدم لإخواننا المسيحيين والمجتمعات المضطهدة في الشرق الأوسط الدعم والمصادر التي يحتاجونها للتعافي والإعمار والازدهار في أرض أجدادهم". 

وتقول موريلو إنه من غير المعلوم أي جماعة ستخسر الدعم الأمريكي، بعد تحويله إلى الأقليات الدينية، وما سيكشف عنه التفضيل في المساعدات مستقبلا في بلد مقسم بناء على الخطوط الطائفية، مشيرة إلى قول بنس إنه لن يتم تجاوز الأقليات المسيحية والأزيدية. 

وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى آن غرين قارن الدعم للأقليات المسيحية والأزيدية بالدعم لمسلمي أقلية الروهينغا، التي توصف بأنها أكبر طائفة مضطهدة في العالم، حيث لا يجد غضاضة في تخصيص الدعم الأمريكي لجماعات معينة.

التعليقات (1)
عارف صابر
الأحد، 17-06-2018 06:34 م
الدول الغربية ، و على رأسها أمريكا ، ليست جمعيات خيرية إنسانية بالطبع و هي حين تمنح مساعدات مادية لجهة أو لدولة فإن مقصدها الأساسي سياسي بحت . لا يخفى أن أمريكا انتقائية في دعمها للأقليات و هي مستعدة لدعم أية أقلية ما دامت تلك الأقلية ليست مسلمة و المثال الذي ساقته "واشنطون بوست" عن عدم دعم أمريكا لأقلية الروهينغا المسلمة يؤكد ذلك مع أن هنالك أمثلة أخرى في آسيا و أفريقيا يتم فيها اضطهاد أقليات مسلمة من دون حتى الالتفات إليهم. المسيحيون و الايزيديون في العراق كانوا بخير قبل سقوط العراق تحت الاحتلال الأمريكي العسكري في عام 2003 "و المستمر حتى هذا اليوم" و الذي حصل أن العراق – تحت الاحتلال و مندوبه الفارسي - أصبح بلداً طارداً أو غير جاذب لكل من يرغب في الهدوء و الاستقرار بما يشمل أبناء الأكثرية السكانية. على أنه يجب أن ننتبه إلى كيفية تعاطي الدول الاستعمارية مع الهبات ، إذ في مفهومهم المنح ينبغي أن ينتج عنه الربط فأمريكا لا تخرج عن هذا الوصف فهي بمساعدتها لهؤلاء " و غيرهم" تعمل لربطهم بها أي تريد أن تجعلهم طابوراً خامساً لها في المستقبل و هذه هي "الزراعة المبكرة".