ملفات وتقارير

هل تشكل الاحتجاجات في الأردن شرارة انتفاضة شعبية؟

تعيد الاحتجاجات في المملكة أجواء الاحتجاجات التي عمت في 2011 إبان الربيع العربي
تعيد الاحتجاجات في المملكة أجواء الاحتجاجات التي عمت في 2011 إبان الربيع العربي
تحولت المظاهرات التي تشهدها الأردن احتجاجا على النهج الاقتصادي للحكومة ورفع الأسعار إلى أعمال إغلاق طرق في مناطق مختلفة من المملكة، وصلت إلى وقفات احتجاجية أمام الديوان الملكي ومقر الحكومة لليوم الثاني على التوالي.


وخرج الأردنيون رافعين شعارات إسقاط الحكومة ومجلس النواب، مساء الخميس الماضي، عقب رفع الحكومة لأسعار المشتقات النفطية  بنسبة وصلت إلى 5 في المئة، بعد يومين من إضراب كبير نفذته النقابات المهنية احتجاجا على مشروع قانون ضريبة الدخل، الأمر الذي اعتبره المواطنون استفزازا لهم.


ولم يفلح قرار ملكي بوقف رفع أسعار المحروقات باحتواء الاحتجاجات التي خرجت عفويا بعد دعوات شعبية عبر موقع "فيسبوك"، وتحولت مطالب المحتجين إلى إصلاحات سياسية واقتصادية أبرزها تشكيل حكومة إنقاذ وطني وحل مجلس النواب وتعديل الدستور.

وتعيد الاحتجاجات في المملكة أجواء الاحتجاجات التي عمت في 2011 إبان الربيع العربي، كما تشابه الاحتجاجات تلك التي يعرفها الأردنيون بأحداث "ثورة الخبز" عام 1996 التي أطاحت بحكومة عبد الكريم الكباريتي الذي رفع سعر مادة الخبز، ما خلف احتجاجات واسعة في مدينة معان، تتشابه الأجواء مع "هبة نيسان" جنوب المملكة التي عمتها احتجاجات غاضبة في 15 نيسان/ أبريل 1989 وبدأت في مدينة معان.

 

وسرعان ما انتقلت حينها إلى باقي المدن والكرك والسلط وإربد، نتيجة للظروف الاقتصادية السيئة للتطور فيما بعد للمطالبة بالإصلاح السياسي.

من جانبه، رأى الناشط في الحراك الشبابي، جواد دويدار، وعضو حزب الوحدة (يساري)، أن الاحتجاجات التي تجري لم تصل إلى حد الثورة بقدر ما هي "بداية تشكيل وعي جمعي لدى فئات الشعب كافة".

وقال لـ"عربي21": "الذي يخرج في الحراك، ليس فقط المعدمون أو الطبقة الفقيرة، إنما طبقات غنية وأصحاب أعمال أيضا، هذا يعني أن النهج الاقتصادي وصل إلى طبقات عليا لم تكن قد تأذت من قبل، ولم تتوقع الحكومة ردة الفعل الحاصلة في الشارع الآن".

وبحسب دويدار، فإن المطلوب هو "رحيل الحكومة، وتغيير النهج السياسي، والاقتصادي، والتعامل مع الشعب الأردني كمواطنين وليس كرعايا، ويجب تغيير هذه النظرة من الحلف الحاكم، حتى لا نصل إلى نتائج كارثية على الوطن والشعب".

ويترقب الشارع الأردني، قرارا ملكيا بإقالة حكومة رئيس الوزراء هاني الملقي، الذي قام برفع أسعار قائمة طويلة من سلع وخدمات، شملت مواد غذائية أساسية؛ بغية توفير إيرادات لخزينة الدولة بما يقارب مليار دينار أردني، موزعة على 540 مليون دينار من ضريبة مبيعات و376 مليون دينار ضرائب ورسوم أخرى، إلى جانب رفع الدعم عن مادة الخبز، البالغ 170 مليون دينار.

في وقت يتابع فيه مسؤولون حكوميون وأمنيون في المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات الأوضاع التي يمر فيها الشارع الأردني، دون إصدار أي تعليق رسمي حتى الآن على هذه الاحتجاجات، التي وقعت في أثناء سفر الملك عبد الله الثاني إلى البانيا للمشاركة في  ملتقى دولي لمحاربة الإرهاب.

وكان من الواضح غياب مجلس النواب الأردني عن المشهد ليخرجوا في بيان ليلة الجمعة إلى السبت وقع عليه 72 نائبا، عبروا فيه عن رفضهم لمشروع قانون ضريبة الدخل شكلا ومضمونا، كما أعلنوا من خلال البيان رد المشروع كاملا جملة وتفصيلا "حرصا منهم على الأمن الوطني والاجتماعي والاقتصادي".

ووصف الكاتب والإعلامي الأردني إسلام العياصرة، المشهد في الشارع الأردني بالضبابي وغير المنظم، داعيا إلى إقالة الحكومة وحل مجلس النواب كي لا تتطور هذه الاحتجاجات إلى ثورة شعبية، خصوصا في ظل التعنت الحكومي والصمت النيابي تجاه هذه الاحتجاجات".

إلا أنه لا يعتبر هذه الاحتجاجات شرارة ثورة إنما "احتجاجات شعبية غير منظمة، سببها حالة احتقان كبيرة بسبب القرارات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة بتعسف واضح، التي تستهداف من خلالها حل أزماتها المالية من خلال جيوب المواطنين". 

 

وقال إن الأردن يعيش وضع مرحلي حساس جدا إثر تعرضه لضغوط دولية كبيرة، وحجب مساعدات مالية كانت المملكة تتوقعها، ولذلك تلجأ الحكومة لجيوب المواطنين الذين خرجوا لإنهاء نهج الجباية هذا".

ووصف العياصرة الاحتجاجات بـ"الكبيرة"، إذ عمت محافظات وألوية لم تشارك سابقا بأي أعمال أو وقفات احتجاجية إبان الربيع العربي، مضيفا: "لذا المسؤولية الآن تقع على النظام الأردني ممثلا بالملك من خلال تشكيل حكومة إنقاذ وطني والبحث عن شخصية توافقية تسعى لإيجاد مخرج للوضع الراهن وانهاء نهج حكومات "الإعانة" نحو تطبيق تطلعات الشعب والقيادة بما جاء في الأوراق النقاشية الملكية".

وقال لـ"عربي21" إن "الساعات القادمة ستحمل مفاجأت لا تقل عن سحب القانون المثير للجدل من جانب و تشكيل حكومة انقاذ وطني تقودها شخصية متوافق عليها شعبيا، وقادرة على قيادة المرحلة في ظل الوضع الراهن من جانب اخر حتى يتجنب الأردن اي تطورات لا تحمد عقابها".


وكان العاهل الأردني عبد الله الثاني قال في 31 كانون ثاني/ يناير الماضي، إن بلده يتعرض لضغوط اقتصادية بسبب الموقف الأردني من القرار الأمريكي الأخير باعتبار القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.

 

بدوره، وصف الناطق الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين المهندس بادي الرفايعة، الاحتجاجات في الأردن بـ"الحادة والواسعة"، موضحا أنها "تفجرت في كل مكان".

 

وأشار إلى أنها "خرجت من مواطنين دون تنظيم من جهة ما، بسبب الحالة السياسية والاقتصادية المتردية، وليس بالسهولة إقناع الناس إلا بإجراءات حقيقة ومعالجات مرضية".

وقال: "من السابق لأوانه القول إن هذه الاحتجاجات بداية ثورة شعبية، مع الاشارة الى أن هناك وعي لدى المواطنين الاردنيين على بلدهم وليس معنييين الإساءة للوطن، ويحرصون على عدم تطوير الأمور كي لا تستغل اطراف الخارجية هذه الاحتجاجات".

 

 




التعليقات (0)