قضايا وآراء

غزة وإسرائيل .. بين التصعيد والهدنة

ماجد أبو دياك
1300x600
1300x600

يشي الصراع بين غزة وإسرائيل بإشارات متناقضة تجعل المستقبل غامضا؛ بين مواجهة غير مرغوبة بين حماس وإسرائيل وبين فك الحصار والتخفيف من معاناة سكان القطاع، ضمن رؤية أمريكية إسرائيلية تستبق تطبيق صفقة القرن ومحاولة تحييد دور حماس في معارضتها.

فعقب اشتداد مسيرات العودة في منتصف أيار/ مايو، والتي أدى فيها استخدام إسرائيل للقوة المفرطة لمنع اقتراب المحتجين السلميين من الحدود مع قطاع غزة إلى سقوط أكثر من 60 شهيدا، شهدنا تحركا أمريكيا لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة، مقابل الاتفاق على هدنة طويلة الأمد مع حركة حماس، تشمل تبادل الأسرى، وتعهد حماس بوقف حفر الأنفاق، والكف عن تطوير واستلام أسلحة صاروخية، والاحتفاظ بأسلحتها الخفيفة والمتوسطة.

مساع لهدنة وفك الحصار عن غزة

وتشمل معالجة الأزمة الإنسانية في غزة إنشاء محطات كهرباء توفر الطاقة لمدة 20 ساعة على الأقل يوميا، وتقديم مئات الملايين من الدولارات لإسعاف الاقتصاد وتوفير فرص عمل، وإعادة بناء البنية الصحية والتعليمية التحتية، وبناء ميناء غزة، وتوسيع مسافة صيد الأسماك في البحر، ورفع الحصار، على أن يشرف الأوروبيون على هذه الخطة.

وتقول المصادر إن صهر الرئيس ترامب، جاريد كوشنر، ومبعوثه جيسون غرينبلات، قاما بإطلاع مسؤوليين عرب، على هذه الخطة، وإن كان من المستبعد أن تقبل السلطة الفلسطينية بمثل هذه الحلول أو الخطط، مخافة أن تفرض الصفقة في قطاع غزة بدون موافقتها وبالتفاهم مع حماس!

 

 

قد يؤدي خط التهدئة هذا إلى تمييع معارضة حماس للصفقة، وهذا ما سيدفعها للتفكير مليا قبل القبول بها وبمغرياتها وشروطها التي ربما لا تقبلها حماس


كما لم يعرف للآن موقف حماس من الصفقة الإنسانية، وكذلك شروط إسرائيل لها.

وقد يؤدي خط التهدئة هذا إلى تمييع معارضة حماس للصفقة، وهذا ما سيدفعها للتفكير مليا قبل القبول بها وبمغرياتها وشروطها التي ربما لا تقبلها حماس؛ على أساس أنها تكبل يدها في مواجهة إسرائيل، وكذلك طبيعة شروط صفقة الأسرى التي تعول عليها حماس لتبييض جزء مهم من سجون الاحتلال مقابل إطلاق الأسرى لديها.

تصعيد غير منضبط

وإلى أن يتبين مصير الصفقة، فإن المناوشات بين الاحتلال وحماس ستظل سجالا في ضوء معادلة المسيرات الشعبية واستخدام المقاومة للطائرات الحارقة التي تؤدي لإشعال آلاف الدونمات للمستوطنين في غلاف غزة، والرد الإسرائيلي العنيف على ذلك، بما في ذلك قصف نقاط للمقاومة، وهو الذي قد يؤدي لخرق الهدنة غير المعلنة بين الطرفين، وصولا إلى اشتعال حرب بين الطرفين اللذين لا يريدانها أصلا.

 

 

 

إسرائيل تؤكد أنها غير معنية بالتصعيد مع غزة، ولكنها في الوقت ذاته تتجاوز الخطوط الحمراء باعتداءاتها المتكررة على مواقع المقاومة

فإسرائيل تؤكد أنها غير معنية بالتصعيد مع غزة، ولكنها في الوقت ذاته تتجاوز الخطوط الحمراء باعتداءاتها المتكررة على مواقع المقاومة والتي تؤدي لسقوط شهداء وجرحى، وهو ما لا تستطيع المقاومة السكوت عليه طويلا، وإن كانت تؤكد باستمرار أنها غير معنية بحرب مع العدو تعيد مآسي حرب 2014.

وفي آخر الجولات التي جرت الأحد، فقد كثرت التهديدات الإسرائيلية باستهداف قيادات حماس وتكثف القصف الصهيوني لمواقع المقاومة الذي أدى لسلسلة من الأفعال وردود الفعل، انتهت بالتوصل لهدنة بين الطرفين بوساطة مصرية.

أما على الحدود، فتستمر موجة حرائق مزارع المستوطنين في المسيرات أو بدونها، الأمر الذي يستفز قوات الاحتلال لشن المزيد من الهجمات على المقاومة، وستظهر الأيام القادمة إن كانت هذه الأفعال مشمولة بالتهدئة أم لا.

بين فك الحصار والتصدي لصفقة القرن

 

 

 

قرار حماس بمواجهة الصفقة قد يتأثر بما يعرض عليها من إجراءات لحل الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، والتي تتطلب منها التعامل إيجابيا مع الإجراءات، بما فيها قبول إسرائيل لاستمرار حكمها في غزة

ويبدو أن الهم المهيمن على تفكير قيادة حماس هو فك الحصار عن غزة، وتجاوز إجراءات الرئيس الفلسطيني محمود عباس بحق أبنائها، بما في ذلك قطع الرواتب عن الموظفين من حماس وغيرها، وهو سلوك غير مفهوم إلا في إطار التساوق مع العدو في الضغط على حماس لتمرير صفقة القرن التي يدعي عباس أنه يعارضها!!

وفي هذا الإطار، فإن قرار حماس بمواجهة الصفقة قد يتأثر بما يعرض عليها من إجراءات لحل الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، والتي تتطلب منها التعامل إيجابيا مع الإجراءات، بما فيها قبول إسرائيل لاستمرار حكمها في غزة وتكريس دويلتين في غزة والضفة.

 

 

تشهد القضية منعطفا خطيرا في ضوء الانقسام الفلسطيني الذي يتحمل وزره عباس شخصيا، وربما يدفع ثمنه مستقبلا إذا طبقت الصفقة

ولكن حماس لا يمكن أن تقبل بأن تكون جسرا تعبر عليه صفقة القرن، ولديها من الوسائل والآليات التي تمكنها من فرملتها، سواء في غزة والضفة. فحتى لو قبلت الهدنة المحدودة مع العدو، فإن ذلك لن يمنعها من التحشيد الشعبي ضد صفقة القرن، وتفعيل أدوات الفعل الشعبي والانتفاضة الشعبية ضد هذه الصفقة.

تشهد القضية منعطفا خطيرا في ضوء الانقسام الفلسطيني الذي يتحمل وزره عباس شخصيا، وربما يدفع ثمنه مستقبلا إذا طبقت الصفقة بوجوده ومن خلال شخصية بديلة له، أو حتى إذا غيبه الموت في ضوء تدهور صحته. ويتطلب هذا جهدا استثنائيا من القوى الفلسطينية لقيادة الشارع ومنع تطبيق الصفقة المشؤومة.

التعليقات (0)

خبر عاجل