كتاب عربي 21

سامح شكري ورفض المصالحة مع الإخوان

آيات عـرابي
1300x600
1300x600
كررت كثيرا خلال سنوات ما بعد الانقلاب أن عقدة الانقلاب هي البحث عن الشرعية وأنه ما يزال يرى نفسه مهزوزا وأن العسكر يرتعبون من الشعب ويتحسبون لردود أفعاله وأن هذا سبب الكثير من الألاعيب التي يمارسونها. كتبت أقول أن الانقلاب يريد اعترافا، كتبت هذا أكثر من مرة ودائما ما يُقابل هذا باعتراض من البعض أن الانقلاب متمكن من مفاصل الدولة ويصدر القرارات كما يريد وأن الحراك قد انتهى وأنه لا يوجد في الأفق ما يقلق العسكر.

والحقيقة أن هذه العبارات نصفها صحيح ونصفها الآخر خطأ، فالانقلاب يصدر القرارات ويعين هذا ويفصل ذاك ويشكل الوزارات ويمارس كل مهام الحكم، ويسيطر على كل مفاصل الدولة ويرفع الأسعار ويفرضها على الناس، ويلتقي السفراء ويعين السفراء وقائد الانقلاب يسافر في زيارات خارجية، الخ..
كل هذا صحيح، لكنه لا ينفي أن الانقلاب بحاجة إلى الاعتراف.

المشكلة الكبرى التي واجهت الانقلاب من البداية هي بكل بساطة الكلمة أنه كان انقلابا!
الانقلاب يدرك تماما أنه نتيجة تصرف غير شرعي في مواجهة سلطة شرعية منتخبة، يدرك أنه استطاع فرض إرادته على الشعب وقام بتغيير الواقع، لكن هذا كان في مواجهة رئيس شرعي منتخب. وأنه كوسيلة لحل هذه المعضلة التي انتبه لها حتى من قبل القيام بالانقلاب، اضطر لاستخدام احتجاجات حاول أن يجعلها تبدو شعبية ليصور الأمر على أنه رغبة شعبية في التغيير تدخل هو للاستجابة إليها، ولهذا كانت المعركة السياسية الكبرى في البداية هي معركة (انقلاب أو ثورة) وهي معركة خسرها الانقلاب واضطر بعد ذلك إلى الانتقال إلى المرحلة التالية وهي مرحلة استخدام العنف.

فالانقلاب وفي توقيت مبكر، خسر معركته في تصوير 30 يونيو على أنها احتجاجات شعبية، واتضح للجميع أنه كانت مجرد ستار كاذب غطت به الدبابة نفسها حتى تتسلل إلى الشوارع ثم اضطر للتورط في سفك دماء في عدة مجازر ارتكبها وتوجها برابعة.

ونتيجة لهذا المسار الدموي العنيف، اصبح على الانقلاب أن يترك لهجة (قد الدنيا) وأن يرفع من نغمة شيطنة الإخوان المسلمين وأن يقدم نفسه بالتالي كمنقذ خلص مصر من الإخوان.

وهذا النهج لم يكن مصادفة بطبيعة الحال بل كان أحد احتمالين بل الأرجح منهما. لكن من الواضح أن النجاح لم يكن حليف الانقلاب بصورة كاملة كما يتصور البعض، فها هو الانقلاب يحاول تقديم نفسه بعد حوالي خمس سنوات من وقوعه على أنه منقذ مصر من الإخوان. وهذا في رأيي مؤشر على الفشل.

ما يزال الانقلاب بعد خمس سنوات يبحث عن شرعية ولا يجدها. وورطته تتعمق مع الوقت وكلامي هنا لا يعني أن المعسكر المناهض للانقلاب ناجح، بل يعني فقط أن الانقلاب قد فشل ولأسباب حتمتها الظروف في نيل الشرعية حتى الآن، فلا هو قدم إنجازا اقتصادياً للشعب، بل على العكس، تنتقل الأحوال الاقتصادية من حفرة إلى حفرة أعمق، ولا هو نجح في نيل الاعتراف به، بالإضافة إلى عامل آخر تحدثت عنه من قبل عدة مرات، وهو جفاف الساحة السياسية، فبعد تنحية الإخوان المسلمين من الساحة لم يعد هناك خصوم سياسيون.. جفت الحياة السياسية، فكما قلت من قبل، الإخوان كانوا هم العمود الفقري للمعارضة.

ثم وعلى جانب آخر لم يستطع الانقلاب تغييب ذكر الرئيس المنتخب الذي لا يزال الملايين يتمسكون به رئيساً منتخباً، وهنا تظهر أهمية التمسك بشرعية الرئيس مرسي. تصريحات سامح شكري برفض المصالحة مع الإخوان المسلمين، في نظري مؤشر فشل وإفلاس، فالانقلاب بعد خمس سنوات لم يجد ما يقدم نفسه به سوى أنه عدو الإخوان. ولكنه فشل لا يقابله نجاح على الجانب الآخر المناهض للانقلاب.
2
التعليقات (2)
فتيحه وهاب
الأحد، 27-05-2018 05:24 ص
تحليل في منتهى الروعة استاذة آية, فعلا اليوم وبعد ما حدث ويحدث في مصر خصوصا اقتصاديا عرى كل من نبح في صف الانقلاب , واقصد خاصة الاحزاب الإسلامية التي دعمت الانقلاب , اهتزت قوى المعارضة واصبحت الساحة فارغة بعد الاخوان لكن ما موقف المعرصين الذين نادوا بعد الانقلاب بحرمة الخروج على الحاكم , هم بلاء الحراك الاسلامي السياسي ان صح التعبير, مداخلة مصر مع السكوت المريب لمشايخ مصر مؤشرات تدل على ان الإخوان فعلا كانوا رعبا حقيقيا على عصابة العسمر والفاسدين
مصري جدا
السبت، 26-05-2018 08:42 م
الانقلاب لا يبحث عن شرعية ولا شعبية ولا تعنيه ،،، ما يعنيه هو الرضا والدعم الصهيوخليجي والدعم الامريكي ،، الدعم المالي والسياسي والمؤسسي ،،، لذلك فهو اداة طيعة لكل المؤامرات التي تحاك ضد العروبة والاسلام ،، السيسي عقيدته الغاية تبرر الوسيلة وهو واقعي ومتسق مع نفسه ،،، الشرعية والمبادئ والقانون هي لغة الكتاب في المقالات والرويات الادبية ،، ولغة الساسة الضعفاء ،، ام الاقوياء واصحاب السطوة ولو كانوا فسدة ومستبدين وطغاة فالمصلحة والعائد والفائدة والثمن هي لغة الخطاب السائدة عندهم ،،،

خبر عاجل