صحافة دولية

"لوبوان" تقرأ تأثير الانسحاب من الاتفاق النووي على أوروبا

الصحيفة قالت إن إيران التزمت بالاتفاق على مدار السنوات الماضية- جيتي
الصحيفة قالت إن إيران التزمت بالاتفاق على مدار السنوات الماضية- جيتي

نشرت صحيفة لوبوان الفرنسية حوارا مع سفير فرنسا سابقا في طهران، فرانسوا نيكولود، الذي دق نواقيس الخطر بشأن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وتداعيات ذلك على إيران ومنطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى أوروبا.

وقالت الصحيفة، في حوارها الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد وفى بوعوده في ما يتعلق بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران الذي أبرم في تموز/ يوليو سنة 2015، بين إيران والولايات المتحدة، وفرنسا، والصين، وروسيا إضافة إلى ألمانيا والمملكة المتحدة، بهدف الحد من الأنشطة النووية الإيرانية، مقابل رفع العقوبات عن طهران.


وبينت الصحيفة أنه وحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التزمت إيران بهذا الاتفاق على امتداد السنوات الماضية. في المقابل، اعتبر ترامب هذا الاتفاق الأسوأ على الإطلاق، باعتبار أنه لم يعالج المسائل الأهم بالنسبة للولايات المتحدة، وخاصة البرنامج الصاروخي والدعم الإيراني للنظام السوري، وحزب الله وجماعة الحوثي في اليمن.

وفي سؤال الصحيفة عن تداعيات انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، أكد فرانسوا نيكولود أن هذا الأمر يعد بمثابة إيذان بمواجهة العالم لمرحلة معقدة. ففي حال فرض الرئيس ترامب عقوبات جديدة على النفط الإيراني، سيؤدي ذلك حتما إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد وبالتالي العودة إلى مرحلة ما قبل الاتفاق النووي. في الأثناء، قد يكون لهذا الأمر وقع إيجابي، حيث من المتوقع أن ترتفع أسعار النفط بشكل طفيف.

أما في ما يتعلق بانعكاسات هذا الانسحاب على أوروبا، أشار السفير السابق إلى أن قرار ترامب سيحول دون بيع 40 بالمائة من المنتجات الإيرانية في الأسواق الأوروبية. ويبقى ذلك منوطا بقدرة الأوروبيين على إقناع دونالد ترامب بتقديم بعض التنازلات، على غرار تجميد العقوبات بشكل مؤقت. وسيسمح ذلك للشركات الأوروبية، التي تربطها علاقات تجارية مع إيران بالحفاظ على أعمالها.

وفي استفسار الصحيفة عن الشركات الفرنسية التي كانت تتوجس من الاستثمار في إيران بسبب الخوف من العقوبات الأمريكية، أكد نيكولود أن الأمريكيين دأبوا على مضايقة الشركات الأوروبية التي لديها مصالح في الولايات المتحدة والتي كانت في الوقت ذاته ترغب في الاستثمار في إيران. وكان السبيل الوحيد للقيام بذلك، تمتع هذه الشركات الأوروبية، على غرار شركات المحروقات وشركات الطيران ببعض الامتيازات. ولعل أبرز مثال على ذلك الاستثناءات التي حظيت بها الشركات الفرنسية توتال وشل في سنة 1990 في الوقت الذي كانت فيه الشركات النفطية ترزح تحت العقوبات.

وردا على سؤال الصحيفة بشأن إمكانية اعتماد الإيرانيين على الخلاف الأوروبي الأمريكي حول مسألة إلغاء الاتفاق، أفاد الدبلوماسي السابق أن إيران كانت قد راهنت من قبل على هذا الخلاف لكنها أصيبت بخيبة أمل. فلطالما كان الخوف يتملك الأوروبيين، ويصرون على السير على نهج واشنطن. ولكن، في حال تسببت الإجراءات التي سيتخذها ترامب في إلحاق ضرر بالمصالح الأوروبية، فقد يدفعهم ذلك إلى معارضة هذا الانسحاب. والجدير بالذكر أن الأوروبيين لن يقدموا على مواجهة ترامب وإفساد العلاقات مع الولايات المتحدة، فقط من أجل خدمة الإيرانيين.

 

اقرأ أيضا: صحيفة: ترامب يلغي اتفاق النووي.. ماذا يمكن لإيران أن تفعل؟

وتسألت الصحيفة عن إمكانية دخول الإيرانيين في مفاوضات جديدة بعد قرار ترامب. في هذا الشأن، أوضح نيكولود، أن هذا الأمر غير وارد، في حين أن إيران لن تستسلم. ومن المرجح أننا سنشهد فترة من الاضطرابات والضغوط من جميع الاتجاهات. في الأثناء، قد يحاول الرئيس الإيراني المحافظة على الاتفاق مع بقية الأطراف، لأن فشله سيعني بالضرورة انتصار الأصوليين في بلاده.

وفي سؤال الصحيفة عن فرضية استئناف إيران لمختلف نشاطاتها النووية بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، صرح السفير السابق بأن إيران لن تعود بشكل مباشر إلى تخصيب اليورانيوم وتهيئة البنية التحتية الخاصة بالأسلحة النووية. ولكن قد تتخذ خطوات استفزازية أخرى تثبت من خلالها أنها لم تعد خاضعة لبنود الاتفاق النووي.

وأضاف الخبير الفرنسي أنه "في حين قد تلتزم طهران ببعض النقاط ضمن الاتفاق، فقد تبادر بالانسحاب من البروتوكول الإضافي الذي وقعته مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل طوعي الذي يقضي بمنع انتشار السلاح النووي. في هذه الحالة، سيشعر الأمريكيون بندم كبير حيث لن يتسنى لهم إجراء أي عمليات تفتيش عاجلة وفورية كما كان الأمر في السابق".

وفي ما يتعلق بموافقة إيران على بعض الإجراءات على مستوى نشاطاتها البالستية وتحركاتها في المنطقة، أفاد فرانسوا نيكولود بأن الإيرانيين لن يقبلوا بالانسحاب من سوريا في سوريا خاصة في ظل الانتصارات التي يحققونها، مع العلم أن هذه المسألة تعد القضية الأبرز بالنسبة لترامب. أما بشأن التجارب الصاروخية، فلا يوجد مبرر للحد من برنامجها الصاروخي خاصة أن المملكة العربية السعودية لها صواريخ قادرة على ضرب طهران وتل أبيب.

وفي استفسار الصحيفة عن إمكانية نشوب حرب على المدى القصير، نفى الدبلوماسي الفرنسي الأمر مشيرا إلى أن مستوى التصعيد لم يبلغ هذا الحد. ولكن مع انتشار مليشيات إيران في المنطقة خاصة في لبنان وسوريا بمحاذاة الحدود الإسرائيلية، فيمكن أن تنشب مناوشات بين إسرائيل وحزب الله، الذي تموله طهران عسكريا وماليا. لكن من غير الوارد أن تندلع مواجهة مباشرة بين الدولتين، خاصة أن كلا الطرفين يدركان أن نتائجها قد تكون وخيمة.

 

اقرأ أيضا: كيف تأثرت بورصات أوروبا بانسحاب أمريكا من اتفاق إيران؟

وطرحت الصحيفة سؤالا حول حقيقة هدف دونالد ترامب من وراء هذا القرار، حيث من المرجح أنه يسعى إلى تغيير نظام الحكم في إيران، خاصة مع انضمام رجلين معاديين لإيران إلى حكومته، وهما وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون. في هذا الشأن، أورد نيكولود أن "الأمر مستبعد، وفي حين قد نشهد سلسلة أخرى من الاحتجاجات؛ إلا أن ذلك لن يؤدي إلى سقوط النظام، خاصة أن الحشود لم تطالب سابقا بذلك، واكتفت بمطلب تغيير النظام السياسي. وقد تحث الاحتجاجات النظام على إحداث إصلاحات في صلبه، مع العلم أن الأمر منوط بالمرشد الأعلى المستقبلي، حيث تتواتر الأنباء بشأن تدهور الحالة الصحية لخامنئي".

التعليقات (0)

خبر عاجل