صحافة دولية

فايننشال تايمز: ارتياح شعبي للدور التركي بجرابلس.. إلى متى؟

فايننشال تايمز: جرابلس تقدم نموذجا لنفوذ تركيا ورئيسها أردوغان في شمال سوريا- جيتي
فايننشال تايمز: جرابلس تقدم نموذجا لنفوذ تركيا ورئيسها أردوغان في شمال سوريا- جيتي

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لموفدتها إلى جرابلس لورا بيتال، تتحدث فيه عن الدور الذي تقوم به تركيا في سوريا

 

وتقول بيتال إن المدينة تقدم نموذجا لنفوذ تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان في شمال سوريا، مشيرة إلى أن أنقرة تسيطر على أربعة آلاف كيلومتر مربعة، ومن بينها منطقة عفرين.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن هناك من يخشى أن يؤدي الوجود التركي، كأي قوة احتلال، إلى رفض محلي يورط أنقرة إلى التزامات مكلفة وصعبة، بالإضافة إلى أنهم ينذرون بحدوث اشتباكات مع المليشيا الكردية المدعومة أمريكيا، التي تتمركز على بعد 3 كيلومترات من المدينة.

 

وتستدرك الصحيفة بأن تركيا في الوقت الحالي حريصة على إظهار دورها، فعندما زارت مراسلة الصحيفة المدينة، من خلال رحلة نظمها المسؤولون الأتراك، فإن السكان عبروا عن امتنانهم للجهود التي تقوم بها الحكومة التركية، حيث تقول المعلمة أميرة نجار: "الرأي العام هنا هو أن الأتراك يقدمون المساعدة لنا.. لا ينظر إليهم السكان على أنهم قوة احتلال، ونأمل أن يبقوا هنا". 

 

وتلفت الكاتبة إلى أن تركيا ضخت الكثير من المصادر في المنطقة خلال الـ 18 شهرا، وساعدت الوزارات التركية في إصلاح البنايات، وبنت المستشفيات والعيادات الطبية، وأعادت فتح المدارس، وتدفع أنقرة رواتب مئات المدرسين والأطباء وعناصر الشرطة، مشيرة إلى أن شركة الكهرباء التركية مدت خطا طوله 3 كيلومترات من الأراضي التركية إلى جرابلس، التي أصبحت مرتبطة بالشبكة الكهربائية التركية.

 

ويفيد التقرير بأن البيروقراطيين والمسؤولين الأتراك الذين تم إرسالهم للعمل في جرابلس، يرون أن مهمتهم الأولى هي "إعادة الحياة الطبيعة"، كما يقول نائب حاكم غازي عينتاب إمام غيللر، الذي يعمل في جرابلس منذ 9 أشهر، ويضيف: "هناك الكثير من الفوضى، وكانت هناك حرب، وبدأ الناس الآن يكتشفون الحياة الجيدة". 

 

وتذكر الصحيفة أن الهدف الرئيس للعملية التركية المعروفة باسم "درع الفرات"، كان منع المقاتلين الأكراد من التوسع غربا لقتال تنظيم الدولة، لكن أردوغان قال إن من أهداف العملية هو تسريع عودة اللاجئين السوريين، البالغ عددهم 3.5 مليون شخص ويعيشون الآن في تركيا، حيث كان هذا العدد وراء توتر، وأحيانا مثار حنق، سكان المدن التركية، بالإضافة إلى الأعباء الاقتصادية. 

 

وتنقل بيتال عن مسؤولين، قولهم إن عدد سكان جرابلس ارتفع من خمسة آلاف أثناء حكم تنظيم الدولة إلى 14 ألف نسمة الآن، فبالإضافة إلى سكانها الأصليين، فإن هناك العائدين من تركيا والنازحين داخليا من قرى ومدن حول سوريا. 

 

ويورد التقرير نقلا عن مسؤولين أتراك، قولهم إن دورهم في جرابلس استشاري، ولمساعدة المجالس التي يديرها السوريون، مستدركا بأن هذا لم يمنع تظاهرات العام الماضي بعد محاولة منع المدرسات من ارتداء النقاب، فيما عبر سكان عن حنقهم من شريط فيديو لعناصر شرطة تحت التدريب وهم يهتفون "يعيش أردوغان". 

 

وتنقل الصحيفة عن عبد اللطيف محمد، وهو عضو أحد المجالس المحلية، قوله إنه تم تجاوز مظاهر الخلل، وأكد أن السوريين هم الذين يتخذون القرارات، وأنه لا يحدث شيء دون موافقتهم.

 

وتعلق الكاتبة قائلة إن هذا لا يمنع من ملاحظة الوجود التركي في كل مكان، ففي ساحة مدرسة ملصق يذكر بالمحاولة الانقلابية في تركيا عام 2016، وفي الشوارع تعلم الأطفال كيفية ضم أصابعهم على شكل شعار الذئب الذي يستخدمه الجنود الأتراك. 

 

وينوه التقرير إلى أن التحدي الأكبر للمسؤولين الأتراك هو الحفاظ على الأمن، حيث شهدت المدينة سلسلة من التفجيرات التي ألقي اللوم فيها على المتشددين الأكراد، فيما يعبر السوريون عن قلقهم من انتشار السلاح والجماعات المسلحة التي يسير مقاتلوها بخيلاء حول المدينة، مشيرا إلى أن هناك منافشات لتطهير المدينة منهم، إلا أن هذا الأمر يحتاج بعض الوقت، كما يقول محمد عيسى، وهو أحد عناصر الشرطة الذين دربهم الأتراك، "نعمل على ذلك لكن تدريجيا". 

 

وتجد الصحيفة أن "جرابلس قد تبدو نموذجا عما تريده تركيا للحكم، إلا أنها مدينة تمت السيطرة عليها بسهولة، وعلى خلاف المناطق السورية الأخرى، فإنها لم تعان إلا خرابا محدودا، وغالبية سكانها من العرب السنة، بالإضافة إلى أنها  قريبة من الحدود التركية بشكل يقلل من التحديات اللوجيستية". 

 

وترى بيتال أن هذا لا يعني عدم وجود مشكلات حددت من السلطة، ففي الأرياف هناك مشكلات في توفر المياه الصحية، بالإضافة إلى إقامة أكثر من 20 ألف نازح في الخيام. 

 

وبحسب التقرير، فإن التحدي الأكبر لأردوغان قد يظهر لاحقا، خاصة أنه هدد بالتوسع في المناطق الأخرى التي سيطر عليها الأكراد، ما سيؤدي إلى مواجهة مباشرة بين دولتين من حلف الناتو، فيمكن للمقاتلين السوريين مشاهدة مواقع القوات الأمريكية التي تدعم الأكراد. 

 

وتشير الصحيفة إلى أن أردوغان يؤكد أن بلاده لا تريد السيطرة على أراضي سوريا، لكن المسؤولين الأتراك يقولون إنهم قد يبقون لسنوات قبل رحيلهم، ولا يشعرون بالقلق من تورطهم الطويل في سوريا، أو من تغير مشاعر السكان تجاههم، لافتة إلى أن السوريين يشعرون بالامتنان، فهم آمنون من نظام بشار الأسد وتنظيم الدولة. 

 

وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول الجدة أم أوهان شعبان: "لا خيار أمامنا لأن تركيا هنا.. عندما تقارنين الحياة اليوم مع وقت تنظيم الدولة، فهي ممتازة".

التعليقات (0)