مقالات مختارة

ثلاث مقاربات للاغتيال!!

خيري منصور
1300x600
1300x600

السؤال المغيب كلما وقعت حادثة اغتيال، خصوصا من الموساد، هو لماذا تختار إسرائيل مُثقفا بعينه أو ناشطا محدد الاسم والهوية؟.. فمن كانوا يمارسون الكتابة مع غسان كنفاني يعدّون بالمئات، سواء من الفلسطينيين أو الوطن العربي، وكذلك كان عدد من يكتبون ويديرون مراكز أبحاث واكاديميين عندما تم اختيار د. أنيس صائغ برسالة ملغومة استهدفت أصابعه.

لكن ليس معنى ذلك أن المثقف العربي متهم في وطنيته إلى أن يثبت عكس ذلك بتعرضه للاغتيال، لأن لكل اغتيال بُعده الرمزي، وهذا ما قاله الراحل يوسف إدريس عندما سمع نبأ اغتيال غسان كنفاني في بيروت، قال إنه لم يشعر بالفخر لكونه كاتب قصة ورواية إلا عندما شعر بأنه زميل لغسان! وأضاف أن الاغتيال شمله أيضا، لكن على نحو رمزي.

وقد لا نحتاج إلى كثير من الخيال كي نتصور بأن الموساد مستعد لتقديم الفيتامينات وعمليات التجميل ومعالجة أمراض مثقفين سعوا إلى التطبيع؛ لأنه حريص على استمرار حياتهم كحرص الصيّاد على إدامة حياة كلبه.

المقاربات الثلاث التي أعنيها للاغتيال، التي تتطلب مساحة أخرى هي باختصار: المقاربة الفكرية والتاريخية، ومن استهدفهم الموساد منذ سبعين عاما يزيد عددهم على ألفين وسبعمئة، منهم سياسيون وقادة وعسكريون ومثقفون في شتى أرجاء هذا الكون. واغتيال المفكر تعبير مباشر عن الفشل في اغتيال الفكرة؛ لهذا فهو دلالة يأس بالدرجة الأولى.

والمقاربة الثانية مكانية، أي اختيار المكان الذي يكون ساحة هذه العملية القذرة التي تنتهك سيادات دول، ولم تسلم دولة في العالم من استباحة الموساد لسيادتها وامنها، بدءا من نيويورك مرورا بلندن، وليس انتهاء بباريس وقبرص واليونان وتونس وبيروت وغيرها وغيرها!

أما المقاربة الثالثة، فهي أن الاغتيال الذي فشل في تحقيق هدفه، وهو اغتيال شعب بأسره وأسراه يلوذ بهذا التعويض الأخرق!!

الدستور الأردنية

0
التعليقات (0)