سياسة دولية

الصماد.. واجهة الحوثي السياسية وعراب الاتفاقيات مع إيران

 تعد خسارة جماعة الحوثي بمقتل الصماد قاسية- جيتي
تعد خسارة جماعة الحوثي بمقتل الصماد قاسية- جيتي

يجمع العديد من المراقبين والمتابعين للشأن اليمني على أن مقتل رئيس ما يسمى "المجلس السياسي الأعلى" التابع للحوثيين، صالح الصماد، يشكل ضربة موجعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، ونصرا استخباراتيا لخصومهم.


 وكانت حركة "أنصار الله" أعلنت رسميا مقتل الصماد، الاثنين، بغارة جوية شنها طيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية، الخميس الماضي، في محافظة الحديدة غربي البلاد.


وتولى الصماد رئاسة "المجلس السياسي"، الذي تشكل في تموز/ يوليو 2016 من تحالف الحوثي وحزب المؤتمر الذي كان يتزعمه الراحل علي صالح، وهو كيان يمثل "أعلى سلطة في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين بينها العاصمة صنعاء".


وقضى صالح الصماد عامين رئيسا لهذا المجلس، فيما مثل واجهة الحوثيين ووجهها المعتدل في "سلطة الأمر الواقع" التي قادوها مع حليفهم صالح، قبل أن ينفك التحالف بينهما في مطلع كانون الثاني/ ديسمبر 2017، بمقتل الأخير برصاصهم.


فضلا عن ذلك، تعد خسارة جماعة الحوثي بمقتل الصماد قاسية، كما يطرح البعض، نظرا للأدوار التي لعبها، فهو أبرز وجوهها السياسية التي اعتمدت عليها الجماعة، فكرسته كيد ناعمة لها؛ نظرا لقدرته على التواصل مع الأطراف الأخرى؛ لذلك من الصعب تعويضه بسهولة.


وقد تقلد قبل توليه منصب رئاسة المجلس، الذي يمثل سلطة الحوثيين، منصب رئيس المكتب السياسي للجماعة في العام 2011، فهو قيادي من الصف الأول، ولعب أدورا عدة في تمثيلها داخليا وخارجيا.

 

وكان يحمل الصماد الرقم 2 في قائمة المطلوبين التي أصدرها التحالف العسكري الذي تقوده الرياض، بعد زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، في وقت سابق من عام 2017.


ضربة قاسية ودلالة أمنية


الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ماجد المذحجي، قال إن هذه أول ضربة جوية توقع قتيلا من الصف الأول في جماعة الحوثيين.


واعتبر في تغريدات نشرها عبر حسابه "تويتر" أن هذا حدث ذو دلالة أمنية يفيد بتحسن الموارد الاستخبارية التي تغذي أهداف التحالف، ويضيف زخما للضغوط العسكرية على الحوثيين.


كما أنه يزيد من هشاشة وضع الحوثيين الأمني في جبهة خطيرة هي الساحل الغربي. وفقا للمذحجي.


وأشار إلى أن مقتل صالح الصماد ضربة قاسية لجماعة الحوثي، فهو أبرز واجهة سياسية للجماعة، ولا يمكن تعويضه بسهوله، تم تكريسه كرمز لقوتها السياسية الصاعدة، ويمتلك مهارات اتصال، وكسب ولاءات، وأطفأ حرائق الخلافات، وهذه لا تمتلكها القيادات الحوثية الأخرى.


وأكد في التغريدة نفسها أن مهدي المشاط، الذي عين خلفا للرجل، يشكل رمزا نقيضا لما يشكله الصماد.


اختراق


من جانب آخر، لا يمكن إغفال تأثيرات حدث هكذا على الحوثيين، فمن الناحية المعنوية، يمثل انتكاسة حقيقية، وفقا لمراقبين، كونها جاءت بعد سلسلة هزائم متكررة تلقتها الحركة في أكثر من جبهة، وتشير إلى أن هناك احتراقا استخباراتيا للأجهزة التابعة لها.


كما تزامن مقتل الصماد مع انضمام طارق صالح للقتال تحت راية التحالف بإشراف الإمارات في جبهة المخا باتجاه مدينة الحديدة المطلة على البحر الأحمر، وهو ما يفيد -بحسب خبراء تحدثوا لـ"عربي21"- بأن هناك إسهاما كبيرا من الموالين لصالح، الذين يحتفظون بولاءات داخل الأجهزة في مناطق سيطرة الحوثيين، وذلك عبر تقديم معلومات استخباراتية عن تحركات القيادات الحوثية، في بادرة حسن نية على دعمها لإعادة عائلة صالح والجناح السياسي بحزب المؤتمر إلى الواجهة من جديد.


وعقب اجتياح العاصمة صنعاء من قبل مسلحي الجماعة، في 21 أيلول/ سبتمبر 2014، كان أول قرار أصدره الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، هو تعيين صالح الصماد مستشارا سياسيا، وهو أول ظهور له على العلن.


وفشل الحوثيون في إجبار الرئيس هادي، الذي خضع للإقامة الجبرية في منزله بصنعاء بعد اقتحامه من مسلحيهم، على إصدار قرار آخر بتعيين "الصماد" نائبا له.


وكان الصماد "مهندس" الاتفاقيات الشهيرة التي وقعت في آذار/ مارس مع إيران، التي زارها على رأس وفد رسمي للجماعة الحوثية، والتي تتضمن "تنظيم رحلات للطيران الإيراني إلى صنعاء، ودعم سلطتها في مجالات الكهرباء والمشتقات النفطية.


وفي هذا السياق، علق المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، على مقتل الصماد، قبل أيام بغارة للتحالف الذي تقوده السعودية، قائلا إن "الشعب اليمني سيجني قريبا ثمار جهاده ومقاومته المعتدين".


فيما استنكر الحرس الثوري، على لسان المتحدث باسمه، رمضان شريف، مقتل الصماد، قائلا إنه "في زمرة المجاهدين الصامدين والساسة الأفذاذ في اليمن"، على حد وصفه.


رجل إطفاء


وتتسم شخصيته بالهدوء، وقد أنيط له لعب دور "رجل الإطفاء" لتسوية الخلافات التي نشبت خلال الفترة الماضية بين حليفي الانقلاب في صنعاء، الحوثيين وحزب صالح، قبل أن تخرج الحرائق بين الحليفين عن السيطرة، وتنتهي بمواجهات مسلحة في صنعاء، كانت محصلتها النهائية مقتل علي صالح في يوم 4 كانون الثاني/ ديسمبر العام الماضي.


علاوة على ذلك، أثيرت شكوك عدة حول علاقته بالرئيس اليمني الراحل، واعتبار أنه رجله داخل "أنصار الله"، إلا أن مصدرا مقربا من الحوثي أفاد لـ"عربي21" في وقت سابق من عام 2016، بأن الراحل صالح كان يفضل التعامل مع الصماد.


وبمقتل الصماد، يكون التيار المتشدد داخل الحوثي هو من سيدير المرحلة المقبلة، لا سيما بعد تسمية "مهدي المشاط" لخلافته في رئاسة المجلس، الذي يعتبره الحوثيون "رئاسة للبلاد"، رغم عدم الاعتراف به دوليا.


من جهتها، اعتبرت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا مقتل الصماد بأنه "ضربة موجعة وقاصمة لجماعة الحوثيين، وسيؤثر ذلك على وضعها السياسي والعسكري بمزيد من الإرباك والتخبط، كما سيعزز من حالة التداعي في صفوف مقاتليها".

 

وقال الناطق باسم الحكومة، راجح بادي، إن "الصماد وحتى أيامه الأخيرة قبل مقتله ظل متنقلا بين المحافظات الخاضعة لسيطرة مليشياته، محرضا على مزيد من العنف والحرب والخراب، وداعيا إلى استهداف سلامة البحر الأحمر والممرات المائية الدولية، وهو سلوك يندرج ضمن الأنشطة الإرهابية وخرق القانون الدولي الإنساني".

 

ووفقا لبادي، فإن "مقتل الصماد يحمل رسالة واضحة لقادة مليشيات الحوثي الإيرانية، بأن نار حربها الانقلابية المدمرة على الشعب اليمني وتنفيذها لأجندة الإرهاب الإيراني ستلتهمها".

 

فيما علق المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العربي، عقيد ركن تركي المالكي، مساء الأربعاء، على مقتل القيادي الحوثي "الصماد"، الأسبوع الماضي، بقوله "إن هذه نهاية كل إرهابي".

التعليقات (0)