ملفات وتقارير

بعد انتقاد إثيوبيا والسودان لها.. هذا ما تبقى لمصر بملف النهضة

حملت إثيوبيا والسودان مصر مسؤولية فشل اجتماع الخرطوم- جيتي
حملت إثيوبيا والسودان مصر مسؤولية فشل اجتماع الخرطوم- جيتي

بعد تحميل إثيوبيا والسودان مصر مسؤولية فشل المفاوضات الثلاثية حول سد النهضة الإثيوبي، وتأكيد أديس أبابا عدم اعترافها باتفاقية عام 1959 التي تضمن حق القاهرة التاريخي بمياه النيل؛ ورد مصر بأنها مازالت تسعى لاستكمال المفاوضات الفنية؛ تثار عدة تساؤلات حول الملف الأهم والأخطر لدى المصريين.

وحملت إثيوبيا والسودان الخميس، مصر "مسؤولية فشل اجتماع الخرطوم الأسبوع الماضي، وأرجعت أديس أبابا السبب لعدم تعاون مصر وطرحها اتفاقية 1959 بالمفاوضات، وقال وزير خارجية السودان إبراهيم غندور، لإذاعة "بي بي سي"، إن "تراجع مصر عن التوقيع على الاتفاق بالدقيقة الأخيرة أدى لفشل الاجتماع"، فيما نفت مصر "دقة" ذلك الحديث.

 

اقرأ أيضاإثيوبيا: مصر مسؤولة عن فشل مفاوضات السد.. والقاهرة ترد

كل الخيارات صعبة

وحول فرص تدويل القضية يرى أستاذ العلوم السياسية الدكتور بدر شافعي، أنه "خيار مرفوض؛ لأن اتفاقية (إعلان المبادئ) تنص على حل الخلافات في إطار الدول الثلاثة"، مشيرا إلى أن "إثيوبيا رفضت في 2014 أن تتضمن اللجنة الفنية كيانا دوليا، وهو ما أيدته السودان برفضها عرض مصر بوساطة البنك الدولي". 

وحول إمكانية انسحاب مصر من (اتفاق المبادئ)، أوضح الأكاديمي المصري لـ"عربي21"، أن "هناك قانونيين يؤكدون أنه ملزم، ويقول آخرون إنه غير ملزم ويمكن لمصر أن تنسحب منه، خاصة أن البرلمان لم يصدق عليها، فيما يرى آخرون أن توقيع السيسي يجب موافقة البرلمان"، متوقعا "أنه لو كان من حق مصر الانسحاب أو التهديد به لفعلت".

وحول أوراق الضغط الممكنة لمصر، أكد الشافعي وهو خبير في الشؤون الإفريقية، "صعوبة الحل العسكري نظرا للمرور فوق السودان الذي سيتضرر أولا من ضرب سد النهضة، ناهيك عن إمكانية الرد  الإثيوبي بضرب السد العالي"،  موضحا أن "خيار التحكيم الدولي يتطلب موافقة إثيوبيا الرافضة له"، مشيرا لأهمية خيار الضغط على إثيوبيا بالمفاوضات وتأليب الدول حولها، معتبرا أن الأخيرة فشلت هي الأخرى بعدما دعمت مصر عرقية الأورومو بإرتيريا وإثيوبيا التي فطنت الأمر وكشفت أوراق مصر، والأمر نفسه بالضغط على السودان بملف درافور.

وقال شافعي إن "كل الخيارات صعبة إلا بوجود وسيط قوي كالسعودية والإمارات"، موضحا أن "رفض إثيوبيا لاتفاقيات 1959 و1929 و1902، بحجة توقيعها أيام الاستعمار ليس بجديد وأنه أمر مردود عليه"، مؤكدا أنها "لا تريد لمصر حقوقا ثابتة، ولكن كمية متغيرة حسب تفسيرها لحجم تلك الكمية".

 

اقرأ أيضاالسودان تحمّل مصر مسؤولية فشل مفاوضات سد النهضة

هذا ما تبقى لمصر

من جانبه يرى أستاذ هندسة السدود بجامعة Uniten-Malaysia الدكتور محمد حافظ، أنه "من الممكن جدا أن تقلب مصر طاولة المفاوضات على إثيوبيا وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، باستفتاء شعبي على اتفاقية مبادئ سد النهضة"، موضحا أنه "في حالة رفض المصريين الاتفاقية، خاصة مع عدم مناقشتها أساسا بالبرلمان؛ فمن حق القاهرة إعلان رفضها وكأنها لم تكن لكونها تؤدي لأضرار بالغة على وجود الدولة".

الأكاديمي المصري، توقع بحديثه لـ"عربي21"، أن تواجه إرادة المصريين برد فعل إثيوبي غير متوقع يظهر الجانب الخفي من الاتفاقية، الذي قد يكون فيه شروط تعويضية وقعها السيسي لمنع إسقاط الاتفاقية تحت أي ظروف، حتى حال تغيير نظام الحكم بمصر"، مؤكدا أن "هذا رأيناه عندما وقع السيسي اتفاقية استيراد الغاز من إسرائيل بـ15 مليار دولار؛ متضمنة غرامة كبيرة يدفعها المصريون حال عدم تنفيذ تفاصيلها، وتحت أي تغيير سياسي أو اقتصادي قد يطرأ على نظام الحكم بمصر".

وتابع حافظ بقوله: "وعليه، فالسيسي الذي قيد يد الأجيال القادمة برفض اتفاقية الغاز مع إسرائيل، ربما رهن أيضا مستقبل مصر لدى إثيوبيا لمنع  القاهرة مستقبلا نقض الاتفاقية، تحت أي حجم للأضرار الناجمة عن السد"، مضيفا: "ولهذا لم يقدم السيسي النص الأصلي للاتفاقية للبرلمان حتى اللحظة".

وعن إمكانية تدويل القضية، قال الخبير المصري، إن "إتفاقية سد النهضة تمنع تدويل القضية، وتنص في حالة خلاف اللجان الوزارية مثلما حدث في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، فإن على رؤساء الدول الثلاثة التدخل لوضع خط مسار جديد للمفاوضات"، موضحا أن "هذا ما فعله السيسي عندما قابل الرئيس السوداني ورئيس وزراء إثيوبيا في كانون الثاني/يناير الماضي. إلا أن المسار الجديد لم يكن فعالا بما فيه الكفاية، ولهذا فشلت مفاوضات الخرطوم".

وأشار إلى أنه "وفقا للبند العاشر من الاتفاقية فيجب أن يجتمع الرؤساء مرة أخرى للتشاور لاختيار وسيط دولي لحل الخلاف بموافقة الأطراف الثلاثة"، مضيفا: "وعليه فالاتفاقية تقف تماما عند حدود الوسيط الدولي، ولا تتعداها لأي محفل دولي ولا مجال لتدويل القضية تحت مظلة الإتفاقية"، موضحا "وبحالة إسقاطها من قبل مصر عندئذ يحق لها تدويل القضية؛ ولكن بعد خراب مالطة وترسيخ إثيوبيا أمرا واقعا على الأرض، والتدويل هنا سيأخذ مصر لمسار مواز لمسار القضية الفلسطنية المدولة منذ 1948".

وحول احتمال قبول إثيوبيا والسودان طلب مصر بعقد محادثات جديدة بالقاهرة، توقع حافظ، موافقة الدولتين، موضحا أن "هذا لايعني حل القضية، فكلاهما لا يريد أن يظهر أنه سبب فشل المفاوضات أمام شعوب المنطقة"، مضيفا "والسؤال هنا؛ ما العنصر الجديد الذي يمكن إضافته أو حذفه لمعادلة مفاوضات القاهرة المتوقعة ولم يكن موجودا بمفاوضات الخرطوم؟"، مؤكدا أنه "دون وجود لعنصر جديد فمن المتوقع أن تكون مفاوضات القاهرة امتدادا للفشل بالخرطوم".

وقال إنه "في حال رفض إثيوبيا والسودان طلب القاهرة؛ فليس أمام مصر غير إعلان موت المفاوضات وليس فشلها؛ والبدء بتنفيذ خطة قومية لمواجهة الآثار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن نقص حصة مصر بقرابة 30 مليار متر مكعب، تمثل نسبة مساهمة النيل الأزرق التي تعادل 60 بالمئة من حصة مصر (55.5 مليار متر مكعب).

التعليقات (0)