طب وصحة

هل يستطيع الدماغ تجديد خلاياه مع التقدم بالسن؟

ما من دليل يثبت تشكّل خلايا عصبية جديدة بعد سنّ الثالثة عشرة - أ ف ب
ما من دليل يثبت تشكّل خلايا عصبية جديدة بعد سنّ الثالثة عشرة - أ ف ب

أعلن باحثون أميركيون الخميس أن دماغ أشخاص كبار في السن، في عقدهم الثامن مثلا، لا يزال قادرا على إنتاج خلايا جديدة، ما أثار جدلا كبيرا في المجتمع العلمي بشأن مآل الدماغ مع التقدّم في السن.

ويتعارض هذا التقرير الذي أعده علماء من جامعة كولومبيا في نيويورك والمنشور في مجلّة "سيل ستيم سيل" مع دراسة نشرت الشهر الماضي في مجلة "نيتشر" خلصت إلى أنه ما من دليل يثبت تشكّل خلايا عصبية جديدة بعد سنّ الثالثة عشرة.

ولا تعدّ بعد أيّ من الدراستين قاطعة في نتائجها، غير أن هذه الأبحاث تشكّل محط اهتمام كبير في ظلّ تشيّخ سكان العالم ومساعي العلماء لتعميق فهمهم لمآل الدماغ مع التقدّم في السن بغية إبعاد شبح الخرف.

ومحور هذه الأبحاث الجديدة هو مركز التعلّم والحفظ (الذاكرة) في الدماغ المعروف بالحُصين (هيبوكامبس).

وبحث العلماء تحديدا عن أسس لخلايا دماغية جديدة، بما في ذلك خلايا سلفية (خلايا بدائية) أو خلايا جذعية من شأنها أن تتحول إلى خلايا عصبية.

وهم استندوا إلى عينات دماغية مأخوذة من عمليات تشريح لـ 28 شخصا توفوا بغتة تتراوح أعمارهم بين الرابعة عشرة والتاسعة والسبعين للبحث عن "خلايا عصبية حديثة التشكل والنظر في شبكة الأوعية الدموية داخل الحُصين بعيد الوفاة"، وفق ما جاء في المقال المنشور في "سيل ستيم سيل".

وقالت ماورا بولديني الأستاذة المساعدة في بيولوجيا الأعصاب في جامعة كولومبيا والقيمة الرئيسية على هذه الأبحاث "وجدنا أن الأشخاص الكبار في السن في مقدورهم إنتاج آلاف الخلايا العصبية الجديدة في الحُصين من خلايا سلفية، تماما مثل الشباب". وتدفع نتائج هذه الدراسة إلى الظن أنه في وسع الكبار في السن الحفاظ بشكل أفضل من المتوقع على قدراتهم الإدراكية والعاطفية. غير أن بولدريني حذرت من أن هذه الخلايا العصبية الجديدة قد تكون أقل ميولا إلى إقامة ترابطات عند الكبار في السن بسبب حالة الأوعية الدموية التي تتراجع مع التشيّخ.

ومن المعلوم أن حيوانات مثل الفئران والقردة تفقد قدرتها على إنتاج خلايا دماغية جديدة في الحُصين مع التقدّم في العمر. ولطالما شكّل تأقلم الدماغ مع التقدّم في السن محور نقاشات جدلية، بالرغم من الاعتقاد السائد أن الدماغ البشري يستمر في إنتاج الخلايا العصبية، ما يحيي الآمال في التوصل إلى سبيل للحدّ من تدهور القدرات الذهنية مع التقدّم في السن.

 

نتائج متناقضة

 

خلصت دراسة نشرت الشهر الماضي تحت إشراف أرتورو ألفاريز-بويلا من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو إلى نتائج معاكسة تماما. واستند العلماء إلى عينات دماغية من 59 بالغا وطفلا وهم لم يعثروا على أي دليل لخلايا عصبية حديثة التشكل أو خلايا سلفية قيد النموّ في الحُصين، عند الأشخاص الذين تخطوا الثامنة عشرة من العمر، بحسب ما أوضح القيّم على هذه الأبحاث لوكالة فرانس برس وقت نشر المقال.

وهو أشار إلى تحديد وجود بعض هذه الخلايا لدى أطفال دون سن الواحدة والقليل منها لدى من هم بين "سبع سنوات و13 عاما".

وتظهر هذه النتائج أن "الحُصين لدى البشر يُصنع بجزء كبير خلال نموّ الدماغ لدى الجنين"، وفق العلماء. وأصدر فريق أرتورو ألفاريز-بويلا بيانا علق فيه على خلاصات هذه الأبحاث الجديدة معربا عن عدم قناعته بالأدلة التي قدمها علماء جامعة كولومبيا حول تشكل خلايا عصبية عند البالغين.

وقال ألفاريز-بويلا في رسالة إلكترونية حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منها إن "الصور التي يقدمونها عما يسمونه خلايا عصبية جديدة في الحُصين البشري تختلف تماما بشكلها ومظهرها عن تلك التي نعتبرها خلايا عصبية حديثة في الأنواع الأخرى أو ما قد رصدناه في الدماغ البشري". وردّت بولدريني بدورها بالقول إن فريقها استعان بعينات دماغية جمّدت على الفور بعد الاستحصال عليها، في حين أن الباحثين الآخرين لجأوا إلى عينات حفظت بمواد كيميائية، ما حال دون رصدهم هذه الخلايا العصبية.

0
التعليقات (0)