كتاب عربي 21

مطاردة رجال الكيان الموازي في الخارج

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600

نفذت المخابرات التركية، الخميس، بالتنسيق مع المخابرات الكوسوفية، عملية مشتركة، أسفرت عن اعتقال ستة من قادة الكيان الموازي، التنظيم السري لجماعة كولن، وترحيلهم من العاصمة بريشتينا إلى تركيا بواسطة طائرة خاصة. 


وأدَّت هذه العملية إلى زلزال سياسي في كوسوفو، كما هزت الجماعة التي تسعى إلى الحفاظ على ما تبقى من نفوذها، بعد أن خسرت شيئا كثيرا منه جراء فشل محاولة الانقلاب العسكري التي قام بها الضباط الموالون للجماعة في 15 يوليو/ تموز2016.


رئيس وزراء كوسوفو، راموش هاراديناي، أقال الجمعة وزير الداخلية فلامور سيفاي ورئيس المخابرات درايتون غاشي في جلسة طارئة لمجلس الأمن القومي الكوسوفي، وأمر بفتح تحقيق حول العملية.


وذكرت وسائل إعلام تركية أن سبب انحياز هاراديناي لجماعة كولن وانزعاجه من العملية المشتركة يعود إلى دراسة أبنائه في مدارس الجماعة.


أما الرئيس الكوسوفي هاشم تاتشي، فأكّد أن هؤلاء الستة المرحلين إلى تركيا كانوا يقومون بأفعال غير قانونية تضر بالأمن القومي لكوسوفو، مضيفا أنه سبق أن تم ترحيل آخرين من كوسوفو لتمثيلهم خطرا على الأمن القومي للبلاد. 


وشكر رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، نظيره الكوسوفي على هذا الموقف، كما انتقد موقف رئيس وزراء كوسوفو، ووصف إقالة وزير الداخلية ورئيس المخابرات على خلفية العملية بــ"خطأ تاريخي".


هذه العملية التي شدد أردوغان على أنها لن تكون الأخيرة، أظهرت مدى جدية تركيا في مكافحة الكيان الموازي ومطاردة أعضائه حتى ولو هربوا إلى خارج البلاد. لأن اجتثاث هذا التنظيم السري الذي تغلغل في شريان أجهزة الدولة خلال أكثر من أربعين عاما، مهمة صعبة للغاية تحتاج إلى نفس طويل وجهود حثيثة. وأي تساهل في مكافحة الكيان الموازي قد يؤدي إلى استعادة التنظيم لقوته ونفوذه.


الكيان الموازي وإن انطلق من تركيا إلا أنه تنظيم عابر الحدود، وله حضور ونشاط في معظم دول العالم. وإن كان قد تلقى ضربة قوية في تركيا بعد فشل محاولة الانقلاب، فإنه يواصل أنشطته في الدول الأخرى. ولذلك، تبذل أنقرة جهودا دبلوماسية للفت الأنظار إلى خطر هذا التنظيم السري، وإقناع تلك الدول بضرورة إغلاق أوكاره وتسليم عناصره إلى تركيا. وحتى الآن، آتت هذه الجهود أكلها في بعض الدول، إلا أن دولا أخرى ما زالت تصر على احتضان قادة التنظيم وعناصره، وتمنحهم حرية النشاط.


قادة الكيان الموازي معظمهم هربوا إلى خارج البلاد إما قبيل محاولة الانقلاب الفاشلة أو بعدها مباشرة. وذهب كثير منهم إلى دول الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا، كما استخدموا دول البلقان كممر آمن خلال رحلة الهروب. وأكدت العملية الأخيرة أن هذا الممر لم يعد آمنا لقادة التنظيم. 


قادة التنظيم الهاربون إلى الخارج كانوا يشعرون حتى الخميس بأنهم في أمن وأمان، وبعيدون عن يد العدالة التركية، غير أن عملية كوسوفو أثارت خوفا شديدا في صفوفهم، وجعلتهم يشعرون بأن قبضة المخابرات التركية قد تصلهم في أي لحظة، ليتم شحنهم إلى تركيا كي يمثلوا أمام المحاكم. 


كل ما نجحت تركيا في مكافحة الكيان الموازي، وفقد التنظيم السري نفوذه، سيتحول قادة الكيان الموازي إلى أعباء على الدول التي تحتضنهم. وقد نشهد في المستقبل القريب عمليات أخرى، على غرار عملية كوسوفو، تقوم بها المخابرات التركية بالتنسيق مع سلطات الدول التي تريد التخلص من تلك الأعباء. 


الحفاظ على تماسك الكيان الموازي بعد فشل محاولة الانقلاب يأتي على رأس أولويات جماعة كولن. ولذلك، يسعى زعيم الجماعة فتح الله كولن في الآونة الأخيرة إلى بث الوعود بين أتباعه بمستقبل زاهر ينسيهم كل ما عانوا من مشاكل وآلام وسجن واعتقال، حتى لا يستسلم أعضاء الكيان الموازي لليأس، ولا يتعاون مع السلطات التركية ضد الجماعة. وبعد عملية كوسوفو، سيصعب على معظم هؤلاء تصديق تلك الوعود والأحلام الوردية.



0
التعليقات (0)