سياسة عربية

هل نسفت "العدالة الانتقالية" التوافق بين النهضة والنداء

صوت حزب نداء تونس لصالح عدم التمديد في عمل هيئة الحقيقة والكرامة - جيتي
صوت حزب نداء تونس لصالح عدم التمديد في عمل هيئة الحقيقة والكرامة - جيتي

أعادت جلسة التصويت داخل البرلمان التونسي بخصوص التمديد في عمل هيئة الحقيقة والكرامة - هيئة دستورية أنشئت بعد الثورة تعنى بمسار العدالة الانتقالية- وما صاحبها من تلاسن عنيف بين نواب حركة النهضة وحزب نداء تونس واتهامات للأخيرة بالانقلاب على القوانين وعلى البرلمان الحديث مجددا حول طبيعة ومآلات التوافق بين حزبي الائتلاف الحاكم والذي أعلنه "الشيخان" السبسي وراشد الغنوشي منذ سنة 2013 فيما بات يعرف بـ"لقاء باريس" الشهير. 

ورغم إعلان حزب نداء تونس رسميا بقرار البرلمان بعدم التمديد في عمل هيئة الحقيقة والكرامة من خلال جلسة التصويت التي انعقدت في 26 مارس /آذار الماضي وسط أجواء مشحونة، غير أن جزءا من المعارضة وحركة النهضة قد اعتبرا أن الجلسة لم تكن قانونية لعدم توفر النصاب المسموح به من النواب المشاركين، متهمين رئيس مجلس النواب محمد الناصر المنتمي لنداء تونس بالانقلاب على الدستور وعلى القوانين الداخلية للمجلس وبأن التصويت باطل شكلا ومضمونا.

 

وعبر أغلب نواب كتلة النهضة خلال مداخلاتهم داخل البرلمان عن استيائهم من قرار رئيس المجلس وكتلة نداء تونس بالمضي في عقد الجلسة رغم عدم قانونيتها على غرار سمير ديلو ومنية بن إبراهيم ونور الدين البحيري.

 



وأكدت القيادية بحركة النهضة والنائبة في البرلمان منية بن إبراهيم في حديثها لـ"عربي21" على أن ملف العدالة الانتقالية ليس ملك حزب سياسي بعينه بل هو قضية ضحايا تونسيين من مختلف توجهاتهم الفكرية والسياسية من إسلاميين وقوميين ويوسفيين ودساترة.

وتابعت: "كتلة نداء تونس التي صوتت على قرار باطل من أساسه هي الآن في مأزق قانوني وأخلاقي وقد بلغنا أن رئيس البرلمان محمد الناصر في حرج كبير وقام بدعوة جميع رؤساء الكتل حيث أحس بتورطه في تمرير جلسة غير قانونية وباطلة".

واعتبرت مقابل ذلك، أن خيار "التوافق" في هذه المرحلة الانتقالية التي تمر بها تونس أمر لابد منه، مشددة على أن البلاد لا يمكن أن تقاد من قبل حزب واحد.

وكان بيان صادر عن حركة النهضة في 28 مارس/ آذار الماضي قد شدد على تمسك الحركة بمسار العدالة الانتقالية "كخيار وطني". 

 

 


"لستم منا ولا نحن منكم"

من جانبها، أكدت النائبة عن حزب نداء تونس في البرلمان التونسي هالة عمران على أن توافق حزبها مع حركة النهضة كان "إكراها" اقتضته نتائج الانتخابات التشريعية في 2014. بسبب ما أسمته بـ"النظام الهجين للدولة بعد الثورة والمبني على ضرورة توفر أغلبية برلمانية عند الحزب الفائز لتمرير القوانين بكل أريحية، وهو أمر غير متوفر" حسب قولها.

وكانت ذات النائبة قد شنت خلال الجلسة الخاصة بالتمديد في هيئة الحقيقة والكرامة هجوما عنيفا على حركة النهضة متهمة إياهم بالعنف والإرهاب والفوضى وقالت في معرض مداخلتها: "أنتم لستم منا ولا نحن منكم ".


ويرى المحلل السياسي شكري بن عيسى أن التوافق بين السبسي والغنوشي كان هشا منذ بدايته ومبنيا على مصالح وإكراهات داخلية وخارجية رغم رفضه من قواعد كلا الحزبين.

وأضاف لـ"عربي21": "هو توافق مرتبط بصندوق النقد الدولي الذي اشترط لمنح قرض "التسهيل الممدد" على 4 سنوات تواجد الحزبين القويين في السلطة لضمان موافقة عريضة على تمرير خياراته الليبرالية دون اعتراضات وهو توافق مرتبط بالقوى الغربية التي تقدم مساعدات لمكافحة الإرهاب وتشترط حدا أدنى من الاستقرار السياسي".

وتابع: "في المحطات الانتخابية السياسية تحتد الخلافات ويبحث كل طرف وخاصة النداء على التمايز إلى حد التناقض والصراع مع النهضة لتثبيت قاعدته الانتخابية التي انتخبته قبل ثلاث سنوات ونصف بناء على معارضته المطلقة على أساس أيديولوجي و"النمط المجتمعي" و"التغوّل" في السلطة التي اتهم بها النهضة وصنّفها كمستهدف مركزي للمنتمين للمنظومة القديمة وحصد نتائجه على هذا الأساس واليوم يخشى المنافسة على هذه القاعدة من الأحزاب المنشقة عليه وخاصة "مشروع" محسن مرزوق ولذلك يبدو تصعيد خطاب "الخصومة" السياسية ضروريا للفاعلية السياسية".

وختم بالقول: "ما يهم الغنوشي والسبسي بالأساس هو استمرار التوازنات السياسية التي تضمن استمرارهم في السلطة وبالتالي "التوافق" يبقى كلمة السر لإطفاء كل الحرائق وإخماد كل الأصوات تحت حجة الاستقرار ونجاح الانتقال الديمقراطي".

التعليقات (0)

خبر عاجل