ملفات وتقارير

توجه سعودي نحو أفريقيا.. هل ذهبت الرياض بـ"الوقت الضائع"؟

تعد القارة السمراء أفريقيا غنية بالموارد الطبيعية- جيتي
تعد القارة السمراء أفريقيا غنية بالموارد الطبيعية- جيتي

رصد خبراء أسبابا عدة للتوجه السعودي الجديد نحو أفريقيا، بعد استلام أحمد القطان السفير السابق في مصر ومندوب المملكة الدائم في الجامعة العربية، مهام منصبه الجديد وزيرا لشؤون أفريقيا، مؤكدين أن السعودية التي لها منافع عدة في القارة السمراء، تأخرت كثيرا عن لاعبين آخرين باتت لهم مكانة جيدة هناك، مثل إيران وتركيا والصين وروسيا.

من جهته، أوضح الأمين العام المساعد السابق للمؤتمر الإسلامي في أفريقيا ومساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عبد الله الأشعل، لـ"عربي21" أن الاهتمام السعودي بالقارة الأفريقية ليس جديدا، ولكنه هذه المرة مختلفا، مشيرا إلى أنه خلال عمله بأفريقيا، "كان هناك تواجد سعودي واضح لنشر المذهب الوهابي بإنشاء المدارس العربية والمساجد السنية، للتصدي للتوغل الشيعي والشيوعي في أفريقيا"، وفق قوله.

 

اقرأ أيضا: جولات القادة في أفريقيا.. صراع ناعم على الثروات (إنفوغراف)

 

وأضاف الأشعل أن "أهداف المملكة هذه المرة ليس من أجل نشر المذهب الوهابي، إنما لتنفيذ رؤية أمريكية لوقف النفوذ الإيراني الكبير في القارة، وهو النفوذ الذي بدأت كل من تركيا والصين المنافسة عليه".

وقال إن "الواقع يشير إلى تفوق إيران في هذه الساحة، خاصة أن أمريكا لم يعد لها أي تأثير على أفريقيا، كما أن القوة الناعمة للسعودية لم يعد لها التأثير ذاته، مقابل ما تقدمه كل من إيران وتركيا والصين من إمكانيات وخدمات للأفارقة".

سبب تعيين القطان

وتوقع الأشعل أن يكون تعيين القطان وزيرا لأفريقيا، مؤقتا، "لأن منصبه سفيرا في مصر ومندوبا دائما في الجامعة العربية، أهم بكثير من منصبه الجديد، وأن الأمر لا يعدو كونه خطوة للتخلص منه، خاصة أنه كان من أكثر مساعدي الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز".

أما أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أفريقيا العالمية، صالح علي طه، فقال لـ "عربي21" إن هناك أهدافا عدة دفعت المملكة للاهتمام بأفريقيا، ولكنه اهتمام متأخر، خاصة في ظل الصراع بين إيران وتركيا والصين وروسيا على القارة، وهي صراعات تتعلق بالأمن المائي، والنفوذ السياسي وكذلك للاستفادة المادية".

وأشار إلى أن السعودية بدأت تنافس إيران تحديدا في إنشاء قواعد عسكرية في جيبوتي وأرض الصومال، ولها توسعات اقتصادية كبيرة في إثيوبيا، من أهمها سد النهضة.

إيران في أفريقيا

وأوضح طه أن إيران فتحت مجالات جديدة لها منذ تسعينيات القرن الماضي، بعد انتهاء حربها مع العراق، لأسباب عدة، منها الدينية، لنشر المذهب الشيعي، ومنها الاقتصادية، لأن إفريقيا تعد المخزن البكر لكل المواد الطبيعية الهامة، من النفط الخام والغاز والفحم واليورانيوم، التي قدرتها الدراسات الدولية بنحو 14 تريليون دولار، فقد اتجهت نحوها إيران بقوة.

وأضاف طه أن السعودية تبحث أيضا عن ظهير سياسي في دول إفريقيا، خاصة، وأنها أصبحت الآن طرفا بأحلاف المنطقة، فهي تارة ضد الحلف الشيعي الذي يتمدد بشكل كبير واتخذ من القرن الأفريقي نقطة انطلاق، ما تمثله حرب اليمن الدائرة، ومنها الصراع بين الحلفين السنيين، الأول الذي تقوده السعودية ومصر والإمارات، في مواجهة الحلف الثاني لتركيا وقطر.

 

اقرا أيضا: صحيفة: المواجهة بين الدوحة والرياض تمتد إلى القارة السمراء


وأكد خبير العلاقات الدولية، أن إيران لها 30 سفارة في القارة، وتركيا لها 40 سفارة أخرى، وقام رؤساء إيران منذ رفسنجاني وحتى روحاني بزيارات منتظمة لمعظم دول القارة، وهو ما يفعله أردوغان الآن، بالتالي وجدت السعودية نفسها مجبرة لملأ الفراغ الذي تركته شريكتها مصر في القارة الهامة، وفق قوله.

وأضاف خبير الشئون الأفريقية، بدر الشافعي، لـ "عربي21" أن تعيين وزير سعودي لشؤون أفريقيا، يمثل نقطة تغيير هامة في الاستراتيجيات الإقليمية والدولية للسعودية، خاصة بعد حرب اليمن، التي كشفت لكل أطراف الصراع أهمية منطقة القرن الأفريقي، سواء لأمن الملاحة في البحر الأحمر، أو لتأمين طرق التجارة عبر المحيط الهندي.

وأوضح أن هناك أبعادا اقتصادية للسعودية من الاهتمام بأفريقيا، فالسعودية مثل دول الخليج تعاني من أزمة غذاء لطبيعة الأراضي الصحراوية، بالتالي تبحث عن أراض أخرى خصبة، قريبة منها، وكل ذلك يتوفر في أفريقيا، ومنها كان الاهتمام السعودي بالسودان وجيبوتي وإثيوبيا، وكذلك جنوب أفريقيا.

وعلى الجانب السياسي، أشار الشافعي إلى أن الصراع الإيراني السعودي انتقل من منطقة الخليج ليصل إلى غرب وشرق القارة السمراء، والسعودية تعتمد في ذلك على مكانتها الدينية، باعتبارها أرض المقدسات الدينية التي لها مكانة غير طبيعية لدى مسلمي القارة، وبهذه المكانة تحاول الرياض تقليص النفوذ الشيعي الذي تمثله إيران، والنفوذ التاريخي الذي تلعب عليه تركيا.

وأوضح أن المملكة بدأت في تغيير استراتيجيتها مع دول أفريقيا بعد القمة العربية الأفريقية التي عقدت في غينيا الاستوائية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، عندما رفضت دول القارة الطلب السعودي بالانضمام لها في حلفها ضد قطر، وفضلت دول القارة العلاقات الوسيطة بين الجميع، ما اعتبرته المملكة افتقادا لمكانتها في القارة السمراء.

التعليقات (0)