كتاب عربي 21

تفجير غزة من التقاليد غير الثورية

عبد الستار قاسم
1300x600
1300x600
في مراجعة لمراحل تطور المقاومة الفلسطينية منذ عام 1967، من الصعب أن نجد منظومة قيمية ثورية حقيقية تمكن القيادات من القيادة بطريقة وطنية خالصة قادرة على استقطاب كل الطاقات الفلسطينية في الداخل والخارج.

وأبرز ما ميز النشاطات الموصوفة بالثورية؛ هو طغيان البعد الشخصي على البعد الوطني، وإذا تصادم البعدان، فكان يتم التركيز على البعد الشخصي حتى لو كان مدمرا وطنيا. والأمثلة على ذلك كثيرة جدا، أذكر منها اتفاق أوسلو، والتنسيق الأمني، واستشهاد سعد صايل، ومقتل مكي في غزة، وإطلاق النار على العديد من الأشخاص، من ضمنهم كاتب هذا المقال، واتفاق باريس الاقتصادي.. إلخ. لقد دفع شباب فلسطين ثمنا باهظا لقاء غياب المنظومة القيمية الثورية والأخلاقية. ومؤخرا، دفع شعب فلسطين بأكمله ثمن الخصام الدموي بين الفصائل بخاصة في قطاع غزة، وكان رفض نتائج الانتخابات السبب الأول والأقوى في نشوب الاقتتال. ومنذ الاقتتال في غزة، والشعب يبحث عن حلول من أجل المصالحة الفلسطينية وتحقيق الوحدة الوطنية، وكلما اقتربنا من حل أصبح أكثر بعدا. رفض نتائج الانتخابات بعد شخصي أو فصائلي وقد طغى على المصالح الوطنية الفلسطينية. هناك من الفلسطينيين من لا يتخيلون أن غيرهم قد يكونون أصحاب القرار والمسيطرين على المال، ولديهم الاستعداد المستمر لتخريب مجمل الساحة الفلسطينية من أجل أن يبقوا على كراسي السيطرة.

كان تقييمي منذ اللحظة الأولى أن التفجير الذي حصل في غزة من عمل من يصيبه ضرر إذا تمت مصالحة بين فتح وحماس. وحسبت أن الذي قام بالعمل لم يكن يقصد القتل، وإنما كان يقصد بث الفتنة والضغائن والأحقاد وإفساد ما تم إنجازه على الصعيد الداخلي. ولم يغب عن بالي المؤامرات الداخلية الفلسطينية، أحدنا ضد الآخر، من أجل تحقيق مكاسب ذاتية. ولم يغب عن بالي مشاهد قتل القتيل والسير في جنازته مع بعض الدموع التمساحية والعويل. كان الهدف زرع الفوضى في الداخل الفلسطيني، وتوجيه اتهامات تجعل من المستحيل الاستمرار في البحث عن حلول سياسية لما تعاني منه الجبهة الداخلية الفلسطينية.

حماس لم تكن معنية، وهي ما زالت غير معنية بتوتير الأوضاع؛ لأنها معنية جدا في المصالحة وإنهاء الإجراءات الفلسطينية ضد قطاع غزة. حماس في ضائقة شديدة بسبب الضائقة الشديدة التي يعاني منها أهلنا في قطاع غزة، وهي معنية بتهدئة الأوضاع إلى أقصى حد ممكن، وإلى الحد الذي لا يمس بالمقاومة. وقد استنزفت حماس الكثير من ماء وجهها وهي تقدم التنازلات من أجل تحقيق رضى رام الله. المعنييون بتخريب الساحة الفلسطينية هم الصهاينة والأمريكيون، وكل أعداء الشعب الفلسطيني الخارجيين، وأصحاب المصالح في الداخل الفلسطيني. أسلوب التفجير الذي حصل ليس أسلوبا صهيونيا، ولا أظن أنه كان للأمريكيين ضلع فيه، ويبقى "دود المش منه فيه" على رأي المثل المصري.

كان من المفروض أن يبادر رئيس السلطة غير الشرعي إلى تشكيل لجنة تحقيق بالتعاون مع حماس، وهذا هو المنطق المتبع في كل العالم. عندما يحدث ما لا يسر تبادر الأمم إلى تشكيل لجنة تحقيق للوقوف على الحقيقة إن أمكن. لكن سرعة توجيه الاتهامات ضد حماس كانت فورية، ولم يستطع المتهمون الصبر بضع ساعات لكي لا يعطوا انطباعا بأنهم كانوا على علم بما جرى مسبقا واستعدوا إعلاميا. ومن لا يريد التحقيق بالتأكيد يخشى النتائج، ومن يخشى النتائج يقدم نفسه للرأي العام متهما.

باشرت حماس بالتحقيق بصورة أحادية، وتوصلت إلى ما توصلت إليه ونحن لم نعرفه بعد. نحن بانتظار مؤتمر صحفي حمساوي حول التحقيقات التي تم إجراؤها، وبانتظار ظهور متهمين بالتفجير على الشاشة. فهل ستقدم حماس الأدلة للشعب الفلسطيني، أم أنها ستلوذ بالصمت إرضاء لرئيس السلطة غير الشرعي؟ لن يكون غريبا إذا قررت حماس التزام الصمت، لكن المصلحة الوطنية دائما تقتضي الصراحة مع الناس من أجل زرع الثقة بين الجمهور والقيادات.. ونحن بالانتظار.
التعليقات (1)
امين
الإثنين، 26-03-2018 02:28 م
لم تذكر يادكتور الخيانه باي حال وانما ركزت على فقدان الشرعيه لعباس ومن طاف حوله. الحقيقه ان عباس والسلطه برام الله جزء لايتجزاء من موامره الاعتدال العربي، صفقه القرن تمر عبر رام الله، كان المطلوب احتواء غزه قبل الانقضاض عليها وهي موامره سيساويه عباسيه لخنق غزه واجبارها على الاستسلام وهذا مازال مستمر الى اليوم. عندما اتمعن بالموقف فانني صراحه لا اجد فرق بين سلطه رام الله وجيش لبنان الجنوبي الذي كان اداه بيد اسرائيل ، فمن خلال السلطه يضم القدس وتهود الضفه ويجوع قطاع غزه وبحاصر وتبث الفتن وتششتت الاراء. هذا هو الدور الخياني للسلطه لاغير .