ملفات وتقارير

هل استطاعت السعودية شراء الإعلام الأمريكي؟.. خبراء يجيبون

ترامب: السعودية تدفع جزءا كبيرا في فاتورة الدفاع في الشرق الأوسط - جيتي
ترامب: السعودية تدفع جزءا كبيرا في فاتورة الدفاع في الشرق الأوسط - جيتي
أثارت المقابلة الأخيرة لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في برنامج (60 دقيقة) الأمريكي، والترويج الإعلامي الذي سبق زيارته إلى واشنطن، وقبله في الزيارة إلى لندن، الجدل حول طبيعة التأثير اللوبيات السعودية على الإعلام الأمريكي.

وعلى خلاف طبيعية الإعلام الأمريكي، ركزت المقابلة الأخيرة على الجانب المشرق من شخصية ابن سلمان، ولم تتطرق إلى الأمور التي طالما أثارت الجدل في المملكة العربية السعودية، مثل ملف حقوق الإنسان، والاعتقالات الأخيرة، والديموقراطية، وحقوق العمالة الوافدة، وأمور أخرى.

ولم يكن عمل اللوبيات هو ما أثار الجدل، لكونه قانوني، بقدر ما أثارت فكرة أن الإعلام الأمريكي يدار بالمال السعودي في هذه الحالات، ما يشي بأن ترامب ليس الوحيد الذي يريد الاستفادة من المال السعودي الذي طلبه صراحة.

وبين ترامب في مقابلته لولي العهد السعودي أن هناك تعاونا بين بلاده والسعودية في مجال الدفاع، مشيرا إلى أن الرياض "تدفع جزءا كبيرا من فاتورة الدفاع للشرق الوسط بأكمله".

وأردف: "سوف نخرج من بعض المناطق (في الشرق الأوسط) التي أردنا الخروج منها ودول أخرى يمكنها أن تتولى زمام الأمور هناك" .

في وقت سابق، قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن ترامب، اتصل بالعاهل السعودي، الملك سلمان، في كانون أول/ ديسمبر الماضي، وعرض عليه خطة ستسرع الخروج الأمريكي من سوريا، لكنها ستكلف 4 مليارات دولار أمريكي، طلب ترامب من السعوديين دفعها.

وكتب المعلق المعروف مهدي حسن مقالا في موقع "ذا إنترسبت"، حول المقابلة التي أجرتها شبكة "سي بي أس" مع ابن سلمان، الذي يزور الولايات المتحدة في هذه الأيام.

ويقول حسن بحسب ما ترجمته "عربي21" إن مقابلة الشبكة مع ولي العهد السعودي هي "جريمة ضد الصحافة"، وعلق على بداية المقابلة، التي جاء فيها "في عمر الثانية والثلاثين فقط يبدو محمد بن سلمان، مصمما، ولا يعرف الخوف، وأصبح من أكثر الزعماء العرب المميزين في جيله"، وتبع المقابلة التي قام بها برنامج "ستون دقيقة"، الذي قدم صورة شخصية للأمير محمد بن سلمان، أو "أم بي أس"، كما يعرف في الدوائر الغربية، حيث سبقت المقابلة يوم الأحد لقاء الأمير يوم الثلاثاء في البيت الأبيض.

ويرى الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أن برنامج "ستون دقيقة"، الذي أعلن عنه في عام 1968، "أصبح واحدا من أهم المجلات الإخبارية على شبكات التلفزة الأمريكية"، وفاز بجوائز إيمي أكثر من أي برنامج يبث في ساعات الذروة تعدها شبكات التلفزة الأمريكية، ويزعم معدو البرنامج أنهم "يقدمون تقارير لا تهاون فيها، ومقابلات، ولقطات إخبارية، وصورا شخصية عن شخصيات في الأخبار".

 ويعلق حسن قائلا: "فهمت هذا (لا تهاون) و(محترمة)، فما السبب في أن الصورة التي قدمت عن ابن سلمان ظهرت كأنها دعاية رسمية تجارية للنظام السعودي، أكثر من كونها مقابلة لا تهاون فيها؟)، وما قالته نورا ماكدونال قبل المقابلة، إن إصلاحات الأمير كانت ثورية، فهو الذي (حرر المرأة، وأدخل الموسيقى والسينما، وحارب الفساد)".

من جهته قال الخبير في الشأن الأمريكي، خالد الترعاني، لـ"عربي21" إن عمل اللوبيات وشركات العلاقات العامة في الولايات المتحدة يعتبر قانونيا، ولا يقتصر على السياسة فقط، بل يتعدى ذلك إلى ترتيب اللقاءات الصحفية، والمقابلات التلفزيونية بهدف تلميع صور بعض الأشخاص والترويج لهم.

وذكر الترعاني أن الإمارات والسعودية أنفقت مؤخرا عشرات الملايين لشركات العلاقات العامة على شكل عقود سخية لتلميع صور بعض الشخصيات السياسية، لافتا إلى أن السعودية دفعت 6 ملايين جنيه إسترليني من أجل رفع صور ابن سلمان في لندن في زيارته الأخيرة.

وعن المقابلة الأخيرة في برنامج (60 دقيقة) الأمريكي، تحدث الترعاني عن المبالغة في المدح مشبها البرنامج بأنه كان عبارة عن "دعاية مدتها 60 دقيقة" في مقابل أن الترويج الدعائي في الولايات المتحدة الأمريكية بمبالغ هائلة لا يتجاوز 30 ثانية إلى دقيقة واحدة.

وخلال المقابلة لم يسأل الضيف عن أي أمور حساسة، ولم يواجه بأي أسئلة قوية ومحرجة كما هي عادات البرامج في الإعلام الأمريكي.

كما لفت الترعاني إلى مقالات رأي، وأخبار على صفحات الجرائد الأمريكي لمدح إصلاحات ابن سلمان والتغني في "السماح للمرأة بالقيادة" في السعودية.

ولم يخف الترعاني أن السعودية استطاعت بالفعل شراء بعض وسائل الإعلام في الولايات المتحدة الأمريكية.

وأشار الترعاني إلى أن الشعب الأمريكي بعمومه غير مهتم بالزيارة ولا يتابعها، وإن عددا قليلا جدا من الأمريكية يعرف من الذي زار العاصمة واشنطن، وإن الهدف من الدعاية الكبيرة هو توفير الغطاء للسياسيين عند توقيع عقود السلاح وغض الطرف عن الانتهاكات.

كما أكد أن المقصود من الترويج لولي العهد في الولايات المتحدة، هو الداخل السعودي والشارع العربي، الذي يتقبل الأخبار التي تنشر في الوسائل الغربية بمصداقية وترحاب.

وأكد موقع  "theamericanconservative"الأمريكي، في تقرير له أن بن سلمان دفع لوسائل الإعلام الأمريكية من أجل أن "تفرش له سجادة حمراء في البيت الأبيض، والخارجية، والكونجرس".

وأشار الموقع إلى بعض هذه المؤسسات الإعلامية بدأت بـ"نشر صورة أخرى عن السعودية، وتبيض الواقع، وتحرف الأخبار السلبية، وتساعد في تشكيل السياسات المحلية للولايات المتحدة لصالح المملكة".

في وقت سابق، قال الباحث في الشؤون الأمريكية بواشنطن، أسامة أبو إرشيد، إن حملة التسويق بدأت قديما، "حيث جعلت منه وليا للعهد، عبر لوبيات الضغط التي استخدمتها الإمارات وصديقها صهر ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط جاريد كوشنر".

ويتوافق كلام أبو إرشيد، في حديثه لـ"عربي21"، مع ما قاله بين فريمان من مركز السياسة الدولية لـTAC، الذي أكد أن السنة الأول "لإدارة ترامب كانت حاسمة بالنسبة للسعوديين. لقد أضافوا العديد من الشركات الجديدة إلى لوبيهم القوي بالفعل، واستطاعوا أن يؤثروا على إدارة ترامب بطريقة لم يتمكنوا أبدا من فعلها خلال إدارة أوباما''.

وأشار أبو إرشيد إلى أن مؤسسات الضغط التي استخدمت من قبل الرياض وأبوظبي كانت مرتبطة بالتيارات اليمينية.

وبين أنه يتم الترويج له من خلال إبرازه كوجه إصلاحي جديد يريد إخراج المملكة من الراديكالية إلى الإصلاح، مخفين الوجه الآخر لابن سلمان، الوجه الذي يَعتقل به الإصلاحيين، وتسبب في حرب أهلية باليمن، وتدخل في الشأن الفلسطيني بشكل سافر لصالح الإسرائيليين".
0
التعليقات (0)