اقتصاد دولي

كيف تساهم ثورة العملات الرقمية في تحديد قيمة الأفراد؟

يتطلب تفاعلنا مع عالم العملات الرقمية قدرا من المسؤولية لنتمكن من مساعدة هذه التكنولوجيا على تجاوز بداياتها المتعثرة
يتطلب تفاعلنا مع عالم العملات الرقمية قدرا من المسؤولية لنتمكن من مساعدة هذه التكنولوجيا على تجاوز بداياتها المتعثرة
نشر موقع "بيتكوينيست" الأمريكي مقال رأي للكاتب أنطونيو غرامسر تحدث فيه عن الدور الذي تؤديه ثورة العملات الرقمية في الاقتصاد الحديث، وتمكنها من إحداث جملة من التغييرات على ملامح حياة الأفراد، وإثبات قدرتها على تحديد قيمتهم في عالم الأعمال.

وقال الكاتب، في هذا المقال الذي ترجمته "عربي21"، إن ثورة العملات الرقمية، التي تمنح أي شخص القدرة على الاستثمار في هذا المجال، لها تأثير كبير على كيفية سير عالم الأعمال الذي لم يعد يقتصر فقط على الاستثمارات التقليدية. وقد باتت هذه المعطيات الاقتصادية الجديدة تتداخل مع نمط حياة الأفراد.

وفي هذا الإطار، قال أنطونيو غرامسر "كطالب جامعي، غالبا ما أسأل نفسي عن المكان الذي أقف فيه وسط النطاق الواسع لمؤسساتنا ومتطلبات الحياة العامة. وفي حين أن العديد من الأعمال اليومية التي نقوم بها تبدو غير دائمة أو تم السيطرة عليها من قبل عدد من اللوبيات، تمكنت من التعايش مع ظرف ساعدني على استرداد مكانتي  كفرد فعال في المجتمع. فأنا لم اشعر مطلقا بهذا القدر من الثبات إلا عندما انخرطت في عالم الأصول الرقمية".

وذكر الكاتب أنه منذ ما يقارب 150 سنة إلى اليوم، فرض على الأمريكيين نظام يعتمد بشكل كبير على الثقة في أطراف ثالثة عشوائية. وتعتبر هذه البيئة المشتركة مسؤولة عن تكوين عدد من الأفراد مثل أندرو كارنجي، وهنري فورد، وإيلون ماسك، وقد احتضنت أيضا أهم اكتشافات بلادنا وإنجازاتها. لقد تمكنا من إنشاء أكثر المؤسسات المالية نفوذا في العالم، والهيمنة على الاقتصاد العالمي منذ عقود. لكن خلال الآونة الأخيرة، بدأ فشل أنظمتنا يظهر للعلن.

وأضاف الكاتب أن الأفراد ارتكبوا خطأ فادحا عندما أعلنوا ولاءهم ومنحوا ثقتهم لأطراف ثالثة عشوائية. فقد وضعت الولايات المتحدة قوانين تنظم الاقتصاد، ساهمت في إنشاء إطار جعل مؤسسات التصنيف الائتماني والبنوك المركزية تتحكم في أصحاب المشاريع. وبفضل هذه المؤسسات، انتشلت البنوك الكبرى الخاضعة لقيادة فاشلة من حافة الإفلاس. ومن خلال التصنيف الائتماني المزيف، تمكنت هذه المؤسسات من خداع الأمريكيين.

وأفاد الكاتب بأن الجهات التنظيمية تسببت في حدوث حالة من الركود الاقتصادي، أدت إلى خلق مناخ اقتصادي وسياسي غير مستقر بات يهدد حرية الفرد واستقلاليته. وعلى الرغم من أن فكرة التخلص من الأنظمة التقليدية الفاشلة قد تبدو خطيرة نوعا ما، إلا أن الطريقة المثلى لتجاوز هذه الإخفاقات تعتمد أساسا على التشفير وتكنولوجيا البلوكشين. ونظرا لأن البلوكشين تمثل منصة تكنولوجية وطريقة تواصل ثابتة وشفافة، فمن المتوقع أن تهيمن البيتكوين يوما ما على عالم المال والأعمال.

ونوه الكاتب إلى أنه عوضا عن منح الثقة لمؤسسة حكومية أو وكالة تصنيف يمكن للأفراد تفويض شبكة البلوكشين. وبدلا من الانتظار لمدة ثلاثة أيام حتى ينتهي البنك من تحويل معاملاتنا، يمكن تسوية مختلف أنواع المعاملات في غضون 10 دقائق على شبكة البلوكشين في كنف السرية والشفافية. وفي حين تكون معطياتنا الشخصية مكشوفة للعموم على بقية الوسائط، تمنح هذه التكنولوجيا بديلا آخر يعتمد على وضع التصفح الخفي.

وأورد الكاتب أن عالم الشركات الناشئة المشفرة هو عبارة عن سوق للأفكار. ومن بين هذه الإبداعات نجد البيتكوين والإيثريوم التي تعتبر اليوم من الأسماء المعروفة، ليس بسبب تألقها في هذا المجال فحسب، وإنما بفضل سهولة تطبيقها أيضا.

وأشار الكاتب إلى أن هذه الموجة التكنولوجية ستواصل التقدم دون توقف. فهذه الأصول الرقمية ستمكن الأفراد من الحفاظ على سرية هوياتهم وتضمن أمنهم عند استخدام تكنولوجيا البلوكشين. كما ستتمكن قطاعات الصحة والبنوك من تخزين بيانات الأفراد من خلال وسائل أكثر أمنا وكفاءة.

وأضاف الكاتب أن العملات الرقمية، على عكس الأنظمة الأخرى، تركز على الفرد وتعيد الاعتبار لأهميته. ففي عالم التشفير يكون الفرد عبارة عن وحدة مستقلة، وحين يختار الشخص الدخول في أي معاملة سيقع التعامل معها بطريقة لامركزية. وبعبارة أخرى، لا يوجد في عالم العملات الرقمية مساحة للتنظيم، أو نقابات عمالية، أو سلطة هرمية، أو حتى فصائل سياسية.

 وأوضح الكاتب أن هذه الأصول البديلة بعيدة كل البعد عن المثالية، إذ لا يزال عالم التشفير يواجه عددا من الرهانات المتعلقة بالأمن والبنية التحتية. وبناء على ذلك، يتطلب تفاعلنا مع عالم العملات الرقمية قدرا من المسؤولية لنتمكن من مساعدة هذه التكنولوجيا على تجاوز بداياتها المتعثرة والوصول إلى بر الأمان.

وفي الختام، قال الكاتب إنه يفضل اختيار مواصلة العمل مع الأنظمة التقليدية مع تبني الأنظمة الجديدة. وقد يكون هذان العالمان مختلفين، غير أن وجودهما معا من شأنه أن يكون مجتمعا متكيفا. كما حث الكاتب رجال الأعمال والباحثين، على كشف مواطن الفشل وإيجاد حلول لها، ولعل ذلك ما يقدمه جوهر عالم التشفير والعملات الرقمية.

0
التعليقات (0)