حقوق وحريات

مواجهات دامية بين الأمن ونشطاء جرادة.. والداخلية تتوعد (شاهد)

 اعتصام سكان المدينة داخل "الساندريات" جاء ردا على البلاغ الأخير لوزارة الداخلية - فيسبوك
اعتصام سكان المدينة داخل "الساندريات" جاء ردا على البلاغ الأخير لوزارة الداخلية - فيسبوك

أكدت وزارة الداخلية المغربية أنها ستتابع قضائيا كل من يروج صورا مفبركة عن أحداث مدينة جرادة (شرق)، لافتة إلى أن عددا من عناصرها أصيبوا، أمس الأربعاء، إصابات بعضها بليغة، وذلك في مواجهات اندلعت بين المحتجين ورجال الأمن، في حين كشفت مصادر محلية أن مجموعة من المتظاهرين أصيبوا خلال هذه المواجهات، نافين أن يكون لنشطاء الحراك يد في إصابة رجال الأمن.


وأوضح بلاغ لعمالة جرادة، توصلت "عربي21" بنسخة منه، أن قوات الأمن اعتقلت، أمس الأربعاء، 9 أشخاص على خلفية هذه الأحداث، وسيتم تقديمهم أمام العدالة، متهمة المتظاهرين بإحراق 5 سيارات تابعة للقوات العمومية، وإلحاق أضرار مادية جسيمة بمجموعة من العربات والمعدات المستخدمة من قبل هذه القوات.

 

اقرأ أيضاداخلية المغرب ترد على احتجاجات جرادة: سنمنع التظاهر بالشارع

وأضاف البلاغ، أنه بالرغم من منع السلطات المحلية لإقليم جرادة "تنظيم جميع الأشكال الاحتجاجية غير المرخصة، حاولت مجموعات من الأشخاص، الأربعاء، في تحد لقرار المنع هذا، تنظيم اعتصام بمحيط الآبار المهجورة على مقربة من ثانوية الفتح، عمدت خلاله بعض العناصر الملثمة، في خطوة تصعيدية، إلى استفزاز القوات العمومية ومهاجمتها بالحجارة، مما اضطرت معه هذه القوات، بتنسيق مع النيابة العامة المختصة، إلى التدخل لفض هذا الشكل الاحتجاجي".


وأكدت السلطات المحلية لإقليم جرادة أن عناصر القوات العمومية "ستواصل إجراءات حماية الأمن والنظام العامين، بما يقتضيه ذلك من تحفظ وضبط للنفس وعدم انسياق وراء الاستفزازات من جهة، وبما يستوجبه الأمر من احترام دقيق للضوابط المقررة قانونا من جهة أخرى".

فتح تحقيق
وشككت وزارة الداخلية من مصداقية مجموعة الصور التي تداولها نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي بشكل كبير عن أحداث جرادة، وقالت في بلاغ، اطلعت عليه "عربي21"، الخميس، أنها أبلغت "السلطات القضائية المختصة قصد فتح تحقيق في موضوع ترويج صور لمصابين بجروح في وقائع جرت بالشرق الأوسط والادعاء أنها لأعمال عنف مارستها القوات العمومية بإقليم جرادة".


وأوضحت الوزارة "أن بعض الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، عمدت إلى ترويج صور لأشخاص مصابين بجروح في أحداث إجرامية مختلفة وأخرى توثق لوقائع جرت ببعض مناطق الشرق الأوسط والادعاء كذبا أنها تتعلق بأعمال عنف ممارسة من قبل القوات العمومية بإقليم جرادة".

 

اقرأ أيضاارتفاع حدة التوتر شرق المغرب.. بعد رفض سراح معتقلي جرادة

ونظرا لخطورة هذه الأفعال والادعاءات المغرضة التي من شأنها تضليل الرأي العام والتأثير سلبا على الإحساس بالأمن وإثارة الفزع بين المواطنين، شدد البلاغ على أنه تم إبلاغ السلطات القضائية المختصة قصد فتح بحث في الموضوع لتحديد هويات الأشخاص المتورطين في الترويج لهذه الافتراءات والمزاعم وترتيب المسؤوليات القانونية عن ذلك.


وكان نشطاء بمدينة جرادة، قد أفادوا بأن القوات العمومية تدخلت "بشكل عنيف"، صباح أمس الأربعاء، لفض اعتصام خاضه السكان داخل آبار الفحم "الساندريات"، حيث أدت عمليات الكر والفر بين عناصر الأمن والمعتصمين إلى سقوط أشخاص داخل الآبار بينهم امرأة، وإصابة آخرين بجروح متفاوتة، فيما هدد آخرون بالانتحار داخل الآبار في حال لم تنسحب القوات من مكان الاعتصام.


وأوضح نشطاء الحراك على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن اعتصام سكان المدينة داخل "الساندريات" جاء ردا على البلاغ الأخير لوزارة الداخلية الذي أعلنت فيه عن منع التظاهر "غير القانوني" بالشارع العام وهددت بـ"التعامل بكل حزم مع التصرفات والسلوكات غير المسؤولة".

فشل النموذج التنموي
أحد نشطاء "حراك جرادة" قال في تصريح لـ"عربي21"، الخميس، إن "ما وقع أمس بجرادة مؤسف جدا ويعبر عن فشل النموذج التنموي واللجوء للمقاربة الأمنية".


وأكد الناشط الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن "اتهامات البلاغ (الداخلية) ترد عليها عشرات الفيديوهات واللايفات التي توثق الإفراط في استعمال القوة في الفعل ورد الفعل من طرف القوات العمومية لفض معتصم سلمي من طرف نشطاء عزل".


وأوضح: "أما بخصوص تهم إضرام النار، ليس هناك ما يوثق أن ناشطين هم من قاموا بذلك أم جهات معينة"، لافتا إلى أن الخطوات المقبلة سيتم تقريرها من قبل النشطاء "وفق المعطيات والأحداث المستجدة التي عرفتها المدينة خصوصا ما يتعلق بالمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين".


وعن اتهام وزارة الداخلية للنشطاء بفبركة وقائع جرت بالشرق الأوسط والادعاء أنها لأعمال عنف مارستها القوات العمومية بإقليم جرادة، أكد الناشط في الحراك أن "ما تعرفه الساحة الإلكترونية من تسارع الأحداث يجعل من الصعوبة بمكان التحري والتدقيق في صحة العديد من الصور ونسبها لأحداث جرادة خصوصا من طرف العديد من الصفحات والحسابات الوهمية المغرضة التي لا علاقة لها بالمدينة".

 

وشدد على أن "أغلب النشطاء المسؤولين يحاولون محاربة هذه المنزلقات عبر نشر صور حقيقية ولايفات مباشرة وتفنيد وتكذيب باقي الصور المفبركة"، على حد تعبيره. 


المعتصمون في آبار "الساندريات" طالبوا، أمس الأربعاء، بإيفاد لجنة للتأكد فعلا إن كانت هناك مشاريع قد تم تنفيذها على أرض الواقع بإقليم جرادة، بدل إغراق المدينة بمختلف الأجهزة الأمنية، مؤكدين أنهم لن يتراجعوا عن مطالبهم المشروعة وعلى رأسها إطلاق سراح المعتقلين، ومشددين على نهج السلمية في احتجاجاتهم، كما طالبوا بمحاسبة المسؤولين وببديل اقتصادي حقيقي.

 

 

               

 


احتجاجات المقهورين
من جانبها، أدانت جماعة العدل والإحسان (أكبر جماعة إسلامية معارضة بالمغرب)، ما وصفته بـ "أشكال القمع المخزني الذي طال ساكنة مدينة جرادة"، أمس الأربعاء، إثر التدخل الأمني لفض احتجاجات السكان بمنطقة الآبار "السندريات"، مؤكدة على "محورية السلمية في أي حراك"، ومجددة رفضها لأي عنف.


وقالت الجماعة في بلاغ لها، توصلت "عربي21" بنسخة منه، إن احتجاجات مدينة جرادة هي "احتجاجات جماهير مقهورة عاشت ومازالت تعيش سنوات من الظلم والحيف والحرمان جراء تبعات التصفية الظالمة لمناجم الفحم منذ نهاية التسعينات من القرن الماضي".


وأكدت "العدل والإحسان" أن مطالب سكان المدينة هي "مطالب مشروعة، لا يعفي تراكم الإخفاقات و"التعايش" مع سنين القهر المخزن من مسؤولياته في الإسراع بإيجاد الحلول والبدائل الواقعية"، مثمنة "تشبث الساكنة بالسلمية طيلة ثلاثة أشهر، وما أبانت عنه من تضامن اجتماعي منقطع النظير".


كما عبرت الجماعة عن استهجانها لإقحام اسمها في الأحداث الجارية بجرادة، وقالت: "كلما انسد الأفق أمام المخزن وضاقت حويصلته عن استيعاب صبر الشعب وإصراره على ممارسة حقه في حرية التعبير بشكل سلمي وحضاري، إلا وانبرى المأجورون لربط اسم العدل والإحسان بالعنف وألصقوا بها بهتانا ما يجري من الأحداث، في خطوات تسعى من خلالها السلطة لرمي فشلها على الغير والجماعة خصوصا، وتسعى هذه المنابر إلى قلب الموازين بجعل الجلاد ضحية واتهام ضحايا القمع بالعدوان".

يشار إلى أن الاحتجاجات اندلعت في مدينة جرادة، قبل ثلاثة أشهر بعد وفاة شخصين كانا يعملان في أحد المناجم غير القانونية لاستخراج الفحم الحجري.

ولم تستطع الحكومة تطويق آثارها، رغم تقديم سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، لأزيد من 40 تعهدا لتنفيذ مخطط تنمية اقتصادية للمدينة، والاستجابة لجزء من المطالب التي رفعتها الساكنة في الاحتجاجات.

 

 

                                     

 

                                     

 

                                     

 

 

 

التعليقات (0)