ملفات وتقارير

قيادات نهضاوية ترفض المساواة في الإرث وتحذر من العواقب

لم تصدر النهضة حتى لحظة كتابة التقرير بيانا رسميا- أرشيفية
لم تصدر النهضة حتى لحظة كتابة التقرير بيانا رسميا- أرشيفية

عبر قياديون بارزون في حركة النهضة، في تدوينات لهم على "فيسبوك"، عن رفضهم القطعي للمبادرة التشريعية التي أعلنها الرئيس التونسي حول مسألة المساواة في الميراث بين الجنسين، في وقت لم تحدد فيه النهضة موقفها الرسمي من هذه القضية.


وتأتي هذه المواقف بعد أيام من مسيرة حاشدة نظمتها، السبت الماضي، أكثر من 70 منظمة وجمعية نسوية أمام مقر البرلمان التونسي؛ بهدف الضغط على اللجنة التي شكلها الرئيس السبسي للتسريع في تقديم المبادرة التشريعية الخاصة بالمساواة، وطرحها أمام مجلس نواب الشعب.

 

استنكار

 

وكتب القيادي في الحركة، عبد اللطيف المكي، تدوينة عبر حسابه الشخصي على فيسبوك، انتقد خلالها بشكل غير مباشر حزب نداء تونس ورئيسه المؤسس الباجي قائد السبسي، صاحب المبادرة الخاصة بالمساواة، بالقول: "من كانت له الشجاعة السياسية، ويريد تغيير قانون مرتبط بالمعتقد الديني للشعب مثل الميراث، أو يريد تغيير النظام السياسي، أو أي قانون أساسي في البلاد، فليضع ذلك ضمن برنامجه الانتخابي، وليعرض نفسه على الشعب، أو ليطرحه في استفتاء شعبي، ولا يلجأ إلى الهجوم (من الخلف)".

 

ووصف المكي مثل هذه المبادرات بـ"أجندات أيديولوجية تريد العودة بالبلاد إلى مرحلة التجاذب حول الهوية، بعد أن تم التوافق حولها في الدستور، وتريد منع التركيز على الأجندة التنموية، التي تتعثر إلى اليوم بسببهم". 

 

وحذر، في ختام تدوينته، من الانجرار إلى مثل هذه التجاذبات الأيدولوجية، ودعا صراحة إلى "عدم الموافقة على قوانين تمس الدستور".

 

بدوره، كتب القيادي وعضو مجلس شورى النهضة، زبير الشهودي، تدوينة، ذكّر خلالها بما أسماه "المخرجات الأساسية لمجلس شورى حركة النهضة" وتابع: "حتى لا تضيع البوصلة المرجعية الوطنية والإسلامية اتجاهنا".

 

وكان الشهودي صرح سابقا لصحيفة الصباح التونسية بأنه: "تم التأكيد في اجتماع شورى النهضة على أن الحزب لن يقبل بالمساس بالمرجعية العربية الإسلامية، التي هي مرجعية التونسيين".


وقال في تصريح لـ" عربي21": "أنا جد مستاء، وأعبر عن إدانتي الشديدة لأي قيادي نهضاوي دعم مسألة المساواة في الميراث، وفي حال فكرت الحركة في تمريره عبر البرلمان فلتستعد لموجة من ردود الفعل الغاضبة والمعارضة من داخلها".

 

وتابع: "مسألة الميراث لا تقبل أي اجتهاد باعتبار النص قطعيا وثابتا، ولن نرضى أن نكون أقل إسلاما من الحبيب بورقيبة وبن علي، اللذين رفضا المس بهذه القضية، رغم ذهابهم أشواطا في الإصلاحات الخاصة بمكاسب المرأة وحقوقها".

 

مواقف رسمية مؤجلة للنهضة والنداء

 

وبخصوص الموقف الرسمي لحركة النهضة حول إقرار المساواة في الميراث، اعتبر الناطق الرسمي باسم الحركة، عماد الخميري، أن الموقف النهائي للحركة لم يتبلور حتى اللحظة باعتبار أن اللجنة الموكول لها من قبل السبسي تقديم تصوراتها حول هذه المسألة لم تقدم بعد مبادرة تشريعية تعرض على البرلمان.

 

وتابع خلال حديثه لـ"عربي21": "نحن في النهضة مع المساواة، ومع رفض التمييز، لكن هذه القوانين ذات الطبيعة المعقدة، التي يتقاطع فيها الاجتماعي بالديني وبالاقتصادي والثقافي، تحتاج أن تكون ناضجة في شكل قانون، ليكون لنا فيها رأي ملزم للحركة".

 

وعلى الجانب الآخر، اعتبر الناطق الرسمي باسم حركة نداء تونس، المنجي الحرباوي، أن حزبه يدعم المساواة التامة بين المرأة والرجل في جميع المجالات، لكنه اعتبر أن مثل هذه القضايا الخلافية، كقضية الميراث، تبقى محل نقاش وبحث للعلماء وللمختصين، حسب قوله.

 

وأكد في المقابل أن "مقترح رئيس الدولة حول المساواة في الميراث لم يطرحه بشكل إلزامي أو بشكل نهائي، بل وضعه على طاولة النقاش من خلال اللجنة التي كونها في الغرض لبحث ومناقشة المبادرات التشريعية الممكنة".

 

وكان من المفترض أن تقدم "لجنة الحريات الفردية والمساواة" تقريرها النهائي حول مسألة الميراث وغيرها من القضايا المتعلقة بالحريات الفردية لرئيس الجمهورية في 20 شباط/ فبراير الماضي، غير أنه تم تأجيله إلى ما بعد موعد الانتخابات البلدية، المزمع عقدها في 6 حزيران/ مايو القادم، وبررت الناطقة باسم رئاسة الجمهورية، سعيدة قراش، هذا التأجيل -في تصريحات إعلامية- لتجنب استغلال هذه القضية في التجاذبات السياسية والحزبية خلال موعد الاستحقاق الانتخابي.

التعليقات (1)
محمد حسين
الأربعاء، 14-03-2018 08:49 ص
تقسيم الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين ممارسة سبقت الإسلام (جاء في الجزء 5 من المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام، لمؤلفه جواد علي، أن أول من بدأ تلك الممارسة في الجاهلية هو عامر بن غنم بن حبيب بن كعب بن يشكر). الإسلام لم يخترع ممارسات التفاوت وعدم المساواة التي كانت سائدة في الجزيرة العربية آنذاك. لقد ألغى ما كان يمكن إلغاؤه وأبقى على ما كان في إبقائه ضرورة أو مصلحة، وهذّب ما يمكن تهذيبه في حدود مع دعوة واضحة ملحة إلى لتهذيب تلك الممارسات والدعوة الملحة إلى الترفع عنها. وواجبنا اليوم هو الاستجابة لتلك الدعوة ومواصلة الإصلاح. ولا شك في أن المساواة بين البشر في جميع مجالات الحياة، وليس الميراث فقط، هي من مقاصد الشرع التي لا تُخطئها عين الباحث بمجرد أن يتجاوز النصَّ وسياقه الظرفي المؤقت ويغوص في فلسفة الدين ومقاصده الأزلية. ستتغير مواقف المعترضين على المساواة في الميراث مثلما تغير اعتراضهم على إلغاء العبودية وعلى تعليم الفتيات وعلى إلغاء العقوبات الجسدية.