كتاب عربي 21

"لولوة الخاطر"!

سليم عزوز
1300x600
1300x600
ليس لي سابق معرفة بـ"لولوة الخاطر"، إلا من خلال المنشور على مواقع التواصل الاجتماعي عن شخصيتها، وهي معلومات ليست وفيرة. فقد أثارت قدرتها على الرد والحوار اهتمام الناس مؤخرا، لا سيما بعد أن علقت على ما أثاره صحفي وكالة الأنباء الإماراتية عليها من تساؤلات، وما وصفته هي بادعاءات دول الحصار، فأصبحت (الادعاءات) هشيما تذروه الرياح، أو كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف!

لم تغضب "لولوة الخاطر"، وإنما قامت بالرد الهادئ والمتزن على ما أثير، وكشفت عن قدرات فائقة، ليس فقط في الرد، ولكن في التمكن من ناصية اللغة. فلم ترفع منصوبا، ولم تنصب مكسورا، وجمعت في كلامها بين الحديث باللغتين الإنجليزية والعربية، على نحو لا بد وأن يذكر بأداء بـ"بهية الأنعام"!

بحسب المنشور على صفحة "تويتر" الخاصة بها، فإن "الخاطر" تولت منصبها الحالي (متحدثة رسمية باسم وزارة الخارجية القطرية) في كانون الأول/ ديسمبر الماضي (2017)، وبحسب المنشور في موقع "المدن" اللبناني، فقد حصلت على الماجستير من جامعة "إمبريال كوليدج" البريطانية، ومرشحة لنيل درجة الدكتوراه من جامعة "أكسفورد" البريطانية أيضا؛ في الدراسات الشرقية. وماذا في ذلك؟ فنعرف أساتذة من بني جلدتنا في الجامعات الغربية الكبرى، ومع ذلك تسمع لهم، فيستقر في وجدانك أنهم مدرسون في معهد "عبده باشا".. "نبيل ميخائيل نموذجا"!

"لولوة الخاطر"، هي في الأصل بنت التعليم القطري، وقد تخرجت في جامعة "حمد بن خليفة"، وفي كلية الدراسات الإسلامية، وربما من هنا جاء تمكنها من الحديث باللغة العربية، فلم تلحن ولم تضطرب. وقد حصلت على الماجستير من هذه الكلية في "السياسات العامة في الإسلام". وقطر اهتمت بالنهوض بالتعليم، فلم يكن غريبا أن تكون جامعاتها بمعايير الجودة هي الأولى عربيا، والرابعة دوليا!

عملت "لولوة الخاطر" مفوضة في وزارة الخارجية، ومن الواضح، أنهم هناك اكتشفوا قدراتها، فكان اختيارها متحدثة رسمية باسم الوزارة، وليس من فراغ، في ظل اتجاه شاب يفسح المجال لمن يستحقون. وفي الأنظمة العجوز، فإن موهبة المرء تكون عبئا عليه، ومن تابع أداء وزير الخارجية القطري "محمد بن عبد الرحمن آل ثاني" منذ أزمة الحصار، يعرف أن "الرجل الاكتشاف" في قدراته وحيويته، لا بد أن يختار ويصطفي من في مستوى "لولوة الخاطر" لتكون المتحدث الرسمي لوزارته، لتثبت الأيام صحة الاختيار!

لقد طرح صحفي يعمل في وكالة الأنباء الإماراتية على "لولوة الخاطر"ما تردده دول الحصار من أن قطر ترعى جماعة الإخوان المسلمين، وأن قناة "الجزيرة" تعمل على إثارة مخاوف هذه الدول وما يمس الأمن القومي فيها. ثم انتقل من تبني ما تردده هذه الدول ليتحدث بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عنها، فقال إنه بمجرد أن حدث خلاف بين مصر والسودان، فإنه شاهد على قناة "الجزيرة" فيلما عن "حلايب" و"شلاتين"، وأن قيادات الإخوان "كافة" موجودون في قطر، فلماذا لا تزيل قطر هذه الهواجس وتلك المخاوف!

وذكرتنا "لولوة الخاطر" بالشيخ "حازم أبو إسماعيل"، فك الله أسره، ولزمته الشهيرة، عندما كان في كل حوار تلفزيوني معه، يقول لمن يحاوره: أنا سعيد إنك سألتني هذا السؤال!

لقد قالت "الخاطر": "أخي أحمد أنا سعيدة جدا جدا أنك حضرت وأنك سألتني هذا السؤال، وتمنت أن يسلك "إخواننا" – نعم "إخواننا" - في دول الحصار هذا السلوك الحضاري، فيجلسوا معنا ويطرحوا هواجسهم بهذا الشكل الحضاري"!

واستغلت السؤال، لكي تصول وتجول، وتعزف عزفا إنسانيا، ربما استهدفت به الصحفيين الأجانب: "أنا كقطرية لا أستطيع زيارة ثلاث دول من دول الخليج".. "ولا أستطيع أن استخدم حقي كمسلمة في زيارة مكة والمدينة"!

ثم تعود وتكرر أنها "سعيدة جدا جدا أنك طرحت هذه الادعاءات" ثم تستدرك، "ليست ادعاءاتك"، فهي لا تعرفه بشكل شخصي، ولكن ادعاءات دول الحصار. وهو استدراك دبلوماسي لا تخطئ الأذن دلالته!

"قلت إن لدول الحصار ملاحظات على قطر، ولدولة قطر ملاحظات على دول الحصار... ولعدد من دول المنطقة ملاحظات على دول الحصار، ليس أقلها ما يحدث الآن في اليمن، وليس أقلها ما حدث في لبنان مع رئيس الوزراء اللبناني..."!

فالسؤال من وجهة نظرها ليس في وجود الملاحظات، لكن في القنوات الحضارية لطرح هذه الملاحظات. فالإعلام يُرد عليه في الإعلام، كما في الدول المتحضرة، أما الملاحظات التي لها طابع سياسي أو دبلوماسي فلها قنواتها!

وقالت: "في هذه الأزمة قتلت القنوات السياسية والدبلوماسية وذبحت ذبحا... وتم تسييس غير السياسي؛ فتم تسييس السياسة وتسييس الدين، كما تم تسييس العلاقات الاجتماعية"!

وفي تصرف "معلمة"، كما يقول أهل مصر، قالت للصحفي إنها تنتظر منه نشر كلامها. لكن السائل عاد من جديد ليواصل مهمته كمناظر وليس كصحفي: "فهناك عشرات الاعترافات من أفراد ينتمون للإخوان المسلمين، بارتكابهم عمليات إرهابية، وهم – بحسب كلامه – ليسوا مسجونين حتى يقال إن هذه الاعترافات تحت ضغط، فالاعترافات على صفحاتهم، ومع ذلك تستضيف قطر قيادات الإخوان"!

لا أعرف من هؤلاء العشرات الذين اعترفوا بقيامهم بأعمال إرهابية؟ وفي تقديري أنه لا أحد فعل، لكنها الأكاذيب التي يجري تمريرها. ومهما يكن فقد جاءت ردود "لولوة الخاطر" ضربا فوق الأعناق، وضربا لكل بنان!

لقد أكدت أن الشعب المصري له كل الاحترام، وأن مصر بتاريخها وحضارتها لها الاحترام. وأنها تتحدى أن يجد تصريحا واحدا لمسؤول قطري مسيئا لجمهورية مصر العربية، وأن 200 ألف مصري لا يزالون يعملون في قطر، التي لم تطلب منهم المغادرة، "نحن لم نتعامل بالمثل، فهم إخوة لنا يشاركون في نهضتنا ونحن نقدر ذلك"!.. انظر إلى قولها "يشاركون في نهضتنا"، لتدرك حجم الوعي الذي تمتلكه مع شعب تأسره الكلمة الطيبة!

لقد ذكرت أن البرلمان البريطاني لم يصنف الإخوان على أنهم جماعة إرهابية، وأن الإخوان موجودون في الدول الأوربية بأعداد أكثر من تلك الموجودة في الدول العربية، وأن البحرين فيها إخوان، والكويت لا تعتبر الإخوان جماعة إرهابية. فلماذا يتم التعامل مع قطر بهذه الطريقة؟!

كان يمكن للسائل أن يرد بأنه يقصد الإخوان المسلمين المصريين، لولا أنها سبقت هذا بقولها لا يوجد أحد من قيادات الإخوان في قطر، فقطعت بذلك قول كل خطيب!

"لولوة الخاطر" لا تغرد وحدها في قطر، فهى تنتمي لجيل كشفت أزمة الحصار عن وجوده، وشاهدنا من يمثله على قناة "الجزيرة" بعد أن كنا لا نعرف سوى "عبد الله العذبة" و"جابر الحرمي"، فقد تعرفنا على شخصيات تدافع بلباقة ورزانة، فلا تتجاوز، ولا ترد على الإساءة بمثلها، ولا تعرف أسلوب "فرش الملاية"، وهي تدرك عدالة القضية التي تدافع عنها!

عندما ينظر المرء لأداء "أسد الخارجية"، وزير خارجية السيسي، وانشغاله بإبعاد "مايك الجزيرة"، ويقارنه بأداء واحدة في سن بناته، وهي "لولوة الخاطر"، سيرتد البصر إليه خاسئا وهو حسير!
التعليقات (4)
عبدالله حرابي الجزائر
الجمعة، 16-03-2018 02:53 ص
شكرا على المقال اخي سليم لقد ابانت ازمة الخليج الفرق بيم الثرى والثريا الفرق بين الحق والباطل
حسن
الأحد، 11-03-2018 04:55 ص
حبيبي أبو عزوز أنا أعرف أن حصار قطر عدوان وأعرف توجهات دول الحصار وأنا ضد حصار قطر لكني بشكل أو بآخر اشم رائحة تمسيح جوخ أو ماتدعونه في مصر بالتعريض وهذا مالااحبه لك أن تقف ضد الحصار بالمجمل لابأس أما أن تجرنا إلى ملائكية النظام القطري (نعم النظام القطري ) فلا مع كمية محبة لابأس بها سلام
مصري جدا
السبت، 10-03-2018 03:20 م
شكرا لك استاذ سليم ،،، ونرجوا التعريف دوما بهذه النماذج العربية المشرفة وفي كل الاقطار العربية كجرعة آمل وسط هذا الفساد والتردي والانحطاط ،، شكرا استاذ سليم
ابو عمر
الجمعة، 09-03-2018 10:18 م
احسنت احسن الله اليك. توصيف رائع وجميل جدا

خبر عاجل