كتاب عربي 21

السكة الحديد المصرية.. حوادث متكررة وتطوير بلا تمويل

ممدوح الولي
1300x600
1300x600
أشارت بيانات جهاز الإحصاء المصرى لبلوغ المتوسط السنوى لعدد حوادث القطارات؛ 1047 حادثا، في السنوات السبع عشرة من عام 2000 إلى 2016، أي بمعدل ثلاثة حوادث يومية.

وتسببت حوادث القطارات في إقالة ثلاثة وزراء للنقل، وإقالة العديد من رؤساء هيئة السكة الحديد في محاولة لامتصاص الغضب الجماهيرى.

وكان وزير النقل الحالي الذي تولى منصبه في شباط/ فبراير من العام الماضى، قد أعلن أنه لا يعد بانتهاء وقوع حوادث القطارات قبل إتمام خطة وضعها، تنتهي عام 2022، إلا أن الوزير الذي أعلن خطته للتطوير بشهر نيسان/ أبريل من العام الماضي والتي تحتاج 45 مليار جنيه؛ قد وجد لوما من الجنرال المصري، حينما طلب بلقاء رسمي أذيع على الهواء، بشهر أيار/ مايو من العام الماضي؛ عشرة مليارات جنيه كي يبدأ بها مشروعه للتطوير، حيث قال (الجنرال) وقتها إنه لا يستطيع تدبير المبلغ، مما دفع الجمهور للمقارنة مع إنفاق مبالغ أكبر بمشروع تفريعة قناة السويس الأقل أهمية.

وهكذا، رصدت الموازنة العامة للدولة للعام المالي الحالي، الذي بدأ في تموز/ يوليو الماضي 3.5 مليار جنيه، وهي موزعة بواقع مليار جنيه كدعم لخطوط الضواحي التي تحقق خسائر، و200 مليون جنيه كدعم لاشتراكات الطلاب المخفضة، و2.2 مليار جنيه كمساهمات لإعادة هيكلة هيئة السكة الحديد.

خسائر 52 مليار جنيه

وهي مبالغ لا تكفي لإقالة السكة الحديد المملوكة بالكامل للحكومة من عثرتها، فحسب ميزانيتها المعلنة في حزيران/ يونيو 2016، بلغ إجمالي خسائرها حوالي 48 مليار جنيه مقابل 11 مليار لحقوق الملكية بها. وكانت تقديرات خسائر الهيئة بالعام المالي الماضي، والذي لم تعلن نتائجه بعد، 4.5 مليار جنيه، أي أن خسائر الهيئة حتى حزيران/ يونيو الماضي؛ تخطت 52 مليار جنيه.

والمشكلة الرئيسية للهيئة أن إيراداتها لا تفي بقيمة أجور العاملين بها. ومع إضافة تكلفة الوقود وقطع الغيار وفوائد القروض الضخمة من البنوك، تزداد الخسائر لتتخطى خمسة مليارات جنيه في العام المالي الأسبق، قبل تعويم الجنيه وزيادة تكلفة الوقود وقطع الغيار المستوردة.

وكانت الهيئة قد جهزت لإعلان زيادة بأسعارها بنهاية الشهر الماضي، تحقق لها مليار جنيه زيادة بالإيرادات، وهو ما لا يكفي لسد الفجوة بين الإيرادات والمصروفات، وتسبب موعد الانتخابات الرئاسية بالشهر الحالي في تأجيل إعلان زيادات الأسعار إلى ما بعد الانتخابات الصورية.

ولجأت الهيئة لتأجير محطاتها لشركة إعلانية إلا أن الإيرادات البالغة 1.3 مليار جنيه على عشر سنوات؛ لا تفي بالغرض، كما لجأت لبيع جزء من الأراضي التي تملكها، إلا أن عملية البيع تواجه معوقات بيروقراطية.

ونعود لخطة الوزير للتطوير التي ذكر أنها تتكلف 45 مليار جنيه، والتي تتضمن ثلاثة محاور هي: محور أول بشراء جرارات وعربات قطارات جديدة وتوفير قطع الغيار اللازمة لها، بتكلفة 26 مليار جنيه. ومحور ثان بتجديد 1200 كيلومتر من خطوط السكة الحديد البالغ طولها خمسة آلاف كيلومتر، وتطوير المزلقانات وكهربة إشارات الخطوط الرئيسية، بتكلفة 16 مليار جنيه، ومحور ثالث بتحسين محطات الركاب وزيادة أطوال الأرصفة وإقامة أسوار بالمناطق المكشوفة، ويتكلف حوالي مليار جنيه.

لا تطوير للمزلقانات غير القانونية

وعلى المستوى العملي، تم الاتفاق مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار على تمويل شراء مئة جرار بنحو 290 مليون يورو، إلا أن المكون المحلي البالغ 53 مليون دولار؛ كان من الصعب تدبيره حتى كاد الاتفاق أن ينهار، وتم الاتفاق مع شركة جنرال الكتريك على تمويل شراء مئة جرار وصيانة جرارات قديمة بنحو 575 مليون دولار.

ويجري حاليا قبول عروض لشراء 1300 عربة قطارات على أن تقوم الجهة الموردة بتمويل الصفقة بالكامل، مع الأخذ في الاعتبار أن مناقصة شراء 700 عربة، والمعلن عنها أواخر سنة 2013، لم يتم حسمها بعد، كما إلغاء اتفاقات مماثلة مع الصين والمجر لشراء عربات، وبمحور تجديد يبلغ 1200 كليومتر من الخطوط، فقد استغرق تطوير 75 كيلومترا منها عامين كاملين. وفي النصف الأول من العام الماضي، طورت الشركة المسؤولة 32 كيلومترا فقط.

كما تتضمن المناقصة تطوير 1332 مزلقانا قانونيا، تم تطوير 241 مزلقانا منها منذ بدء التطوير قبل الانقلاب، بخلاف 3726 مزلقانا غير قانوني لن تمتد لها يد التطوير.

ما يخشاه المصريون أن تتحول خطة التطوير إلى سراب، مثلما حدث لخطة التطوير التي أعلنها وزير نقل بحكومتي الببلاوي ومحلب الأولى، والذي قال إنه لا أمل بتجديد السكك الحالية، وتعهد بقطار فائق السرعة ما بين الإسكندرية وأسوان، بسرعة 350 كيلومترا في الساعة بمسار علوي، وقطار آخر بمسار أرضي مجاور بسرعة 180 كيلومترا بالساعة، ومع تركه الوزارة منتصف 2014، انتهى كل شيء.
التعليقات (0)