مقالات مختارة

"على بال مين ياللي بترقص بالعتمة"

مروان المعشر
1300x600
1300x600

ظهرت الأسبوع الماضي نتائج تقرير الشفافية الدولية حول انطباعات الفساد عالميا، وجاءت النتائج مخزية للمنطقة العربية بشكل عام، ولنا أيضا. وحلت الإمارات العربية في المرتبة الأولى عربيا وكان ترتيبها 21 من أصل 180 دولة شملها التقرير، ويعود ذلك إلى سيادة القانون في تلك الدولة رغم غياب الحريات السياسية. وجاءت ست دول عربية ضمن أدنى عشر دول في القائمة.

أما نحن في الأردن، فنواصل تراجعنا على القائمة، فبعد أن كان ترتيبنا 37 عام 2003، جاء ترتيبنا اليوم في المنزلة 59 رغم مرور خمسة عشر عاما وبعد كل الحديث والهيئات عن الإصلاحات ومحاربة الفساد. ثم لا تستدعي هذه التقارير ولو تعليقا حكوميا من باب ذَرّ الرماد في العيون.

ويأتي هذا التقرير ليضيف إلى العديد من التقارير الأخرى التي تشير جميعها إلى غياب الحاكمية الرشيدة في الوطن العربي. فها هو تقرير فريدوم هاوس يصنف الغالبية العظمى من الدول العربية على أنها دول غير حرة، وها هي تقارير الأمم المتحدة للمنطقة العربية، والمعدّة من باحثين وباحثات عرب، وغيرها الكثير من التقارير تظهر أن المنطقة العربية في أسفل سلم كافة المناطق في العالم من حيث التمكين الديمقراطي والحريات ومكافحة الفساد.

هل نستغرب أن لا تستدعي هذه التقارير أي ردود فعل جدية من الحكومة؟ وقد أصبح الواقع على الأرض، كما عدد التقارير العربية والدولية الصادرة عن المنطقة، كاف لإقناع المواطن العربي أن هذه التقارير تعبر عن حقيقة مؤلمة وليست جزءا من مؤامرة كونية ضد المنطقة العربية.

الحقيقة أن غياب العمل الجدي لمحاربة الفساد وإعلاء شأن الحاكمية الرشيدة يفهم تماما أنه تم وضعه ضمن الإطار العام الذي يحكم سياسة الحكومة، وهو اطار يهدف بالدرجة الأولى إلى إبقاء الاحتكار الحالي من قبل هذه الحكومة على مفاصل القرار وعدم السماح لأي جهد قد يؤدي في المدى القريب أو البعيد إلى توسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار والوصول إلى توازن بين السلطات ومحاربة الفساد مؤسسيا ومنهجيا. فإذا كان ثمن هذا الاحتكار غياب الحريات أو استشراء الفساد، فليكن، طالما أن الشعب لا يرفع صوته، وطالما كانت اهتمامات المجتمع الدولي منصبة على أمور أخرى عدا التنمية السياسية والاقتصادية الجادة.

 متى ما أدركنا هذا الإطار العام الذي يحكم عمل الحكومة، تصبح سياساتها، أو غيابها، مفهومة، لأننا نطلب منها ما لا يقع ضمن أولوياتها، بل قد يأتي عكس هذه الأولويات تماما. ويصبح الرد على تذمرات المواطنين مثلا مختزلا بتغيير الأشخاص، وها نحن نشهد التعديل السادس على الحكومة خلال سنة ونصف، من دون أن يطرح حتى للنقاش فيما اذا كان النهج يحتاج إلى مراجعة، بينما نتائجه تذهب من سيّئ إلى أسوأ، على قاعدة نقتل المذنب ليعيش الذنب.

تمر السنوات، وتتوالى التقارير، تتراكم الأزمات، وتظهر الأرقام بما لا يدع مجالا للشك نتيجة الإصرار على النهج الريعي الحالي، والحكومة غير عابئة بذلك!

تتعرض البلاد لأزمة اقتصادية خانقة اليوم، أدت إلى احتجاجات شعبية في أماكن عدة من البلاد. ألم يحن الوقت لعدم التعامل مع هذه الاحتجاجات من زاوية وجاهية فقط دون إعطاء المواطن صوتا اكبر في عملية المشاركة في صنع القرار؟ ألم يصبح واضحا أن الموضوع ليس اقتصاديا فقط، وأن القلوب مليانة؟ للآسف، لا يحدث شيء من هذا.

قافلة الحكومة تسير، ولم نعد نعرف إلى أين، ولسانها يقول للمواطن العادي، اعترض كما شئت، و"على بال مين ياللي بترقص بالعتمة".

الغد الأردنية

1
التعليقات (1)
Muwafag rashd
الجمعة، 02-03-2018 04:13 م
وجود العدد الكبير من اللاجئين يفوق القدره والموارد الطبيعية للبلد والذي يتمثل باللاجئين الفلسطينيين وبعض السوريين ستبقى المشكله الاقتصاديه إلى الأبد.لا بد من حل لمشكلة الفلسطينيين بما يسمح بعودة قسم منهم إلى مناطق السلطه والباقي يجد أماكن لهم في العالم العربي وغيره ولو على دفعات.وهذا ينطبق على الذين يحملون الجنسيه الاردنيه قبل غيرهم.والا الحلقه مفرغه وان غدا لناظره قريب.