مقالات مختارة

البطة العرجاء!

حسن البراري
1300x600
1300x600

كثيرة هي تلك الفضائح التي طالت كبار السياسيين في إسرائيل، ويبدو هذه المرة أن الحبل بدأ يضيق حول عنق رئيس وزرائها نتنياهو، الذي قد يتحول قريبا إلى بطة عرجاء، وبخاصة مع توالي الأدلة على تورطه في قضايا فساد وتورط زوجته ساره نتنياهو أيضا.

طبعا من المبكر الحكم على كيف ستؤول إليه الأمور، نظرا لأن القضية برمتها أصبحت بيد المدعي العام، الذي في نهاية الأمر سيقرر هل سيحول القضية إلى القضاء أم يغلق الملف. بيد أن هناك ثلاثة سيناريوهات لمستقبل نتنياهو السياسي.

أولا، إذا ما قرر المدعي العام بأن هناك أدلة دامغة تدين نتنياهو فإن شركاء نتنياهو في الائتلاف الحكومي قد ينسحبون من الحكومة وبالتالي تسقط، وفي هذه الحالة ستجري انتخابات مبكرة. ففي حال انسحاب الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي فإنه من المستبعد أن تحل محلها أحزاب أخرى بقيت في الظل لفترة طويلة. فعلى العكس من ذلك فإن هذه الأحزاب ستستغل قضايا الفساد لعلها تحولها إلى مكسب انتخابي يرفع من نسبة تمثيلها في الكنيست في حال إجراء انتخابات مبكرة. فهذا هو آفي غاباي زعيم حزب العمل الإسرائيلي يبعث برسالة إلى أعضاء حزبه يعلن فيها أن فترة نتنياهو قد ولت وأن هناك حاجة للتحضير لانتخابات مبكرة.

أما السيناريو الثاني فيعتمد على موقف الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي، فربما تخشى من أن تفقد مكتسباتها في هذه الفترة وتسعى بدلا من الانسحاب من الحكومة إلى التوصل إلى تفاهم مع حزب الليكود يضمن تنحي نتنياهو وأن يحل مكانه شخصية مرموقة من حزب الليكود نفسه. وربما هذا السيناريو سيجنب الائتلاف الحكومي حزب الليكود معا من مغبة ومخاطرة خوض انتخابات مبكرة قد تفضي إلى اصطفافات مختلفة لا تكون في صالح قوى الوضع الراهن في إسرائيل.

لكن ماذا لو تبنت هذه الأحزاب مقاربة الانتظار حتى تنجلي الأمور؟ هل على نتنياهو مغادرة المشهد؟ هذا هو سيناريو آخر قد يسمح لنتنياهو بالبقاء. هذا الأمر يعتمد على عاملين وهما: عدم وجود من يقصي نتنياهو من حزب الليكود وخوف أحزاب مثل شاس من خوض مغامرة انتخابية تشير استطلاعات الرأي أنها ليست في صالح الحزب الذي تآكلت شعبيته بنسب مخيفة. والعامل الثاني يتعلق بتدهور الوضع الأمني داخل إسرائيل أو في الإقليم مما قد يدفع إسرائيل إلى القيام بمغامرات عسكرية جديدة ستدفع بالتأكيد إلى تأجيل ملف الفساد إن لم يكن طيه في المستقبل المنظور. فانفجار الوضع في غزة أو في جنوب لبنان سيدفع الإسرائيليين إلى التفكير في رص الصفوف على اعتبار أنه لا صوت يعلو على صوت الأمن وأن أي خلافات ستضعف من الجبهة الداخلية التي ربما لن تكون بمنأى عن وابل من الصواريخ القادمة بشكل أعنف هذه المرة.

وفي الختام، ربما يجدر بنا الانتباه إلى أن سياسة نتنياهو في السنوات الأخيرة والمتعلقة بالبقاء السياسي كانت تقضي إلى تبنيه مقاربة تمنع من ظهور خليفة له داخل حزب الليكود، ناهيك عن القاعدة الليكودية التي تعتقد بانه رمز سياسي قوي وهي مستعدة على ما يبدو لغض الطرف عن انتهاكاته للقانون وهو ربما ما يعوّل عليه نتنياهو. وهذا بدوره يدفع شخصيات ليكودية طامحة في خلافته إلى التريث والابتعاد عن انتقاد نتنياهو خوفا من القاعدة الليكودية التي تنحاز بشكل كبير لنتنياهو.

أي متابعة لحزب الليكود على وجه التحديد تكشف بشكل واضح أن الذين يتحدون نتنياهو علنا يخسرون مواقعهم عند أعضاء الحزب، لكن ماذا لو تيقن أعضاء الحزب أن نجمهم المفضل أصبح عبئا، وأن المجتمع الإسرائيلي في نهاية المطاف سينقلب على فساده في حالة ثبوته.

الشرق القطرية

0
التعليقات (0)