صحافة دولية

ميدل إيست آي: هل تمنح فرنسا طارق رمضان محاكمة عادلة ؟

يوجد طارق رمضان في الحجز الانفرادي منذ الثاني من شباط/ فبراير- جيتي
يوجد طارق رمضان في الحجز الانفرادي منذ الثاني من شباط/ فبراير- جيتي

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا سلط من خلاله الضوء على قضية المفكر الإسلامي، طارق رمضان، الذي اعتقل مؤخرا على خلفية تهم بالاغتصاب. كما أن هناك جدلا كبيرا حول احتمال عدم تمتعه بمحاكمة عادلة في المستقبل القريب. 

وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن طارق رمضان في الحجز الانفرادي في سجن فلوري ميروجيس بفرنسا، منذ الثاني من شباط / فبراير. وقد اعتقل رمضان بعد اتهامه من قبل سيدتين باغتصابهما، وهو ينكر التهم الموجهة إليه تماما. لكن الأهم في قضية رمضان ليست جرمه أو براءته وإنما مدى خطورة التهم الموجهة إليه.
 
وتجدر الإشارة إلى أن طريقة تعامل نظام العدالة الفرنسي مع الظروف السابقة لمحاكمة طارق رمضان أثارت جدلا واسعا، نظرا لوجود ادعاءات تفيد بحدوث انتهاكات على مستوى الإجراءات القانونية الواجبة في مثل هذا النوع من القضايا.

 

اقرأ ايضا: زوجة طارق رمضان تعلق على اتهامه بالاغتصاب (فيديو)

وأضاف الموقع أن الخلل الأول في تطبيق الإجراءات يكمن في رفض إبقاء رمضان في حالة سراح من خلال دفع كفالة. وهو مطلب لم ينظر فيه بتعلة أن رمضان، عندما يكون طليقا، سيحاول الضغط على المدعين عليه لإسقاط شكواهم، أو سيفر إلى سويسرا. كما حرمت السلطات زوجته وأطفاله من حق زيارته.
 
وبين الموقع أن جهة الدفاع عن رمضان أودعت، في السادس من كانون الأول/ ديسمبر، وثيقة رسمية في مكتب المدعي العام في باريس تتضمن دليلا على زيف ادعاءات إحدى النساء اللاتي اتهمنه. ويتمثل دليل براءته في تذكرة طائرة من لندن إلى ليون تثبت عدم وجوده في فرنسا من الأساس، في الوقت الذي ادعت فيه هذه السيدة أنه اغتصبها في نزل في ليون.
 
ولكن، فقدت هذه الوثيقة بمجرد تقديمها للعدالة واختفت لمدة شهرين أثناء إجراء التحقيق. وعندما أدرك المحامون الأمر، عادت الوثيقة للظهور في مطلع  شهر شباط / فبراير، إلا أن الأوان قد فات حينها للنظر رسميا والتحقق من حجة غياب رمضان من قبل الجهات القضائية.
 
وذكر الموقع أنه بتاريخ 17 شباط/ فبراير، أفاد تقرير لوكالة "فرانس برس" بأن أول فحص طبي أجراه رمضان في السجن أكد أن حالته الصحية لا يمكن أن تتحمل ظروف الحجز. وهو تشخيص أكده أطباء رمضان في لندن وفرنسا. ومع ذلك، قرر القاضي إطالة مدة حجزه وحبسه الانفرادي. ونظرا لحالته الصحية المتدهورة في السجن، أصبح رمضان منذ ثلاثة أسابيع غير قادر على تقديم دفاعه الخاص.
 
وأوضح الموقع أن التقصير القضائي في حق طارق رمضان يعد أمرا غريبا حتى بالنسبة لبعض خصومه، الذين عبروا عن قلقهم من أن مثل هذه الممارسات قد تؤثر بشكل دائم على مصداقية مؤسسة العدالة الفرنسية. وفي الواقع، تشكل الطريقة الاستثنائية التي يتعامل بها القضاء الفرنسي مع رمضان انتهاكا صارخا لالتزام فرنسا الدستوري بضمان المساواة بين الجميع أمام القانون. ومن بين عشرات حالات الاغتصاب المماثلة والمدعومة بتهم رسمية، في ظل حملة "مي تو" العالمية، كان رمضان المتهم الوحيد الذي سجن بهذه الطريقة.
 
وأشار الموقع إلى بعض القضايا الأخرى المماثلة التي توضح المعاملة القضائية التفاضلية في فرنسا. فقد وجهت إلى اثنين من كبار الوزراء في حكومة إيمانويل ماكرون، تهم الاغتصاب، وهما جيرالد دارمانين، ونيكولاس هولوت، اللذين تمثل قضيتهما دليلا على الخلل الحاصل في القضاء الفرنسي.
 
ومقارنة برمضان، كانت التغطية الإعلامية لقضية الوزيرين أقل إحراجا، ناهيك عن أنهما حظيا بفرصة الدفاع عن نفسيهما خلال المقابلات الصحفية. وإلى جانب ذلك، لم يحتجز الوزيران على ذمة التحقيق وإنما خضعا لاستجواب قصير من الشرطة.
 
وصرح الموقع بأن كل المسائل المثيرة في فرنسا نسبية ومرنة وقابلة للتعديل بناء على هوية المتهم وموقعه السياسي أو الاجتماعي. وهو ما يمكن رصده من خلال المعايير المزدوجة للتعاطي الإعلامي مع قضية رمضان ودارمانين وهولوت. فمن جهته، لم يحصل رمضان إلا على فرص نادرة للتأكيد على براءته من خلال التصريحات الصحفية المقتضبة في مجملها. في المقابل، انتقلت وسائل الإعلام، بعد اتهام الوزيرين، لمناقشة موضوع "أخلاقيات العمل الإعلامي" التي تحتاج إلى تجنب التغطية الإعلامية الجامحة فيما يخص قضايا الشخصيات السياسية.

 

اقرأ أيضا: نقل طارق رمضان إلى المستشفى واحتمال إطلاق سراحه

وأضاف الموقع أن وسائل الإعلام في فرنسا أصبحت تمارس نوعا من النقد الذاتي حول الحملة الهوجاء ضد هولوت، ووصفتها بالخطئ الفادح، بل أصبحت الكثير من الوجوه الإعلامية تناضل ضد "طغيان الشفافية". في الأثناء، تثير أعمدة المجلات وعناوين الصحف في كل مكان تساؤلات حول جدوى الفضح الإعلامي الشامل لكل معطيات قضايا التحرش الحاصلة، الذي يتعارض بشكل واضح مع ما تدعو إليه حركة "مي تو".
 
وأورد الموقع أن قضية طارق رمضان كانت غائبة عن مختلف تلك النقاشات الدائرة حول "أزمة ضمير وسائل الإعلام الفرنسية". فوسائل الإعلام الوطنية التي كانت بالأمس تضم متهمات رمضان بأكثر الطرق تعاطفا، تستخدم اليوم ما يعرف بتقنية "اغتيال الشخصية" لنسف مصداقية النساء اللاتي وجهن تهم الاغتصاب ضد الوزيرين.
 
وبين الموقع أنه بغض النظر عن مختلف تفاصيل القضية ومدى صحة التهم الموجهة ضد طارق رمضان، فإن الجدل المطروح الآن هو إمكانية حرمانه من التمتع بمحاكمة عادلة، خاصة في ظل إساءة استخدام السلطة الواضح في مجريات قضيته.

التعليقات (0)