قضايا وآراء

هل سقطت استراتيجية حصار غزة؟!

مأمون أبو عامر
1300x600
1300x600
جاءت الدعوات التي وجهت خلال الأيام الماضية من قبل قادة الجيش الإسرائيلي وعلى رأسهم رئيس الأركان غادي إيزنكوت الذي يرى "أن الأزمة الاقتصادية في غزة يمكن أن تؤدي إلى انهيار تام يفضي إلى مواجهة عنيفة قريبا".

في مقابل هذا الموقف يبرز موقف وزير الدفاع الإسرائيلي "افيغدور ليبرمان" الذي نفى أقوال رئيس الأركان بشكل تام وقال إنه ليس هناك أي كارثة إنسانية في قطاع غزة، ولا يضر إذا كانت حماس واقعة في ذعر طفيف.

تصريحات ليبرمان تكشف حقيقة الاستراتيجية الإسرائيلية في الاستمرار في الضغط الاقتصادي على غزة بهدف دفع السكان إلى الثورة على حركة حماس باعتبار أن حركة حماس هي من يسيطر على الأرض، قد تكون هذه الاستراتيجية صحيحة قبل أن تدخل حماس في مسار المصالحة والذي تخلت فيه حماس بموجبه عن العديد من المواقع والمسئوليات في إدارة القطاع لصالح السلطة الفلسطينية مما ساهم بشكل كبير بسحب فتيل الانفجار في وجه حماس بحسب التخطيط الإسرائيلي، مما أدى إلى وضع تدركه الأوساط الأمنية الإسرائيلية بشكل واضح بأن أي انفجار في قطاع غزة لن يكون موجها باتجاه حركة حماس، بل ستكون وجهته باتجاه إسرائيلي نفسها.

 هذا التصور أصبح واضحا لدى قيادة الجيش الإسرائيلي بأن الوضع في قطاع غزة لم يعد يحتمل الانتظار أكثر بانتظار حدوث ثورة شعبية تسقط حماس من الداخل، أو تجبر حماس على الخضوع للقبول للاشتراطات الإسرائيلية من أجل تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة، لذلك فقد أطلق قادة الجيش بدء من رئيس الأركان وقائد المنطقة الجنوبية في الجيش والتي تقع غزة تحت مسؤوليتها، ورئيس جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان" حملة قوية للضغط على المستوى السياسي للتحرك لوقف الانهيار في غزة، الذي ترى فيه الجهات الأمنية خطرا أمنيا قد يؤدي إلى حرب لا مبرر لها، حيث ترى أن الأوضاع السيئة ستجعل من حماس كيان مهدد بالسقوط في أزمات تعمل على تقويضها، مما سيدفع حماس إلى الدخول في مواجهة وهي ليس لديها ما تخشى أن تفقده.

هذا الموقف من الجيش يواجه مواقف رافضه من عدد من الوزراء المتشددين في الكبنيت "المجلس الوزاري المصغر للأمن"، وحالة من اللامبالاة من قبل رئيس الوزراء أو التهرب من تبني موقف الجيش المبني على أسس مهنية وفي نفس الوقت يخشى أن يتبنى موقف الوزراء المتشددين المبني على مصالح سياسية تقوم على التنافس الحزبي وليس لمصلحة الأمن الإسرائيلي، لكن مع تزايد المخاوف من وقوع الانفجار في غزة وارتفاع وتيرة التحذيرات من اندلاع مواجهة قريبة بين حماس والجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، خاصة بعد توجيه حماس نحو رفع مستوى الاستعداد داخل صفوف مقاتليها، وإخلاء المواقع العسكرية خشية تعرضها للقصف من الجانب الإسرائيلي، نتيجة لذلك بدأت تصدر من الجانب الإسرائيلي تصريحات وتأكيدات على أن إسرائيل غير معنية بالجرب وأنها تبحث عن وسائل لتخفيف الضغط عن قطاع غزة توجت بالقرار بالسماح للمؤسسات الدولية بالقيام بمشاريع اقتصادية تخفف من حالة الاحتقان داخل قطاع غزة، كان آخرها ما أفادت به القناة العاشرة العبرية مساء الجمعة 9 فبراير الحالي أن وزير الدفاع افيغدور ليبرمان ورئيس هيئة أركان الاحتلال غادي ايزنكوت وافقا على السماح للمجتمع الدولي بتقديم المساعدة لقطاع غزة بهدف منع الأزمة الإنسانية وتدهور الأوضاع هناك، وعليه فإن تنفيذ هذا القرار سيشكل ضربة لاستراتيجية الحصار الاقتصادي الذي تتبعه الحكومة الإسرائيلية ضد قطاع غزة، وهذا يعني تآكل في استراتيجية الحصار لكن الأيام القادمة ستحسم مستقبل استراتيجية الحصار على غزة إما بحل سياسي أو تسوية محدودة تنزع فتيل المواجهة أو تؤجلها وتجنب الطرفين من تبعات مواجهة لا يرغب بها الطرفين وإلا فالحرب هي الخيار أو المصير المحتوم، وهذا يعني أيضا أن استراتيجية الحصار لم تعد صالحة لإخضاع حماس!!

0
التعليقات (0)