كتاب عربي 21

لماذا نقاطع انتخابات الانقلاب؟

آيات عـرابي
1300x600
1300x600

تعجبني جداً قدرة هؤلاء القوم على تكلف الجد في أشد المواقف هزلاً. فقد قرأت تقريراً عما قاله المفتي شوقي علام ودعوته للمشاركة بكثافة في انتخابات الانقلاب من أجل إعطاء رسالة إيجابية للعالم أن مصر أصبحت قاطرة في ممارسة العملية الانتخابية والألطف من هذا أنه شدد على أن الرشاوي الانتخابية حرام شرعا!!


ويأتي هذا بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من إعلان خوض سيد البدوي رئيس حزب الوفد، لانتخابات الانقلاب وهو ما أثار موجة جارفة من السخرية خصوصاً وأن هذا جاء بعد اعتقال عنان رئيس الأركان الأسبق بتلك الطريقة الخشنة.


 والنصف الأول من العبارة هو مربط الفرس الذي من أجله ظهور شوقي علام على الشاشة. فاعتقال عنان واستبعاده من انتخابات الانقلاب جفف أي اهتمام بالمشهد كله لدى الجمهور المحتمل الذي صار يعلن تململه وبدأ ينصرف وأصبح التثاؤب هو سيد الموقف.


وأصبح عليه أن يبحث عن منافسين للأصوات الباطلة في ساحة جُفِّفت تماماً ونضبت سياسياً منذ أربع سنوات، غير أن هذا لم يمنع شوقي علام من التظاهر بالجد والحديث عن حرمة الرشاوي الانتخابية ولن يمنع إعلام الانقلاب من التظاهر بالجد وقضم الأظافر وهم يتظاهرون بانتظار نتائج انتخابات الانقلاب في الاستوديوهات ثم التظاهر بالمفاجأة وهم يعلنون فوز عسكري الانقلاب!!


بل وربما كانت نتيجة انتخابات الانقلاب مرتبة من الآن (وهو الاحتمال الأقرب للمنطق) لينجح فيها عسكري الانقلاب بنسبة من 70% إلى 85% بينما تُوَزَّعُ النسبة الباقية على باقي مرشحي الانقلاب بالإضافة إلى الأصوات الباطلة ليبدو الأمر كما لو كانت المعركة حامية الوطيس خاضها عسكري الانقلاب وربما أقاموا الأفراح بعدها احتفالاً بفوزه وفي الغالب سيتقاطر المحللون الاستراتيجيون على شاشات القنوات الانقلابية ليحللوا نتائج انتخابات الانقلاب وربما أقاموا احتفالاً صاخباً كسابقه الذي أقاموه في 2014. 


وربما فكروا في عشرات التفاصيل، لكن الهاجس الأكبر لدى الانقلاب الآن هو عدم المشاركة وظهور اللجان الانتخابية جرداء خالية من البشر أمام الكاميرات. 


والرسالة الحقيقية التي يقصدها شوقي علام من دعوته للمشاركة هي ما يريد الانقلاب أن يعرضه على الشاشات للقوى الغربية. فالانقلاب يريد أن يثبت أنه يحظى بدعم شعبي. والهدف هنا أعمق من مجرد الرغبة في ألا يشمت فيهم مناهضو الانقلاب، فالانقلابيون يخشون بشدة أن ينفض الغرب يده منه خصوصا وقد تعالت نغمة رافضة ما في الواشنطن بوست والتي قالت صراحة إن السيسي ليس صديقاً لأمريكا.


رغبة الانقلاب في إظهار وجود دعم شعبي هي ما يفسر كثيراً من تصرفات الانقلاب من البداية. وهذه هي النقطة التي أرى أن تنطلق منها الجهود الرافضة للانقلاب. مقاطعة انتخابات الانقلاب برمتها وعدم التفاعل معها وقد تكفل الانقلاب نفسه بتجفيف ساحته السياسية ولم تعد المشاركة في انتخابات الانقلاب خياراً مغرياً للبعض، بل أصبحت المقاطعة الآن ضرورة حتمية.


والمقاطعة هنا تهدف إلى أمرين، الأول هو التمسك بشرعية الرئيس المنتخب وهو ما يعني أن الشعب رافض لانقلاب 30 يونيو 2013 ومتمسك باختياره، والثاني هو تحقيق انتصار معنوي لمعسكر مناهضي الانقلاب وإظهار الانقلاب وقد تجرد من أي دعم شعبي ولجان الانتخابات خالية بحيث يكون هذا الانتصار مرتكزاً لما بعده.

3
التعليقات (3)
العقيد ابو شهاب
الإثنين، 29-01-2018 07:27 م
في الزمن الماضي ، كانت مصر مبتلاة بفرعون محلي . أما في هذه الأيام فالبلوى أشد و هي فرعون محلي يستند إلى فرعون دولي. واضح أن ما يتم ترتيبه الآن ، مسرحية انتخابات يتم من خلالها تثبيت الفرعون المحلي و من يحيطون به. سفارة الفرعون الدولي ، التي تدير المشهد في مصر فتحرك هذا و تمنع ذاك و ترسل لهذا أن يقول كذا و كذا أو لذاك أن يقترح كيت و كيت ، تهتم بأمر واحد وهو نسبة المشاركة فيما يسمى انتخابات. إذا قاطع شعب مصر العظيم الانتخابات و صمد أمام التهديدات و الإغراءات "الكاذبة" فسيرسل هذا الشعب العزيز للعالم أجمع رسالة تتناسب مع وزنه الكبير . شعار "يسقط يسقط حكم العسكر ، مصر دولة مش معسكر" لا يمكن ترجمته إلى أرض الواقع إلا بالعزوف التام عن المشاركة في هذا العبث. أنا لا يعنيني فلان أو علان ، ما يعنيني أن تكون هنالك رسالة صارمة لسفارة الفرعون الدولي من شعب مصر لتكف عن تدخلها المستمر الذي أدى إلى تراجع مصر و تقزيمها أمام "اللي يسوى و ما يسواش". يا جماعة ، ما لنا نرى مصر تنحدر بشكل سريع حتى أصبحت دويلات صغيرة مثل دويلة الخمارات تتعالى عليها ؟ أين مصر أم العرب و أم الدنيا ؟
حرفوش
السبت، 27-01-2018 06:05 م
سيحاولون بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة لأرغام الناخبين على الذهاب الى اللجان الأنتخابية ولقد أصبح جلياوواضحا للأطفال قبل الكبار أن الرئيس هوالرئيس لايريد أن يكون المرشح للرئاسة فالكرسي ملكة ولااحد يستطيع منازعتة فية فلما الأنتخابات ووجع الدماغ والدعاية الأعلامية الكاذبة والنفاق الأعلامى المتواصل ليل نهار ياناس حرام عليكم الرئيس هو الرئيس
مصري جدا
السبت، 27-01-2018 06:01 م
مازال الرفض دون تقديم البدائل هو نمط ادارة المشهد من المربع الرافض للانقلاب ،،، فسنة التدافع تقتضي التخطيط والتفكير بطريقة تاخذ بها مساحات واقعية لا فضاءات افتراضية ،،، وقد يكون كلام يوسف ندى هو الكلام الوحيد الذي ينتهج العملية والواقعية في التعامل مع المشهد ،، بمعنى بديل ايا كان مدني او عسكري يتقدم بالمشهد خطوة او اكثر الى الامام ،،، بعيدا عن الحماسة والعاطفة والشعارات النظرية غير الممكنة وفقا لمعطيات الواقع ،،، وكان اكثر واقعية وسياسة ودقة حين تكلم في حالة عنان عن تنازل الدكتور مرسي حرصا على صالح الامة المصرية ،، وهو مخرج مقبول ومشرف ،،، قد لا يعجب البعض هذا الكلام خاصة الشباب المتحمس او قواعد الجماعة التي لا تملك رؤية لا هي ولا الجماعة نفسها ،،،، المعارضة في الخارج دون استثناء بمن فيهم ايات عرابي لا يملكون غير الظهور الاعلامي في المناسبات المختلفة بكتابة مقال او اصدار بيان او عقد مؤتمر ،، وهذا جيد لكنه غير كافي لتحريك الماء الراكد بل الآسن ،، ولقد اعجبني كلام الدكتور مها عزام حين قالت منذ ايام ان الرهان الوحيد هو الداخل المصري ،،، السيسي لا يعنيه كشف الغطاء الشعبي ولو لدرجة العري لانه مدعوم وبقوة من المربع الصهيوخليجي ،،، لكن حين يتحرك الداخل المصري سيعيد الجميع حساباته بمن فيهم امريكا واسرائيل ،،، المعارضة في الخارج دورها ثانوي وتشبه لحد كبير العامل المساعد في بعض التفاعلات الكيميائية البسيطة ،، لكن التفاعلات المعقدة لا تعتمد على العامل امنساعد بقدر ما تعتمد على المواد المتفاعلة نفسها ، وهذا هو المشهد المصري

خبر عاجل