صحافة دولية

فايننشال تايمز: ما هي العوامل المؤثرة على سوق الغاز بمصر؟

فايننشال تايمز: التنافس الإقليمي يؤثر على سوق الغاز بين مصر وإسرائيل وقبرص- أ ف ب
فايننشال تايمز: التنافس الإقليمي يؤثر على سوق الغاز بين مصر وإسرائيل وقبرص- أ ف ب

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا، تقول فيه إنه عندما بدأ الغاز بالتدفق من حقل ظهر الشهر الماضي، فإنها كانت خطوة مهمة بالنسبة لاستقلال مصر في مجال الطاقة، بالإضافة إلى أنه كان إيذانا بأن تبدأ بلدان شرق المتوسط بتأسيس نفسها قوة في مجال إنتاج الغاز.  

 

وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن المدير التنفيذي العام لشركة "إيني"، وهي مجموعة إيطالية تقود مشروعا قيمته 12 مليار دولار، كلوديو ديكالزي، بأن ظهر "سيحول تضاريس الطاقة في مصر، ويسمح لها بأن تكتفي ذاتيا، ويحولها من مستورد للغاز إلى مصدر مستقبلي له". 

 

وتشير الصحيفة إلى أن حقل ظهر يعد أكبر اكتشاف لمخزون هايدروكربوني في البحر الأبيض، وهناك بحث عن المزيد، لافتة إلى أن هناك احتمالا شبيها في كل من قبرص وإسرائيل للاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة، وتوليد دخل جيد من بيع الفائض، بالإضافة إلى أن لبنان فتحت مياهها للاستكشاف.

 

ويجد التقرير أن احتمال اكتشاف مصدر جديد للغاز بالقرب من أوروبا يبدو جاذبا من ناحية استراتيجية، حيث مخزون بحر الشمال في تراجع، وأوروبا قلقة من اعتمادها على إمدادات الغاز الروسية، مستدركا بأن تطوير الموارد في شرق المتوسط ليس بتلك السهولة، خاصة بسبب مزيج من المخاطر السياسية والتنافس بين الدول المعنية.

 

وتنقل الصحيفة عن الخبير في أمن الطاقة في جامعة "كنغز كوليج" إمانيويل كاراغيانيس، قوله: "قد يغير استغلال مخزون الغاز المناخ السياسي والاقتصادي في شرق المتوسط.. وفي الوقت ذاته هناك احتمال أن يفاقم الخلافات على الحدود ويخلق توترات جديدة".

 

ويذهب التقرير إلى أنه "حتى لو تم حل المشكلات السياسية، فإن التحديات الاقتصادية ليست أقل صعوبة، فسوق الطاقة العالمية مليئة بالغاز الرخيص من روسيا وأمريكا وغيرهما، ويبدو حقل ظهر معقولا بسبب الحاجة المحلية، لكن إسرائيل وقبرص تحتاجان للتصدير لتغطي مشاريعهما التكلفة، حيث يقول المحلل في مجالي السياسة والطاقة غاريث وينرو: (العوائق تجارية بقدر ما هي سياسية.. ومن الصعب على شرق المتوسط المنافسة في هذه السوق)".

 

وتستدرك الصحيفة بأنه بالرغم من الشكوك، فإن هناك تقدما، حيث وصلت باخرة حفر استأجرتها شركة "إيني" وشريكتها "توتال" الفرنسية قبالة السواحل الجنوبية لقبرص الشهر الماضي، للتنقيب في غرب حقل أفروديت، الذي تم اكتشافه عام 2011، وبدأ العمل العام الماضي لتطوير حقل ليفياثان للغاز من شركة "نوبل إنيرجي" الأمريكية في مشروع سيكلف 3.75 مليار دولار، بالإضافة إلى أن هناك حقلين يتوقع بدء العمل فيهما هذا العام، حيث ستقوم بذلك شركة "إنيرجان" اليونانية. 

 

ويجد التقرير أن العثور على حقول الغاز وتطويرها هما نصف التحدي؛ لأن إنشاء طرق التصدير للوصول إلى الأسواق العالمية لا يقل صعوبة، حيث أن هناك دعما سياسيا لمد أنبوب إمداد غاز بكلفة 6 مليارات يورو من إسرائيل عبر قبرص واليونان إلى إيطاليا، حيث وقعت الدول الأربع اتفاقا مبدئيا الشهر الماضي لتطوير المشروع معا، بهدف إنجازه مع حلول 2025، مستدركا بأنه بطول 2000 كم متر، وأعماق تصل إلى 3 كم سيكون أطول وأصعب مشروع تحت الماء من نوعه، ويشكك العديد من الخبراء في إمكانيته.

 

وترى الصحيفة أن الخيار الأقل تكلفة هو خط من تركيا، إلا أن حالة العداء العربية الإسرائيلية تمنع من مد الأنبوب في المياه الإقليمية اللبنانية والسورية، حتى لو استطاعت إسرائيل وتركيا تجاوز خلافاتهما، لافتة إلى أن هناك طريقا آخر بالقرب من قبرص لن يكون أسهل، خاصة أن العلاقة بين نقوسيا وأنقرة ليست جيدة؛ بسبب تأييد الأخيرة لقبرص التركية المنفصلة.

 

ويورد التقرير نقلا عن كاراغيانيس، قوله إن أنبوب النفط قد يشكل جزءا من تسوية نهائية في خلاف قبرصـ لكن احتمال حصول ذلك ليس مؤكدا، خاصة أن المفاوضات فشلت العام الماضي.

 

وتقول الصحيفة: "يبدو أن الهيدروكربونات ستتسبب بالمزيد من التوتر، فاحتجت تركيا على عمليات الحفر قبالة الجزيرة، وقالت إنها انتهاك غير مقبول لحقوق الأتراك القبارصة، بالإضافة إلى أن هناك سفينة بحث زلزالي تركية تقف قبالة السواحل القبرصية الشمالية، في إشارة إلى رغبة تركيا في المشاركة في الموارد الإقليمية". 

 

ويلفت التقرير إلى أن المحللين يشككون بأن شركات الطاقة ستستثمر المليارات من الدولارات في تطوير الغاز القبرصي، في ظل غياب اتفاقية لإلغاء المخاطر السياسية، حيث لا يزال حقل أفروديت غير مطور بالرغم من اكتشافه قبل ست سنوات.

 

وتبين الصحيفة أنه كان أسهل بالنسبة لمصر جذب الاستثمار بسبب حجم السوق المحلية؛ حيث أصبح حقل ظهر منتجا بعد أقل من ثلاثة أعوام من اكتشافه، مقارنة مع سبع سنوات حتى تم البدء في تطوير حقل ليفياثان، مشيرة إلى أن هناك طريق تصدير للغاز المصري من خلال موانئ الغاز المسال، التي تستطيع ناقلات الغاز من خلالها إيصال الغاز لا إلى أوروبا فقط، بل إلى آسيا أيضا من خلال قناة السويس. 

 

وينوه التقرير إلى أن الميناء توقف عن العمل في السنوات الأخيرة؛ بسبب تراجع إنتاج الغاز المحلي، الذي حول مصر إلى مستورد للغاز، مستدركا بأن البدء في العمل في حقل ظهر مع تطويرات شركة "بي بي" في دلتا النيل يمكن أن يزيد الإنتاج عن حاجة البلد مع حلول عام 2020.

 

وتقول الصحيفة إنه "يمكن لإسرائيل وقبرص أن تشحنا غازهما من خلال موانئ الغاز المسال المصرية، عن طريق خط أنابيب أقصر من المقترحة لإيطاليا أو تركيا، وكان تقرير للبرلمان الأوروبي العام الماضي وصف هذا الخيار بأنه أكثر الخيارات واقعية، وقال التقرير: (يبدو أن مصر تملك مفتاح مستقبل غاز شرق المتوسط)". 

 

وينقل التقرير عن وزير النفط المصري طارق الملا، قوله للصحيفة العام الماضي، إن بلاده مستعدة للعمل مع الجيران لإنشاء مركز للطاقة، وأضاف: "نحن مستعدون لاستقبال الغاز وتحويله إلى غاز مسال وبيعه في السوق الدولية".

 

وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالقول إن "محفزات التعاون قوية وكذلك الحواجز، ففي الوقت الذي تقطف فيه مصر ثمرة حقل ظهر، يواجه جيرانها خيارات صعبة إن هم قاموا باستغلال إمكانيات الطاقة كاملة في منطقة عانت من مزيج من التعاملات التجارية والصراعات على مدى مئة عام". 

التعليقات (0)