مقالات مختارة

تسريبات "نيويورك تايمز".. مغزاها ودلالتها!

محمود سلطان
1300x600
1300x600

لا يجوز مُطلقا، التعاطي مع التسريبات التي نشرتها "نيويورك تايمز"، بتلك الخفة التي نراها الآن: التجاهل أو البيانات المعلبة، من "وكلاء" غير مناط بهم التحدث باسم الحكومة، أو على طريقة "صرح مصدر أمني" فيما لا نعرف من هو هذا المصدر الأمني المجهول.

"نيويورك تايمز" أُسست عام 1851، وحصلت على 95 جائزة "بوليتزر"، لم تحصل على مثلها أية صحيفة أخرى في العالم، وتحظى "نيويورك تايمز" بمصداقية كبيرة، وشديدة التأثير في اتجاهات النقاش داخل تجمعات النخبة ومؤسسات صناعة القرار في الولايات المتحدة، ولا يمكن بحال أن تجازف بالمغامرة والتضحية بهذا السجل المهني الكبير، من أجل خبر تعوزه المصداقية.


نحن هنا ـ إذن ـ لسنا أمام صحيفة الفجر أو صوت الأمة أو اليوم السابع، مثلا، مع كامل احترامنا لتلك المؤسسات "الزميلة"، ولكل الزملاء الصحفيين العاملين بها، وإنما أمام "نيويورك تايمز"! فهل نعي ذلك جيدا؟!


التسريبات ربما لا تشير إلى ما هو جديد، بشأن التوجيه الأمني، في صناعة المواد الإعلامية في الإعلام التعبوي الحالي المصري، فنحن نسمع من زملائنا المعدين في تلك القنوات ما يدعو إلى الشعور بالعار، ونُشر عشية الانتخابات الرئاسية الأخيرة، تسريبات "مهينة" لإعلاميين، منسوبة إلى مدير مكتب أرفع مسؤول أمني مصري، وهو يذكر بالاسم "إعلاميين" يعملون بتوجيهات من مكتبه.


هذا ـ إذن ـ ليس جديدا، ولكن ما يثير الانتباه، ما ورد بشأن نوايا القاهرة فيما يتعلق بتسوية القضية الفلسطينية: رام الله بديلا عن القدس!


وهو "الطلب" الذي أضاف مزيدا من المصداقية على ما تواتر من تقارير بشأن ما سُمي بـ"صفقة القرن"؛خاصة أن هذه التسريبات بفحواها الذي نُشر، جاءت بالتزامن مع نشر مقتطفات من كتاب "نار وغضب: داخل بيت ترامب الأبيض" للصحفي الأمريكي "مايكل وولف"، الذي كشف عن بعض تفاصيل تلك الصفقة، والتي جاءت متطابقة تقريبا مع فحوى تسريبات نيويورك تايمز.


الملاحظة اللافتة والأكثر من خطيرة، تتعلق بالسؤال عن سرية المكالمات "السيادية"، وتأمينها وحصانتها ضد التنصت والتسجيل والتسريب إلى أية جهة أخرى.


المكالمات سُجّلت وسُربت إلى صحيفة أجنبية!! كيف؟! ومَن يقف وراء هذا كله؟ وما هي الجهة التي لها مصلحة في تسريبها؟!


هذه الأسئلة مدفوعة بمخاوف عميقة ومشروعة، بشأن أمننا القومي، وما هي الضمانات لحمايته من الانكشاف أمام العالم، ناهيك عن الدول المعادية.


دعونا من هذا الخطاب الإعلامي الغوغائي الذي سيقوم بدور الشوشرة على هذا الخطأ الجسيم، نحن ـ هنا ـ لابد أن نتعاطى مع ما نشرته "نيويورك تايمز" بمسؤولية وطنية، فما حدث لا يمكن السكوت عليه، فهو بطبيعته يفرض سؤالا أخطر حول ما إذا كنا في بلد موحد فعلا، أم إن وحدته مهددة ببنية فوقية منقسمة وتتصارع على أشياء خفية لا نعرف عنها شيئًا؟!

المصريون المصرية

0
التعليقات (0)

خبر عاجل