صحافة دولية

واشنطن بوست: ما دلالة الاحتفال بمئوية شرطة روسيا السرية؟

واشنطن بوست: الاحتفال بمئوية الشرطة السرية احتفاء بتاريخ بوتين الأسود- أ ف ب
واشنطن بوست: الاحتفال بمئوية الشرطة السرية احتفاء بتاريخ بوتين الأسود- أ ف ب

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا لنائب رئيس حركة روسيا الحرة ورئيس مؤسسة بوريس نيمستوف للحرية فلاديمير كارا – مورزا، يتحدث فيه عن الشرطة السرية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ويقول الكاتب إن "روسيا احتفلت بفخر بالذكرى المئوية لإنشاء الشرطة السرية المعروفة باسم (تشيكا)، فحث الرئيس بوتين في رسالة التهنئة (للضباط القدامى) من الخدمات السرية على (تشريف التقاليد وتراث سابقيهم)".

ويضيف كارا – مورزا إنه "في ضوء القمع السياسي اليوم في روسيا، فإنه على ما يبدو هذا ما يفعلونه، ففي مقابلة مع الصحيفة الرسمية الروسية أثنى مديرها ألكسندر بورتينكوف على مسؤول الخدمات السرية في عهد ستالين لافارنتي بيريا، وأشار إلى (الأساليب المرنة للدفاع عن نظام الدولة)، التي استخدمتها الـ(كي جي بي) في السبعينيات من القرن الماضي، في إشارة على ما يبدو لوضع المعارضين السياسيين في المصحات العقلية، وأكد أن أفعال شيكا استهدفت منذ البداية (النشاطات التخريبية  والإرهابيين المعادين للثورة المرتبطين بالنخب الخارجية والخدمات السرية الأجنبية)، وأكد على الجانب الموضوعي للمحاكمات والملاحقات التي تمت في الثلاثينيات من القرن الماضي، وعرفت بـ(الرعب الكبير)". 

ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "هذا الثناء جاء بمثابة  صدمة حتى للمؤيدين لنظام بوتين، ويجب النظر في تاريخ المنظمة التي يثني عليها بورتينكوف، فعندما سيطر الجيش الأبيض على كييف من البلاشفة عام 1919، تم العثور على شيء رهيب في قصر، والتقارير حول الحادث مريعة بشكل كبير، لكن يكفي أن نقول إن الأقبية كانت مليئة بالدم حتى الركب، وتم استخدام المكان مقرا لتشيكا، التي كانت تعرف باسم (لجنة الطوارئ لعموم روسيا ومكافحة الثورة المضادة والتخريب)، وأنشأتها الحكومة البلشفية في كانون الأول/ ديسمبر عام 1917، لمقاومة (أعداء الطبقية) وأي شخص يهدد بقاء النظام، ويقدر المؤرخون عدد القتلى بسبب الإرهاب الأحمر وأثناء الحرب الأهلية في الفترة ما بين 1917 – 1922 بحوالي مليوني شخص".

ويلفت كارا – مورزا إلى أن "بداية سبعة عقود في حرب السوفييت على مواطنيهم كانت بطرق متراوحة، لكن تشيكا التي عرفت أيضا بـ GPU وNKVD وMGB وKGB كانت في قيادة القمع، وأشار إليها لينين ذات مرة واصفا إياها بأنها (الذراع المسلح للحزب)، فبعد الإرهاب الأحمر جاءت المجاعات المصنطعة، والحرب على الدين، واستهداف مقصود لقطاعات من المجتمع (الجيش ورجال الدين والمثقفين)، والرعب الكبير والترحيل الإثني الجماعي، وحملة المعاداة للسامية، وغير ذلك من الحملات التي استهدفت المعارضين، ووضعهم في مصحات عقلية، وكانت حصيلة هذه الحملات حوالي 30 مليون شخص، أي خمس سكان الاتحاد السوفييتي في العشرينيات من القرن الماضي". 

ويفيد الكاتب بأنه "تم إنشاء المديرية الخامسة التابعة لـ(كي بي جي) في الستينيات من القرن الماضي؛ بهدف قمع المعارضة السياسية، وظلت مشغولة حتى اليوم الأخير من الاتحاد السوفييتي السابق وبداية عصر الانفتاح والغلاسنوست، وكان آخر تقرير عن الناشط السياسي أندرو ساخاروف في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 1989، وكانت الـ(كي بي جي) ومديرها فلاديمير كرشكوف هي التي وقفت وراء الانقلاب الفاشل  في آب/ أغسطس عام 1991، ولم تكن هناك منظمة مكروهة من السكان مثلها".

 

وينوه كارا – مورزا إلى أنه "بعد فشل الانقلاب، حيث خرج آلاف سكان موسكو إلى الشوارع، ووقفوا أمام الدبابات، كان مقر (كي جي بي) في ساحة لوبيانكا الهدف الأول للمتظاهرين، ففي مساء 22 آب/ أغسطس تجمع الناس وبشكل سريع في الساحة، وانتهى بتكسير تمثال فليكس درشينسكي، مؤسس تشيكا، وتم حمل (فليكس الحديدي) من الحبل، الذي يعد من أهم الصور الباقية من الثورة الروسية الديمقراطية".

 

ويبين الكاتب أن "الكثيرين ممن تجمعوا في ساحة لوبيانكا في تلك الليلة حاولوا السيطرة على المبنى ذاته، إلا أن قادة الحكومة الديمقراطية الروسية أقنعوهم بعدم فعل هذا، ووعدوا بالإصلاح من الداخل، وأيا كانت نواياهم فإنهم فشلوا، وكما اعترف بوريس يلتسين لاحقا بأنه (تبين أنه لا يمكن إصلاح كي بي جي)، وفي 5 كانون الأول/ ديسمبر سمى يلتسين رئيس وزراء غير معروف كثيرا فلاديمير بوتين، الذي كان ضابط (كي جي بي)، وحضر إلى ساحة لوبيانكا للكشف عن لوحة تذكارية تم الكشف عنها لأندربوف، التي أزيلت في آب/ أغسطس 1991، وكانت إشارة إلى الأشياء القادمة".

ويختم كارا – مورزا مقاله بالقول إن "الفشل في شجب ومحو الـ(كي جي بي) كان مثالا واضحا حول أهمية مواجهة الأنظمة لما بعد الاستبداية لماضيها وبشكل كامل، ومن عارضوا بنجاح المحاسبة الشاملة لإرهاب السوفييت قالوا إنهم لا يريدون ملاحقات وتصيدا، لكن دعاة ديمقراطيين يحملون رؤية للمستقبل، مثل غالينا ساتروفيوتوفا وفلاديمير بوكوفسكي، قالوا إن (التصيد سيعود ويلاحقنا)، وهذا ما حدث ومستمر حتى الآن، وأي حكومة ديمقراطية في مرحلة ما بعد بوتين مطالبة بالتعامل مع جرائم الماضي التي ارتكبت نيابة عن الدولة، والاحتفال الرسمي بإنشاء تشيكا في روسيا هو مماثل لإنشاء الغستابو والستاسي فيما يعرف اليوم في ألمانيا".

التعليقات (0)