كتاب عربي 21

التهديد بالمعونات الأمريكية غير مجد عربيا

ممدوح الولي
1300x600
1300x600

تعد المعونات التي تقدمها أية دولة للدول الأخرى؛ إحدى وسائل السياسة الخارجية للدولة المانحة، لتحقيق مصالحها السياسية والعسكرية والاقتصادية والتكنولوجية والثقافية. ولهذا، لم يكن هناك جديد حين هدد الرئيس الأمريكي ترامب؛ الدول التي ستصوت لصالح قرار الجمعية العامة الخاص بالقدس بمنع المعونة عنها.

إلا أن مجرد خفض قيمة المعونة، وليس قطعها، يخضع لاعتبارت قومية للبلد المانح؛ تتجاوز مسألة التصويت لصالح قرار غير ملزم للجمعية العامة، فالمصالح العسكرية للولايات بمنطقة الشرق الأوسط ستدفعها لمواصلة معوناتها العسكرية لدول المنطقة خاصة لمصر والعراق والأردن، بغض النظر عن تصويتها لصالح القرار.

 

المصالح العسكرية للولايات بمنطقة الشرق الأوسط ستدفعها لمواصلة معوناتها العسكرية لدول المنطقة خاصة لمصر والعراق والأردن، بغض النظر عن تصويتها لصالح القرار


وتمثل المعونات الاقتصادية للولايات المتحدة وسيلة نفاذ وترويج للسلع الأمريكية بالأسواق الدولية، في ظل اقتصاد يعاني من عجز تجاري مزمن ضخم، ولهذا ستستمر المعونات الاقتصادية لغالبية الدول التي صوتت لصالح القرار؛ لأن المعونات تصب في صالح الصادرات الأمريكية، ومن غير المعقول أن يفكر الصياد في قيمة الطعم الذي يصطاد به السمك!


ولهذا توسعت الولايات المتحدة بالمعونات الدولية لتحتل المركز الأول بين دول العالم، لتبلغ بالعام الماضى حسب منظمة التعاون والتنمية 33.6 مليار دولار، وحسب هيئة المعونة الأمريكية 35.5 مليار دولار، وحسب بيانات الجهتين لم تقل قيمتها عن الثلاثين مليارا من الدولارات في السنوات الخمس الأخيرة.

24 في المئة من معونات العالم أمريكية

ورغم استحواذ الولايات المتحدة على نسبة 24 في المئة، من إجمالى معونات دول لجنة المساعدات الدولية (داك) التسع والعشرين، والبالغة 143 مليار دولار، إلا أن نسبة المعونات الأمريكية للدخل القومي فيها؛ لم تحقق النسبة التي دعت الأمم المتحدة الدول إليها، والبالغة سبعة بالألف، لتقل النسبة عن 2 في الألف، ليصبح ترتيبها الثاني والعشرين بين دول "داك".

وتشير بيانات الموازنة الأمريكية لتخصيص نحو 25.3 مليار دولار للمعونات في عام 2018، موزعة بنسبة 31 في المئة للسلام والأمن ومكافحة الإرهاب وتخفيف حدة الصراعات ومكافحة المخدرات، و30 في المئة للاستثمار في البشر، خاصة بالصحة والتعليم، و21 في المئة للمساعدات الإنسانية، و7 في المئة للنمو الاقتصادي من تجارة واستثمار وتمويل وبنية أساسية وزراعة ومؤسسات اقتصاد كلي، و6 في المئة لعدالة الحكم والديمقراطية والمجتمع المدني، وأقل من 6 في المئة لدعم البرامج.

ويحقق تنوع مجالات المعونة إمكانية؛ إطلاع هيئة المعونات الأمريكية على أدق التفاصيل، عن عادات وتقاليد السكان والاقتصاد والثقافة والتكنولوجيا في البلد المتلقية للمعونة، بما يساعد صانع القرار الأمريكي سياسيا واقتصاديا في التعامل مع ذلك البلد.

وكان التوزيع النسبي لمعونات الولايات المتحدة في عام 2016، قد تضمن توجيه نسبة 51 في المئة للبنية الأساسية الإجتماعية من تعليم وصحة وسكان ومياه شرب وصرف صحى، و13 في المئة للحكومة والمجتمع المدني، و5 في المئة للبنية الأساسية الاقتصادية من نقل واتصالات وطاقة، و5 في المئة للإنتاج، من زراعة وصناعة وتعدين وتشييد وتجارة وسياحة، و 5 في المئة للقطاعات الأخرى، من مساعدات إنسانية ومصروفات إدارية.

أعلى المعونات لإسرائيل

وحسب بيانات الموازنة الأمريكية توزعت المعونات الأمريكية عام 2017 على الأقاليم الجغرافية، بنحو 7.3 مليار لدول الشرق الأدنى، وأبرزها إسرائيل ومصر والأردن والعراق، و7.1 مليار للدول الأفريقية، وأكثرها في كينيا ونيجيريا وتنزانيا وأثيوبيا وأوغندا، و2.6 مليار دولار لدول جنوب ووسط آسيا؛ كان أكبرها في أفغانستان وباكستان وبنجلاديش ونيبال، و1.7 مليار دولار في الأمريكيتين، وكان أعلاها بكولومبيا وهايتي وجواتيمالا والمكسيك وهندوراس، و787 مليون دولار لأوروبا وأوروآسيا؛ كان أعلاها في أوكرانيا وجورجيا ومولدافا وكوسوفو والبوسنة والهرسك، و873 مليون دولار بشرق آسيا والباسفيكي؛ كان أكبرها بالفلبين وأندونسيا وبورما وفيتنام.

 

 

ترتبط قيمة المعونات بمصالح الولايات المتحدة بهذه الدولة أو تلك

وهكذا ترتبط قيمة المعونات بمصالح الولايات المتحدة بهذه الدولة أو تلك، حيث تركزت المعونات في فترة لخدمة الحرب بأفغانستان، وفي فترة لخدمة الحرب بالعراق، كما زادت الولايات المتحدة معوناتها لدول شرق أوروبا التي انفصلت عن التوجه الروسي، كما زادت مساعداتها لسوريا بعد الحرب الأهلية منذ عام 2011، وانخفضت المعونات لمصر جزئيا بعد انقلاب تموز/ يوليو 2013 جزئيا، في ضوء تقارب قائد الانقلاب مع روسيا.

وباستعراض أعلى عشر دول، حسب تخصيص معونات 2017، تصدرت إسرائيل بنحو 3.1 مليار دولار، تليها مصر بمليار و457 مليون دولار، وأفغانستان بمليار و250 مليون دولار، والأردن بمليار دولار، وباكستان بـ742 مليون دولار، وفي المركز السادس كينيا، تليها نيجيريا وتنزانيا وأثيوبيا والعراق؛ بنحو 510 ملايين دولار.

ومعظم تلك المعونات لدول الشرق الأوسط؛ في مواقع الصدارة عسكريا، بالمقارنة بالمعونات الاقتصادية، لتظل عجلة صناعة السلاح الأمريكية دائرة، والتي تحرك بدورها عجلة الاقتصاد الأمريكي. ولذلك انتشرت مقولة بين خبراء الاقتصاد؛ مفادها أن المعونات الأمريكية تحقق مصالح للولايات المتحدة، أكثر من المنافع التي تحصل عليها الدولة المتلقية للمعونة.

التعليقات (0)