صحافة دولية

نيويورك تايمز: بعد خضوع صنعاء للحوثيين.. اليمن إلى أين؟

نيويورك تايمز: الحوثيون أحكموا سيطرتهم على صنعاء ورجال صالح تحت الإقامة الجبرية- أ ف ب
نيويورك تايمز: الحوثيون أحكموا سيطرتهم على صنعاء ورجال صالح تحت الإقامة الجبرية- أ ف ب

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أعده بن هبارد، عن الحرب اليمنية، تحت عنوان  "الحرب في اليمن تدخل مرحلة قاتمة، حيث يضغط المتمردون العاصمة". 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن المتمردين الحوثيين، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء، شددوا من سيطرتهم على العاصمة اليمنية في الأسابيع القليلة الماضية، وقيدوا استخدام الإنترنت، وأغلقوا مواقع التواصل الاجتماعي، وأرسلوا المسلحين لمداهمة بيوت من يعتقدون أنهم معارضون لهم، لافتا ألى أن مئات الأشخاص تم اعتقالهم، فيما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بدرجة عالية وسط أزمة إنسانية كبيرة.

 

ويقول الكاتب إن "عملية السيطرة على السلطة من المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران تمثل فصلا جديدا، وتضع قيودا أمام الجهود الدولية لإنهاء الأزمة، وتكشف الحملة عن فشل أعداء الحوثيين، الذين يضمون السعودية وغيرها من الدول العربية، وتحويل العزلة السياسية التي يعاني منها الحوثيون إلى نجاح سياسي". 

وتلفت الصحيفة إلى أن شهر كانون الأول/ ديسمبر بدأ بحادث غيّر مسار الحرب، وهو مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، على يد حلفائه الحوثيين، حيث ظل صالح رئيسا لليمن على مدار أكثر من ثلاثة عقود قبل أن يدفع لترك الحكم من خلال ثورة شعبية عام 2012، وقدم من خلال تحالفه مع الحوثيين المسلحين من شمال اليمن الذكاء والمناورة السياسية والتجربة العسكرية، مشيرا إلى أن حزب صالح المؤتمر الشعبي العام قاعدة سياسية واسعة للحوثيين أبعد من قاعدتهم في شمال البلاد. 

 

ويستدرك هبارد بأن صالح قال قبل وفاته إنه يريد فتح صفحة جديدة مع دول التحالف الذي تقوده السعودية، وشجب الحوثيين الذين قتلوه في 4 كانون الأول/ ديسمبر، منوها إلى أن السعوديين ظلوا يحاولون شق صالح والحوثيين، وعندما حدث ذلك فإنهم فشلوا في استغلال الأزمة وزيادة عزلة المتمردين، الذين عملوا ما باستطاعتهم للتأكد من أن أتباع صالح لا يشكلون تهديدا عليهم، وقاموا بحملة قمع وملاحقة في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتهم، حيث اعتقل مسلحو الحوثيين المئات من أنصار صالح، بحسب ما قال عادل الشوقا، وهو أحد قادة حزب صالح. 

 

وتنقل الصحيفة عن الشوقا، قوله إن حوالي 35 من قاعدة الحزب الـ50 لا يزالون في صنعاء، منهم 15 تحت الإقامة الجبرية، أما البقية فهم مختبئون، ويحاولون البحث عن طرق للهروب من المدينة، ويضيف الشوقا الذي يقيم في القاهرة اليوم: "إنهم يعيشون في خوف.. ويقضون الوقت كله وهم يتساءلون عما إذا كان سيقبض عليهم". 

 

وينوه التقرير إلى أن مقتل صالح جاء بعد أن قام بالاتصال مع السعوديين  وحلفائهم، الذين أملوا أن يقوم هو والموالون له بحرف مسار الحرب لصالحهم، لافتا إلى أنه حتى الدول الغربية، بمن فيها الولايات المتحدة، فإنها عبرت عن أملها بأداء صالح وحزبه دورا في التفاوض من أجل وقف الحرب، التي بدأت عندما سيطر الحوثيون على مدينة صنعاء في أيلول/ سبتمبر 2014، بمساعدة من الموالين لصالح. 

 

ويذكر الكاتب أنه بعد أشهر من ذلك، قام تحالف بقيادة السعودية بحملة جوية ضد الحوثيين، بشكل فاقم الأزمة الإنسانية، حيث يقول مسؤولون في حزب صالح إنه بدلا من حرف مسار الحزب ضد الحوثيين، فإن وفاة صالح قامت بتدميره. 

 

وبحسب الصحيفة فإن حزب المؤتمر الشعبي العام لم يكن متحدا حول رؤية واحدة بقدر ما وحده صالح، من خلال قدرته على رعاية الموالين له، مستدركة بأنه رغم غضب أفراد الحزب على قتل الحوثيين لصالح، إلا أن عددا قليلا منهم أراد تغيير موقفه والانضمام للتحالف السعودي، الذي يقوم بضرب اليمن من الجو، ومن كانوا يريدون قتال الحوثيين لم تكن لديهم القدرة على القيام بهذا الأمر. 

 

ويورد التقرير نقلا عن الصحافي اليمني في صنعاء عاصم الشمري، قوله: "هناك حالة من اليأس تعم السكان بعد مقتل صالح، الذي رأوا فيه الحل الأخير للتخلص من الأزمة"، وأضاف أن العاصمة "تشهد أسوأ الأيام من الناحية الإنسانية والعسكرية والنفسية والسياسية، ويعم القلق الجميع"، حيث يشعر الكثير من الحوثيين بأنهم دمروا حزب صالح. 

 

ويبين هبارد أن أحد قادة الحوثيين، ويدعى أحمد عبد الولي الذهب، قال في مقابلة معه إن "الحزب ميت"، وأضاف في مكالمة هاتفية: "من هم تحت الإقامة الجبرية لن يستطيعوا التواصل مع أي أحد، ولا يمكنهم التحرك، أما البقية فهم هاربون". 

 

وتكشف الصحيفة عن أن الحوثيين استخدموا سيطرتهم على الاتصالات، وقاموا بإغلاق الإنترنت لأيام، ومنعوا مواقع التواصل الاجتماعي، مثل "فيسبوك"؛ من أجل منع أي طرف من التآمر ضدهم، وقال الذهب: "الأمر ليس صعبا، فلدينا الكثير من شركات الاتصالات في صنعاء، يعمل فيها الكثير من الأشخاص الذين درسوا في الخارج، وعلينا وقف أعدائنا من التواصل مع بعضهم".

 

ويفيد التقرير بأن بعض المحللين يتوقعون حدوث عزلة للحوثيين، خاصة بعد أن يجدوا صعوبة في إدارة المعارضة ضدهم، أو لعدم توفر المال، بشكل يعقد عليهم مهمة توفير الخدمات في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم الفعلية، مشيرا إلى أن المناطق الواقعة تحت سيطرتهم تعاني من نقص حاد في الخدمات الكهربائية، وهو ما أدى إلى انتشار أكبر كارثة وباء للكوليرا في الأزمنة الحديثة، فيما لم يحصل الكثير من الموظفين في المؤسسات المدنية على رواتبهم منذ أشهر، ما دفع الكثير من العائلات إلى حافة الفقر. 

 

ويؤكد الكاتب أنه في الوقت ذاته، فإن التحالف السعودي صعّد من هجماته الجوية، لافتا إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي والشيخ محمد بن زايد قابلا في هذا الشهر زعيم حزب الإصلاح، الذي يعد واحدا من فروع الإخوان المسلمين، الذين تعدهم السعودية والإمارات جماعة إرهابية، ويقول المسؤولون الإماراتيون إن الحزب قطع علاقاته مع حركة الإخوان المسلمين الدولية, وهو أمر كاف في بحث الدول الخليجية عن حلفاء جدد. 

 

وتنقل الصحيفة عن السكرتير العام للحزب عبدالله الأنسي، قوله عبر الهاتف من الرياض، إن هذا اللقاء يعد "نقطة تحول"، وطلب من الحزب أن يحاول التواصل مع بقايا حزب صالح للتعاون معا ضد الحوثيين، وأضاف: "لم يحققوا الكثير حتى الآن.. نواجه مرحلة صعبة". 

 

وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول الأنسي: "هي أيام غامضة، وسنحتاج إلى وقت طويل لنكون فكرة واضحة عما يجري في صنعاء".

التعليقات (0)